كثّفت ميليشيات الحوثي حملات التجنيد في مناطق سيطرتها وإرسال المجندين إلى جبهات القتال باليمن، خاصة إلى محافظة مأرب، كما واصلت إلزام وجهاء وشيوخ المناطق بجمع التبرعات لما تسميه المجهود الحربي، مما فاقم معاناة السكان. وقالت مصادر قبلية لـ«الشرق الأوسط» إن قادة الجماعة الانقلابية ومشرفيها توجهوا إلى الأرياف لحشد مزيد من المقاتلين وألزموا شيوخ القبائل والوجهاء بإرسال مجندين أو إرغام السكان على دفع الأموال مقابل شراء مجندين بدلا عنهم. وشملت هذه الحملة، حسب المصادر، مناطق واسعة في محافظات حجة وريمة وذمار والمحويت وعمران، في حين تركزت عملية جمع الأموال في مناطق محافظتي إب والبيضاء، حيث تواجه الميليشيات ومندوبيها بعزوف غالبية الشباب عن الالتحاق بالقتال في صفوفهم. ووفق المصادر ذاتها، فإنه في ظل حالة الفقر الشديد التي يعيشها أكثر من 16 مليون يمني لا يملكون وجبات غذائية يومية، فإن الميليشيات التي أوقفت رواتب الموظفين منذ أربعة أعوام، فتحت باب الحصول على راتب شهري يبلغ مائة دولار إلى جانب تموينات غذائية لأسر المقاتلين من المساعدات التي توزعها المنظمات الأممية من خلال التحكم بقوائم المستفيدين ووضع أسماء أنصارها ومقاتليها في المقدمة كشرط للسماح للمنظمات الوسيطة بتوزيع المساعدات. ويقول أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف: «أغلقوا كل أبواب وسبل المعيشة أمامنا ولهذا فإن الناس بدلا من أن تموت جوعا توافق على إرسال أبنائها للقتال للحصول على مساعدات ومبلغ مالي يعينها على الحياة ولكن في الغالب يعود هؤلاء أشلاء في صندوق خشبي تأتي خصوصاً من جبهات محافظة مأرب». ويضيف «أعاق الحوثيون عمل المنظمات الإغاثية، وضايقوا التجار وأصحاب المحلات وحتى الباعة في الأرصفة بكثرة الجبايات وتعددها، والمنفذ الوحيد للحصول على راتب هو الالتحاق بالمعسكرات». وعن الموظفين المدنيين الذين يحصلون بشكل استثنائي على رواتب شهرية كبيرة يقول أحد الموظفين وهو مسؤول في إحدى الوزارات إن «الجهات التي تعمل في مناطق سيطرة الحوثيين هي الجهات الإيرادية، وهذه الجهات غالبا ما يكون على رأسها قيادات الجماعة أو عناصرها العقائديون، ومن يحصل على رواتب من الموظفين العاديين يلزم بالالتحاق بما تسمى الدورات الثقافية، وهي دورات تعبئة طائفية، لكنهم أيضا مطالبون بالمشاركة في القتال لفترات محددة باعتبار ذلك شرطا لاختبار مدى التزامهم بالفكر الطائفي وإخلاصهم». ويوضح الموظف الذي اشترط عدم ذكر اسمه لأسباب مرتبطة بالقمع الذي تمارسه ميليشيات الحوثي في حق من يعارضها، أن الميليشيات تحصل على مليارات الريالات شهريا من عائدات الاتصالات، حيث إن الكتلة السكانية الأكبر تقع في مناطق سيطرتها، وهي المناطق التي يمثل استهلاكها للاتصالات والإنترنت بنحو 60 في المائة مضافا إلى ذلك الجمارك الإضافية التي فرضتها على البضائع المستوردة عبر الموانئ التي تسيطر عليها الحكومة والضرائب والزكاة والجبايات الأخرى. وفي صنعاء يتحدث السكان بشكل علني عن الثراء الفاحش الذي ظهر به قادة الميليشيات ومشرفو الجماعة الموالية لإيران حيث تسبب ذلك في رفع أسعار الأراضي والعقارات بنسبة تفوق 200 في المائة، كما افتتح هؤلاء أسواقا تجارية ضخمة، واستولوا على مساحات كبيرة جداً من الأراضي والمرتفعات بحجة أنها أوقاف أو أملاك عامة، حيث استحدثوا هيئة خاصة بالأوقاف وضاعفوا بثلاث مرات مبالغ إيجار العقارات المملوكة لوزارة الأوقاف. وحسب مصادر تجارية فإن قيادة الميليشيات تجني مبالغ كبيرة من الشركات والأموال التي صادرتها من معارضيها، حيث استولت على شركتين خاصتين للاتصالات الهاتفية، هما «سبأ فون» و«واي» إلى جانب شركة «يمن موبايل» المملوكة للحكومة. وإلى جانب أن الجماعة تحتكر خدمة الإنترنت في كل محافظات البلاد وعائدات استهلاكه تورد إلى خزينتها، فإنها وضعت يدها على بنوك تجارية عدة، ووصل بها الأمر إلى المطالبة بمبالغ مالية ضخمة من بعض البنوك التجارية تحت اسم تسوية رسوم تراخيص عملها قبل أكثر من عشرين عاما أو ما يقولون إنها فوارق ضرائب.
مشاركة :