تعاف الاقتصاد الأمريكي خطر يهدد جنوب شرق آسيا

  • 5/11/2021
  • 21:35
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يجب أن تشعر دول جنوب شرق آسيا بالقلق في هذه الأوقات العصيبة التي تواجه فيها جائحة فيروس كورونا المستجد، وركود اقتصاداتها، مع تعاف سريع للاقتصاد الأمريكي. ووفقا لـ"الألمانية"، تحقق الولايات المتحدة معدلات نمو فائقة، كانت تعد في وقت من الأوقات أمرا غريبا، مع ارتفاع وتيرة التطعيم ضد فيروس كورونا على الأراضي الأمريكية. وفي المقابل تجد الاقتصادات الصاعدة في جنوب شرق آسيا نفسها عارية في مواجهة هذه التحديات، بحسب دانيال موس المحلل الاقتصادي. ويقول موس في تحليله الاقتصادي الذي نشرته وكالة "بلومبيرج" للأنباء "إن الاقتصاد الأمريكي يتعافى من كارثة عام 2020، وعلى عكس التعامل المضطرب للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترمب مع الأزمتين الصحية والاقتصادية في العام الماضي، يأتي الرئيس الحالي جو بايدن كما لو كان المجيء الثاني للرئيس الراحل فرانكلين دي روزفلت، الذي قاد الاقتصاد الأمريكي إلى الخروج من دائرة الكساد الكبير في ثلاثينيات القرن الـ20". كما أسهم مجلس الاحتياط الاتحادي "البنك المركزي الأمريكي" في تجنب انهيار مالي عالمي على وقع تداعيات جائحة كورونا. وقد كانت الأسواق الصاعدة في وقت من الأوقات أكثر جاذبية للاستثمارات، في ظل معدلات نمو عالية تعوض النقص في القوة العاملة الماهرة، وقصور الجوانب الصحية وقواعد الحوكمة، لكن يبدو أن هذه الأسواق فقدت قوتها الآن. وهذا التحول ستكون له آثار كبيرة في كيفية إدارة دول مثل إندونيسيا وماليزيا وتايلاند وفيتنام اقتصاداتها خلال الأعوام القليلة المقبلة، فعادة ما يكون النمو الأقل من المستهدف مع معدلات تضخم منخفضة دافعا أو مبررا لخفض جديد في أسعار الفائدة وزيادة كبيرة في الإنفاق الحكومي. ومع ذلك تبدو السياسة النقدية الراهنة عصية على التغيير في ظل سياسة التخفيف الكمي القوية في العام الماضي، كما أن عودة الولايات المتحدة إلى النمو وزيادة أسعار الفائدة، ستوجد مشكلة لتلك الدول. فمع احتمال اتجاه مجلس الاحتياط الاتحادي الأمريكي إلى سحب إجراءات التحفيز النقدي ورفع الفائدة، ستواجه الأسواق الناشئة خطر خروج رؤوس الأموال منها، وهو أمر آخر يجب أن تستعد تلك الأسواق للتعامل معه والتصدي له، بحسب دانيال موس. وفي حين من المتوقع نمو الاقتصاد الأمريكي خلال العام الحالي بأكثر من 7 في المائة، وهو ما لم يحدث لأكبر اقتصاد في العالم منذ 1984، وسجل اقتصاد إندونيسيا وهو أكبر اقتصادات جنوب شرق آسيا انكماشا أكبر من المتوقع خلال الربع الأول من العام الحالي بمعدل 0.7 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، ليواصل انكماشه للربع الرابع على التوالي. وفي الوقت نفسه فإن أداء الاقتصاد الإندونيسي تحسن نسبيا خلال الربع الأول بعد انكماشه بمعدل 2.2 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي. وفي تايلاند حذر البنك المركزي من أن الموجة الحالية من إصابات فيروس كورونا المستجد تهدد توقعات بنمو الاقتصاد بمعدل 3 في المائة، خلال العام الحالي وهو معدل ضعيف أساسا، كما حذر البنك المركزي الماليزي