«قد نتعلم من فوضى العابرين قانون الحياة» إن شريعة حمورابي قد شكلت أول مفهوم قانوني إلزامي ينظم حياة الأفراد وحقوقهم ومعاملاتهم الإنسانية بما يكفل استتاب الأمن والعدالة. مفهوم القانون «kanun» في اللغة اليونانية: العصا المستقيمة، وفي الفارسية: أصل كل شيء وقياسه، وبعد التعريب: أصل الشيء الذي يسير عليه أو المنهج الذي يحذوه. أما معناه الاصطلاحي فهو: مجموعة قواعد تلزم الأفراد في المجتمع بسلوك محدد بهدف تنظيمهم جبريا ومن يخالفه يتعرض للعقاب وهذا كفيل باحترامه، وكأبسط مثال حي «الأغلب يحترمون نظام ساهر حتى يأمنوا عقوبته». ومن القوانين التي تشكل هويتنا، القانون: السماوي: شرع لنا الحياة ونحن بدورنا نرضخ له خوفا من العقاب وطلبا للثواب وإيمانا منا بشمولية الأحكام لكافة احتياجاتنا. الوضعي: لكل دولة قانون خاص، كما أن لكل إدارة في دولة ما قواعد منظمة للأمور حسب وضع المشرعين كقوانين إدارة الراتب والتقاعد.. الذاتي: تعهد الذات والتزامها ألا تحقق ما ترغب به على حساب الضرر بالآخرين وهذا يكتسب بالتربية والقدوة، فالطفل الذي لا يردع من الصغر عن أخذ لعبة قرينه ينشأ ولديه اعتقاد أن كل ما يعجبه حقه؛ لذا فالحرص واجب في تربيته على أسس منظمة في الأكل والشرب والعادات، بل نعاقبه إن أخفق حتى يتهذب ويتربى على الالتزام. ومع حرص المشرعين على إرساء حدود تناسب مصالح البشر إلا أن النفوس تعج بفوضى القناعات والمبادئ والقيم حتى تعجز أن تقتص من نفسها! فالموظف ذو المنصب والوجاهة يسن لنفسه منح أحدهم حوافز حسب صلاحياته قد يستحقها موظف أكثر كفاءة منه سيما أن النظام العام لا يجوز هذا التخصيص. الخفي: المساحة التي تمكن الإنسان من التحايل على القانون العام والانتقام بها من الخصم في سبيل مصالحه وغالبا ما يتقن استغلالها القانونيون المهرة لصالح موكليهم. ماذا لو وقفت النفس بين فضيلتين تقيم إحداهما وتهدم الأخرى فهي تناقض الشرع في كونها لا ترى السطو على البخلاء والجشعين من أجل إطعام الفقراء حراما -وفق الغاية تبرر الوسيلة- مع أنها لا تفعل ذلك مع التجار النزهاء الفاضلين، بل كيف يكون النظام القانون مع وضد؟! وكيف نستمتع بأنانيتنا ونحن نطبق أحكاما تصلح للغير ولا تسعدنا؟! فالإنسان يولد على الفطرة التي تحدد سلوكه ومكتسباته. فلا قيمة للشرف والأخلاق إن كنا سنطوعهما وفق مصالحنا؟! فالإنسان الذكي الشرير يحسن قلب وإخفاء الحقائق لصالحه بل إن بعض المجتمعات يرون أنهم فوق النظام فيمارسون سلطويتهم ونفوذهم، وهذا ليس عدلا وما غاية القانون إلا استتاب الأمن وتحقيق العدل لصالح المجتمع والأفراد لا ضدهم.
مشاركة :