تم الإعلان مؤخراً عن عقد شراكة استثمارية ضخمة بين دولة الإمارات والهند بحجم 75 مليار دولار أميركي، إن الاستثمار في البنية التحية هو أحد أهم محفزات تعزيز التنافسية العالمية في الاقتصادات الناشئة اليوم. وخلال سنوات القرن العشرين كانت مشاريع البنية التحتية بمثابة «الأشغال العامة» في البلدان الصناعية، أما اليوم فحتى الاقتصادات الأكثر تقدماً عالمياً باتت تجد مشاريع بنيتها التحتية من جسور، ومطارات، وخطوط السكك الحديدية في حاجة للصيانة، ولذلك فإن اقتصادات الدول التي تتميز بالتفكير المستقبلي والتحرك السريع عملت على توظيف انفاقها في تطوير البنية التحتية كوسيلة ارتقاء لمراتب أعلى في التقدم. ويمكن القول إن تقرير التنافسية العالمية لهذا العام أكد هذه النظرة، حيث يقوم التقرير الذي يصدره المنتدى الاقتصادي العالمي سنوياً بترتيب تصنيف اقتصادات الدول العالمية بناءً على مؤشرات محددة. وتمثلت إحدى أكبر القفزات الكبيرة التي شهدها التقرير هذا العام ضمن نطاق البنية التحتية، في التقدم المتميز لترتيب دولة الإمارات العربية المتحدة على المستوى العالمي وهي التي نجحت في القفز من المرتبة التاسعة عشرة، لتصل إلى المرتبة الرابعة عالمياً، ولتحجز لنفسها بفضل ما حققته من تقدم كبير مكانةً مرموقة بين قائمة الدول الأكثر تميزاً في العالم، الأمر الذي جعل الاستفادة من خبراتها مطلباً عالمياً، وأثبت أن تصدير التنافسية يعزز تميز مكانة الاقتصادات العالمية. وبالتماشي مع مشاريع البنية التحتية المتكاملة في الإمارات، فإن لدى الدولة كذلك مرتكزات قوة متصلة بالمحركات الأساسية لتنافسية الاقتصاد، حيث حلت مؤسساتها في المرتبة التاسعة وفقاً لنتائج المؤشر هذا العام، وحققت المرتبة السابعة في مؤشر السياسات المالية العامة، الأمر الذي جعلها بمثابة المنصة الفعالة لتمكين التنمية المستدامة في القرن الحادي والعشرين. ويمكن كذلك رؤية تميز الإمارات بشكل واضح عبر فاعلية حركة بضائعها التي تصنف في المرتبة الثالثة، والأيدي العاملة التي حلت في المرتبة الحادية عشرة، والأسواق المالية التي أتت في المرتبة العشرين، والتي تعكس جميعها مكانة اقتصاد الدولة. ولكن قد يتساءل البعض عن أهمية ذلك، وهنا نقول إن كافة هذه العوامل مجتمعة باتت ضرورية لمنح الإمارات القاعدة اللازمة لتعزيز تنافسيتها في العصر الرقمي الحالي، وتحقيق الريادة والتميز فيه. ومن دون توافر القواعد الأساسية للتنافسية وتحقيق فاعلية الأسواق، فلن تستطيع الاقتصادات تطوير نفسها والانتقال لتصبح مبنية على محركات الابتكار والإبداع، ليتم تعريفها بما تضمه من مصادر غنية من الأشخاص المبدعين بدلاً من المصادر الطبيعية أو الموقع الجغرافي. إن هذه العوامل المحفزة للتنافسية هي الأسس الرئيسية لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة، حيث إن الموارد الطبيعية محدودة، وكذلك رؤوس الأموال المادية، أما رأس المال البشري فهو العامل الباقي. ومع التغير التكنولوجي، فالاقتصادات القادرة على ابتكار منتجات وخدمات متميزة جديدة، ستكون قادرة على تحقيق النجاح والرخاء والرفاهية لشعبها. ... المزيد
مشاركة :