من سيناريو مماثل. وكان الاقتصاد الماليزي قد انكمش بمعدل 3.4 في المائة خلال الربع الأخير من العام الماضي، في حين يتوقع المحللون تراجعا بنسبة أقل خلال الربع الأول من العام الحالي. ويرى دانيال موس أن جائحة كورونا يمكن أن تدفن في النهاية الآمال في استمرار قدرة الاقتصادات الصاعدة في جنوب شرق آسيا على استعادة معدلات النمو التي سجلتها قبل الأزمة المالية الآسيوية في أواخر تسعينيات القرن الـ20 التي دفعت العالم إلى إطلاق تعبير النمور الآسيوية عليها. فمنذ ذلك الحين طغى الصعود الصيني القوي على اقتصادات المنطقة التي اعتادت الحياة مع معدلات نمو أعلى من معدلات الدول المتقدمة لكنها أقل من تلك التي كانت قد سجلتها قبل الأزمة المالية في التسعينيات، والآن جاءت جائحة كورونا لتكشف هذه الخدعة التي تحولت إلى ركود اقتصادي. وبالطبع فإن التأخير الكبير في توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا بمنزلة نبأ سيئ خاصة لتايلاند التي تعتمد بشدة على السياحة، فالناس يجب أن يشعروا بالأمان لكي يسافروا إليها. وبالنسبة إلى فيتنام فإن تشديد القيود على الحدود وعلى الأنشطة يمثل تذكرة بأنه يتم بذل جهد من أجل الحيوية أكثر من أنه من أجل الانتصار في حرب تجارية. والحكومات تواجه دعوات متزايدة من أجل تمديد الدعم للصناعات الأشد تضررا من الجائحة، في الوقت نفسه هناك خطر كبير من انتشار الشركات غير القابلة للحياة التي تستنزف الدعم الحكومي. ويقول ميشائيل سبنسر كبير خبراء الاقتصاد الآسيوي في مجموعة دويتشه بنك المصرفية "إن العجز عن تحقيق مناعة القطيع في دول جنوب شرق آسيا قد يؤدي إلى تعثر نمو اقتصادات تلك الدول لأعوام عديدة مقبلة". وفي هذه الحالة قد يجد العالم أن الولايات المتحدة هي النمر الاقتصادي الجديد بمعدلات نمو قياسية. وانكمش الاقتصاد الماليزي بنسبة أقل من المتوقع خلال الربع الأول من العام بلغت 0.5 في المائة، وذلك مقارنة الربع نفسه من العام الماضي، وذلك على الرغم من إجراءات الإغلاق الثانية التي تم فرضها خلال شهري كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) الماضيين. وقال البنك المركزي أمس، وذلك قبل يوم من بدء تطبيق ثالث إجراءات إغلاق، "إن خسائر مطلع العام جاءت منخفضة بسبب تحسن الطلب المحلي وانتعاش أداء الصادرات في ظل انتعاش الطلب الخارجي على البضائع الإلكترونية المصنعة في ماليزيا. وبعد انتهاء إجراءات الإغلاق الثانية، ارتفع إجمالي الناتج المحلي خلال شهر آذار (مارس) الماضي بنسبة 6 في المائة، وفقا لإدارة الإحصاء، وذلك بعد انكماشه لمدة شهرين. وأضاف البنك المركزي "بعد تخفيف القيود خلال شهري شباط (فبراير) وآذار (مارس)، انتعش النشاط الاقتصادي تدريجيا"، لكن حذر من أن "استمرار إغلاق الحدود الدولية والقيود المفروضة على التحرك بين الولايات يؤثر في النشاط الاقتصادي". وتوقع البنك أن يكون تأثير إجراءات الإغلاق المقبلة " أقل حدة من تأثيرات عام 2020" عندما انكمش إجمالي الناتج المحلي بنسبة 17 في المائة، خلال الربع الثاني. وكان محيي الدين ياسين رئيس الوزراء الماليزي أعلن أمس الأول، فرض إجراءات إغلاق ثالثة لمدة شهر ابتداء من اليوم قبل بدء عطلة عيد الفطر.

مشاركة :