سطّره التاريخ من أقدم المساجد في منطقة الأحساء، ويمتاز بطرازه الفريد في عمارته وتصميمه وطابعه الروحاني وتراثه الأحسائي الأصيل، ويحمل بين جنباته عبق الماضي، وتفوح من جداره رائحة الطين القديمة، مع نسمات الهواء العليل. هو مسجد القبة بالأحساء الذي يعد من أقدم المساجد الأثرية وأحد أهم معالم التراث العمراني، والعلامة المميزة على المستوى الثقافي والتاريخي لمحافظة الأحساء. يقع مسجد القبة التاريخي في حي الكوت شمال مدينة الهفوف التاريخية داخل الأسوار الحصينة لقصر إبراهيم الأثري، وتحديدًا في الطرف الجنوبي الشرقي من سوق القيصرية الأول الواقع داخل قلعة الكوت التاريخية، حيث بُني ضمن مجمع معماري كبير يضم مسجداً جامعاً، ومدرسة علم شرعي، وكُتَّاباً لتعليم الصبيان القرآن الكريم. واستغرق بناء مجمع مسجد القبة نحو خمس سنوات، بُدئت عمارته من عام 974هـ، وانتهى بناؤه في عام 979هـ، وقد عُرف المسجد محلياً بالقبة، نسبة إلى القبة الضخمة التي تعلوه. ويتكون التخطيط المعماري لمسجد القبة من بناء مربع، طول ضلعه من الخارج 19م، ويشتمل المسجد على قاعة صلاة مغلقة مربعة الشكل يبلغ طول ضلعها 15.30م، فُتح فيها مدخلان رئيسان، وتبلغ مساحة الفراغ الداخلي لقاعة صلاة المسجد 234.09م، وغُطيت قاعة الصلاة بقبة مركزية كبيرة نصف كروية الشكل يبلغ قطرها 13م، ويكتنفها أربع قباب رمزية صغيرة توزعت على أركانها. وألحق بقاعة المسجد ثلاثة أروقة خارجية توزعت على جهات أضلاعها الثلاثة عدا جهة القبلة، وتكونت الأروقة الخارجية للمسجد من مظلة محمولة فوق “بائكة” تفتح على ساحة المسجد المكشوفة، مكونة من سلسلة عقود محمولة فوق أعمدة دائرية ضخمة، يعلوها سقف غُطي بقباب ضحلة مستديرة الشكل. ولمسجد القبة مئذنة ملتصقة بركنه الشمالي الشرقي، وبارزة عن كتلة حائط قاعة الصلاة، وقوام المئذنة بَدَن أسطواني مجوف من الداخل يضيق قليلاً كلما ارتفعت، يبلغ قطر بدنها 3.50م، ويصل ارتفاعها الكلي من مستوى سطح أرضية المسجد 19م. ويتم الدخول إلى قاعة الصلاة في مسجد القبة عبر مدخلين رئيسين يفتحان في ضلعي المسجد الشرقي والشمالي، ويمثل المدخل الشرقي الباب الرئيس للمسجد، وقوامه فتحة مستطيلة يعلوها عقد مدبب الشكل يزيّنه شريط زخرفي جميل، وقد علا مدخل المسجد لوحة تأسيسية بجصية، كُتب عليها بخط الثلث تاريخ عمارة المسجد. ويحرص زوار المنطقة عموماً وأهل الأحساء خصوصاً على الصلاة تحت سقفه طوال السنة بشكل عام وفي شهر رمضان بشكل خاص نظير ما يحمله من هندسة فريدة في العمارة والتصميم، وجماليات تزين جميع أركانه.
مشاركة :