لم تتخيل جيفوريا طارق من (الجنسية الباكستانية) يوماً أن تجد نفسها جسر عبور لأقدام البشر، بعد أن التصق جسدها بالأرض وفقدت قدرتها على النهوض، على رغم محاولاتها المتعددة، شعرت بأن ساعة موتها دنت، وبدأت تردد «الشهادتين» بأعلى صوتها، فكل ما حولها أشعرها بأنها رقم مضاف إلى أعداد المتوفين، ولكن «قدرة الله» أنقذتها، فلم تشعر بنفسها إلا وهي محاطة بعدد من الأجهزة الطبية داخل سيارة، وحولها وجوه لا تعرفها، إلا أن ما بعث الطمأنينة في نفسها هي تلك الابتسامات وعبارة «الحمد لله على سلامتك». وأضافت جيفوريا لـ«الحياة»: «أول ما خطر في بالي هو أن أسأل الموجودين معي في السيارة عن زوجي وأختي وزوجها، الذين كانوا إلى جانبي لحظة تعثري وسقوطي، ولماذا أنا هنا في سيارة الإسعاف»؟ وزادت: «كانت إجابات الكادر الطبي مريحة، وأكدوا أنهم سيتواصلون معهم في الحال، بعدما عرفوا اسمي وجنسيتي، وبالفعل تواصلت مع زوجي الذي لم يصب بأذى هو وأختي، في حين أن زوج أختي مايزال مفقوداً ولا نعلم عنه شيئاً»، لافتةً إلى أنهم «كانوا في طريقهم إلى رمي جمرة العقبة، وكان الوضع يسير على ما يرام، ولكن في دقائق معدودة بدأت أعداد الحجاج تتزايد، إلى أن ازدحم المكان بأعداد كبيرة منهم، عندها فقدت القدرة على التنفس، وشعرت بنفسي وأنا أرتطم بالأرض، وأصبحت تحت أقدام بشرية وأغمي علي، ولا أعرف كم المدة التي بقيت فيها على الأرض، ولم أشعر بنفسي إلا وأنا دخل سيارة الإسعاف». وأوضحت جيفوريا أنها «تعاني من إصابات في منطقة الحوض والأرجل، وأن أمنيتها الوحيدة هي إيجاد زوج أختها الذي كان معهم أثناء وقوع الحادثة». جيفوريا طارق، لست الوحيدة التي أصبحت جسراً لعبور الكتل، فالحاج ساكين ليف (من الجنسية الإندونيسية) وقع هو الآخر على الأرض، وأصيب في الرأس نتيجة هذا السقوط. وقال: «كان الزحام شديداً بين الحجاج، ولم أجد مخرجاً للنجاة أو الابتعاد عن الكتل البشرية التي كانت تتدافع بقوه، وفي لحظة لم أتمالك نفسي فارتطمت بالأرض، ولم أشعر بنفسي إلا هنا في المستشفي». وأما الحاجّة سعدية محمد (من الجنسية العراقية) فكانت أكثر حظاً من جفيوريا طارق وساكين ليف، إذ استطاعت الوصول إلى جمرة العقبة قبل ازدحام الطرق المؤدية إلى الجمرة. وقالت: «لم تكن هنالك أية صعوبة تذكر أثناء الذهاب لرمي جمرة العقبة، وكانت حركة السير جيدة ولا يوجد ازدحام، ولكنني فوجئت أثناء العودة بوجود ازدحام وتدافع بين الحجاج في طريقهم إلى رمي جمرة العقبة، ورأيت حالات عدة بعد عودتي إلى زوجي المنوم في مستشفى النور بمكة المكرمة إثر إصابته في المرارة».
مشاركة :