تونس - يُسارع الآباء في جزيرة جربة التونسية لشراء حلوى "السردوك"، فلا سبيل للعودة إلى البيت والدّخول على أبنائهم بدونها. "هذا هو جواز السفر إذا أراد أي جربي الدخول إلى بيته وعلى أبنائه" في رمضان، هكذا قال رشيد بن سليمان، من سكان جزيرة جربة، وهو يشير إلى قطع من حلوى "السردوك" التي بين يديه . وأوضح: "طيلة أيام شهر رمضان وعندما تدخل إلى البيت يسألك الصغار سؤالا واحدا، هل جلبت لنا حلوى السردوك أم لا ؟ وهو نفس السؤال الذي كنت أسأله إلى أبي عندما كنت صغيرا". و"السردوك" في اللهجة التونسية يعني "الديك"، وتّسمّى هذه الحلوى بهذا الاسم نسبة إلى شكلها الذي يتّخذ شكل "الديك". وحلوى "السردوك" عبارة على قطعة من الحلوى تتخذ شكل ديك صغير مشدودة بقطعة من عود النخل. ولهذه الحلوى عدة ألوان كالأصفر والأحمر والأخضر، لكن أشهرها تلك التي تمزج بين اللونين الأبيض والأحمر. وطوال شهر رمضان يُقبل الآباء على شراء هذا النوع من الحلوى ويصطحبون أبناءهم إلى السوق لاختيار ما يروق لهم منها، وهي عادة اعتاد عليها سكان جربة منذ عشرات السنين. ومساء كل يوم من رمضان تعج سوق الحلويات في مدينة حومة السوق بجزيرة جربة بالصغار الذين يقبلون على شراء هذه الحلوى، إذ تراهم يتواجدون بالقرب من صحن الحلوى بوجوههم المبتسمة، لاختيار الحلوى التي سيشترونها . عائلة واحدة تصنعها وفي جزيرة جربة وعلى مدى عشرات السنين تُعرف بعض العائلات بصنع هذه الحلوى، غير أنه في الأعوام القليلة الأخيرة بقيت عائلة واحدة فقط تصنعها. وبحسب كريم قعلول (48 عاما /حلواني) فإن عائلتهم الوحيدة التي بقيت وفيّة لصناعة حلوى السردوك. وقال قعلول: "في السابق كانت هنالك عائلات كثيرة تصنع هذه الحلوى مثل عائلة البيّار وعائلة التفشينّي وعائلة قعلول، أما الآن فعائلتنا فقط بقيت تصنع حلوى السردوك " . وبحسب قعلول فإن تاريخ صناعة هذه الحلوى يعود إلى عام 1965. وحول طريقة صنعها قال: "تُصنع هذه الحلوى من اللّيمون والسكّر والماء والصبغة (ملوّنات غذائية) وتصنع من خلال العلك باليدين وتطويعها لتتّخذ شكل الديك". وتُباع هذه الحلوى في أسواق جزيرة جربة فقط، غير أن البعض من التونسيين القاطنين في المدن المجاورة يقدمون إلى الجزيرة خصّيصا لشرائها لأبنائهم خلال شهر رمضان. وتباع القطعة الواحدة من حلوى السردوك بـ300 مليم (نحو 0.1 دولار ). ووفق نوفل قعلول بائع بالجملة، فإن هذا الثمن يعتبر مناسبا جدا لكل التونسيين. وقال نوفل: "بالنظر إلى الجهد الكبير الذي نقوم به لصناعة هذه الحلوى فإن ثمنها يعتبر زهيدا جدا". آلاف القطع تباع يوميا وقال قعلول: "نبيع يوميا بين 8 آلاف إلى 10 آلاف قطعة في كامل أسواق الجزيرة سواء في مدينة حومة السوق (مركز الجزيرة) أو في المدن القريبة الأخرى مثل مليتة أو آجيم. وتُباع هذه الحلوى في شهر رمضان فقط، إذ يبدأ موسمها مع أول يوم من الشهر، وينتهي بزواله. وقال نوفل قعلول: "هذه الحلوى مخصصة لشهر رمضان فقط، ولا نريد بيعها في سائر الأيّام حتى لا تغيب نكهتها".
مشاركة :