توقع أولي سلوث هانسن، رئيس استراتيجيات السلع لدى ساكسو بنك أن تتعافى أسعار النفط على المدى المتوسط مع التراجع في مستويات المعروض عالمياً نتيجة تراجع أسعار البترول العالمية إلى مستويات لم تعد معه الكثير من الاستثمارات في القطاع مجدية، وبخاصة إنتاج النفط الصخري الذي شهد تراجعاً كبيراً في الولايات المتحدة في الآونة الأخيرة، فإنتاجه لا يكون مجدياً اقتصادياً أو مربحاً عند أقل من 60 دولاراً للبرميل. رجح هانسن أن يصل سعر برميل برنت على المدى القصير، خلال الأشهر القليلة المقبلة، إلى 55 دولاراً بحد أقصى، وأوضح في حديث مع الخليج على هامش مؤتمر صحفي أمس في دبي أن السبب في تواضع توقعاته لأسعار النفط في الأشهر القليلة القادمة، رغم تراجع المعروض العالمي نسبياً، إنما يرجع للانخفاض في مستويات الطلب العالمية على النفط الخام. إلا إنه توقع أن يتحسن الوضع في الفترة القادمة مع المزيد من التوازن العالمي في حركة العرض والطلب على البترول، حيث يتوقع أن يتعافى الطلب العالمي بصورة أكبر في المرحلة المقبلة، وأن يواصل المعروض الانخفاض مع استقرار الأسعار عند مستويات منخفضة في الفترة القادمة. ويتوقع هانسن أن تتعافى الأسعار بعد ذلك لترتفع إلى 60 دولاراً للبرميل في 2016، ولتواصل التعافي إلى مستويات أعلى تصل إلى 80 دولاراً بحلول عام 2017 و2018. وقال إن هذا المستوى كاف لإعادة استقطاب الاستثمارات إلى القطاع من جديد. وقال إن الأسعار الحالية تعد خسارة بالنسبة لجميع الأطراف ذات الصلة، فما من أحد مستفيد في ظل الأسعار المتدنية التي وصل لها النفط الخام في الوقت الحاضر. من جهة أخرى استبعد هانسن أن يكون لرفع العقوبات عن إيران انعكاسات واضحة على أسعار النفط العالمية في المرحلة القادمة، وقال إن الأسواق بالفعل أخذت في حساباتها تبعات رفع العقوبات، وبالتالي فمن غير المتوقع أن نرى أية تأثيرات مهمة في الأسعار حتى في حال تمكنت إيران من رفع الإنتاج بما يتراوح بين نصف إلى مليون برميل. وقال إنه من المستبعد أن يتحقق ذلك في المستقبل القريب إذ يتطلب ضخ استثمارات كبيرة في القطاع. حالة عدم الثقة وتحدث عن أداء أسواق السلع العالمية بصفة عامة قائلاً إنها قد تشهد نقطة تحول مهمة للتعافي خلال الأشهر الستة القادمة. وأوضح هانسن أنه وبعد تسعة شهور عاصفة بالأحداث السياسية والاجتماعية في أوروبا والشرق الأوسط، وبعد حالة عدم الثقة الواسعة التي اعترت الأسواق نتيجة للأزمات الاقتصادية الكبرى في كل من اليونان والصين وروسيا، فإن الظرف الحالي يتيح التفاؤل بأن الأشهر الثلاثة القادمة قد تشهد تهدئة لحالة الاضطراب التي تسود الأسواق العالمية، لتدخل هذه الأسواق عام 2016 في حالة أفضل. وأضاف هانسن: نحن نشهد اليوم ضوءاً في آخر النفق الطويل الذي مررنا به، خصوصاً بالنسبة للنفط والمعادن الثمينة. فقد أثبت الذهب قوته خلال الأسابيع الماضية، في حين بدأت أسواق النفط تشهد استقراراً ملحوظاً مع تراجع العرض من الدول المنتجة من خارج أوبك، مع استمرار قوة الطلب الناتج عن ارتفاع الاستهلاك في الدول المستوردة للنفط مدفوعاً بانخفاض الأسعار. وقال إن التطورات المتسارعة على ساحة الاقتصاد العالمي في الفترة الأخيرة من شأنها أن تعزز الطلب على الذهب، ولفت إلى أن هناك بالفعل نمواً لافتاً في مستويات الطلب مؤخراً من قبل الهند والصين على المعدن الثمين، الأمر الذي يمكن أن يمنع الأسعار من المزيد من التراجع. وأضاف قائلاً إن الأسعار الراهنة تقل بالفعل عن توقعات البنك السابقة وبفارق 100 دولار تقريباً. وقال إنه في حال كسرت الأسعار حاجز 1800 دولار في المرحلة المقبلة، فليس من المستبعد أن نرى الأسعار تتراجع إلى أقل من 1000 دولار للأونصة. وتابع هانسن: على الرغم من تراجع المكاسب في سوق السلع التي نشأت عن سنوات الانتعاش الاقتصادي الصيني، أثبت كل من الذهب والفضة مقاومتهما لهذا التراجع في عدة مناسبات في الماضي، ويُنتظر أن نشهد حالة مماثلة قريباً. وقد أدى الارتفاع في العرض إلى تراجع الأسعار، إلا أن أفضل علاج لانخفاض الأسعار هو انخفاض الأسعار ذاته. وتسود اليوم حالة من التفاؤل الحقيقي بأننا سنشهد صورة مختلفة تماماً في أسواق السلع العالمية في مثل هذا الوقت من العام القادم، فالتوقعات إيجابية عموماً على الرغم من الحذر الذي يشوبها. تأخير رفع الفائدة الأمريكية يساعد في التحكم بالتقلبات على الرغم من وجود تحديات مهمة على المدى القريب، خصوصاً فيما يتعلق بآثار القرار المرتقب من الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي برفع معدلات الفائدة، إلا أن هانسن يعتقد أن قرار اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة الأسبوع الماضي بتأخير رفع معدلات الفائدة سيساعد في التحكم بتقلبات السوق على المدى القريب. وأوضح هانسن هذه المسألة قائلاً: على الرغم من حفاظ بيانات التوظيف وأنشطة السوق الأمريكية على حيويتها، فقد لعبت عوامل مثل التطورات الأخيرة في سوق السلع وتقلبات السوق الحادة التي شهدناها في أواسط أغسطس، إلى جانب التغييرات في سياسة أسعار صرف العملة الصينية، دوراً مهماً في ثني الاحتياطي الفيدرالي عن رفع معدلات الفائدة في الاجتماع الأخير، ودفعه للحفاظ على الوضع الراهن حالياً. من البديهي أن يمثل الانخفاض في أسعار النفط والانكماش الاقتصادي عوامل قلق، إلا أن أسوأ ما يمكن أن يواجهه الاحتياطي الفيدرالي هو أن يطبق سياسات تقشفية اليوم، ويجد نفسه مضطراً للتخلي عنها بعد بضعة أشهر. ويدل التوتر الحالي على أن من المحتمل أن نشهد انتعاشاً هامشياً لسوق السلع خلال هذا العام، قبل عودة حالة عدم الثقة انتظاراً لاجتماع اللجنة الفيدرالية للأسواق المفتوحة المقبل في شهر ديسمبر.
مشاركة :