باريس ـ نظم المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح، ندوة خاصة حول فلسفة الموت ودلالته ومعانيه بحضور نخبة فكرية وفنية وأدبية، بمشاركة الشاعر القس جوزيف موسى ايليا، الفنان والمخرح المسرحي د. جبار خماط حسن، الشاعرة د. فاطمة ناعوت، الأديب والفنان يوسف صبري، الروائي عماد البليك، الشاعر زكريا شيخ أحمد، الشاعرة إخلاص فرنسيس، الشاعرة د. سليمة مسعودي، الكاتبة د. جميلة الوطني، الناقدة د. منى براهيمي، الروائي محمد فتحي المقداد، الكاتب مراد فريد، الفنانة هنا حلمي، الروائي عمر سعيد، والشاعرة درية فرحات، وذلك مساء الجمعة 7 مايو/آيار الجاري، بمتابعة المئات للبث المباشر، ويوجد توثيق كامل للندوة على قناة يوتيوب المنتدى العربي الأوروبي للسينما والمسرح. في إفتتاحية الندوة رحب حميد عقبي بالضيوف منوها أن هذه الندوة والتي تتزامن مع اليوم الثالث لوفاة والده العزيز، وكان مقررا عمل ندوة عن العيادة المسرحية واستضافة الفنان د. جبار خماط وبسبب المصاب الأليم، تم تغيير الموضوع وتأجيل ندوة العيادة لبعد عطلة عيد الفطر المبارك، كما أكد بأنه لا تغييرات لبرامج المنتدى حيث سينطلق ملتقى الإبداعات السردية في العشرين من مايو/آيار الجاري. تحدث في البداية القس الشاعر السوري جوزيف ايليا معزيا حميد عقبي وكل من فقد قريبا وعزيزا، وقال: الموت إذا كان له فلسفة فهو لن يترك أحدا، وهو حقيقة مؤكدة وقرأ مقتطفات شعرية استهلها بقوله: إنْ متُّ يومًا لا تقولوا: كانا ** بل فلتقولوا: قد مضى حيرانا من كانتِ الدّنيا بماءِ كلامِهِ ** تُروى يغادرُ نبعَها ظمآنا ثم تحدث الفنان المسرحي العراقي د. جبار خماط، متمنيا أن تكون هذه الندوة صدقة جارية للفقيد، وفي مداخلته تحدث أن الموت كائن حي، لانه يرافقك كظلك لكنك قد تتناساه، وهو معك أينما تذهب، وهو رحلة إلى اللامرئي وإن توقف الجسد وهذه الرحلة لا يعرفها إلا الموتى. الموتى ينتقلون لعالم أكثر رحابة من عالمنا وفيه سعادة كبرى، وهنالك ديمقراطية بالموت فكل الناس تموت بمختلف أجناسها وطبقاتها ومراكزها، أي حتمية تاريخية، ولعل من المهم فهمه أنه يحدث توازنات بالحياة، فالموت مخلوق وهو ليس عقابا أي هو قدرنا المؤجل، فالموت واحد وأشكاله متعددة، وشرح العديد من النقاط لفهم فلسفة الموت. ثم شارك الشاعر الأديب السوري صبري يوسف بقراءة مقتطفات من قصيدته موتُنا مؤجَّلٌ إلى حين، نقتطف منها: يتبرعمُ الإنسانُ على وجهِ الدُّنيا كشهقةِ فرحٍ كسنبلةٍ تشمخُ اخضراراً حاملاً شهقةَ الموتِ بينَ جَناحيهِ حاملاً رؤى عطشى لنداوةِ المطرِ رؤى من نورِ الأعالي وجعٌ يزدادُ هطولاً في خضمِّ العمرِ يعبرُ الموتُ لهفةَ الأنسِ منساباً كتلألؤاتِ الشُّموعِ لا نملكُ على وجهِ الدُّنيا سوى أعمارِنا القصيرةِ سوى دموعِنا السَّاخناتِ! ثم تحدث الروائي الناقد عماد البليك والذي حاول شرح عدة محاور حول فهم الموت، ويرى أن للموت بعدا فلسفيا، وأن السؤال يحيلنا للحياة كونها غامضة، وأيضا عالم ما قبل الحياة، فكل هذه العوالم متصلة ومترابطه وشرح هذا البعد ثم تحدث عن نظرة المجتمع السوداني للموت، والذي يعطي للموت أبعادا درامية مثل النعي والندب والحزن. في مداخلته الثانية نوه القس جويف لعدة نقاط مهمة واستهل في البداية بمقولة للنبي سليمان تقول: للولادة وقت وللموت وقت، إذن الموت حقيقة ولكن سؤال من يموت؟ من هو الذي يموت؟ عشبة الخلود موجودة وإن هلك الجسد وعلينا كجلجامش نفتش عنها. وقرأ نصا شعريا بليغا يوضح أن الميت الحقيقي هو الذي لا يقدم شيئا للحياة: دعِ الموتى لموتاهم ** وقمْ مستنكِرًا موتَكْ لكَ الدّنيا فعشْ فيها ** قويًّا مطلِقًا صوتَكْ ومهما ثارَ بحرُكَ لا ** تلِنْ واركبْ بهِ حُوتَكْ تصلْ للمبتغى حُرًّا ** ولن تُفنيْ يدٌ قُوْتَكْ مِنَ الآنَ انتفِضْ هيّا ** وليتكَ تبتدي ليتَكْ بذا تحظى بما يحلو ** وتبني شامخًا بيتَكْ كرومُكَ فيهِ ناضجةٌ ** وتلقى نابعًا زيتَكْ وفي غرفٍ مِنَ المعنى ** ترتِّبُ دافئًا تختَكْ وفي حقلِ الخلودِ أقِمْ ** تداعبُ كفُّهُ توتَكْ وفيهِ نهرُ أمجادٍ ** سيجري ماؤهُ تحتَكْ ثم تحدثت الشاعرة المصرية د. فاطمة ناعوت فنوهت لبعض الفروقات في التعامل مع الموت بين المسيحيين والمسلمين، فالمسيحيون يحزنون ولكن لا نجد العويل والصراخ في جنازاتهم باعتبار الموت إنتقالا، فالجسد وعاء للروح وشرحت أن هذا يقترب جدا من الفكر الفرعوني والذي يؤمن بحياة ثانية بعد الموت، متحدثة عن "كتاب الموت" بمعنى العبور للضفة الثانية، فالحياة هي ظلمة وعبر الموت ننتقل للنور، وهذا الكتاب اسمه الحقيقي "الخروج إلى النهار". وتلفت ناعوت لنقاط مهمة ومثيرة. تواصلت النقاشات لاكثر من ساعتين ونصف بوجهات نظر متعددة ومتنوعة، واتسم النقاش بالهدوء واحترام وجهات نظر الآخر دون تشنجات. ولذلك أدعوكم الرجوع لرابط الندوة لسماعها كاملة.
مشاركة :