قال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، إن مدينة القدس المحتلة وحّدت الفلسطينيين بصمودها أمام المستوطنين، وإن الحكومة الإسرائيلية ترتكب "جرائم حرب" في قطاع غزة، داعيا إلى "موقف عربي ودولي رادع لإسرائيل". ومنذ بداية شهر رمضان المبارك، في 13 أبريل/ نيسان الماضي، ترتكب الشرطة الإسرائيلية والمستوطنون "اعتداءات وحشية" بحق سكان ومقدسات القدس، وخاصة في منطقة "باب العامود" وحي "الشيخ جراح" والمسجد الأقصى ومحيطه. وقتلت غارات الجيش الإسرائيلي، منذ الاثنين، 43 فلسطينيا، بينهم أطفال، في غزة، بعد أن قصفت فصائل المقاومة القدس ومستوطنات بالصواريخ؛ إثر رفض الاحتلال الاستجابة لمهلة من الفصائل لسحب جنوده من الأقصى و"الشيخ جراح" والإفراج عن المعتقلين. ودعا اشتية، في مقابلة مع الأناضول، إلى "موقف عربي ودولي رادع لإسرائيل، التي تسعى إلى تهويد القدس، وطرد سكانها الأصليين". وأضاف أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، "يستثمر آلة القتل وارتكاب الجرائم في قطاع غزة لتعقيد المشهد السياسي أمام الحكومة الإسرائيلية القادمة". وأفاد بأن القيادة الفلسطينية "تجري اتصالات مع عديد الأطراف بشأن وقف النزيف الفلسطيني". وأوضح: "اتصالاتنا مع المجتمع الدولي، ومع جمهورية مصر الشقيقة، والأردن". وأردف: "الاثنين، كان وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي، في الولايات المتحدة، وأجرى بعض الاتصالات، أيضا الرئيس (الفلسطيني) محمود عباس أجرى عديد الاتصالات، بينها مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي أكد وقوف تركيا مع فلسطين". وشدد على أن "ما يهمنا (هو) الحفاظ على أرواح أولادنا". ** صمود القدس وأشاد اشتية بـ"الصمود الفلسطيني في مدينة القدس والمسجد الأقصى وكافة الأراضي الفلسطينية التي انتفضت دفاعا عن المقدسات". وتابع أن "القدس أعادت وهج القضية الفلسطينية على جدول أعمال العالم، ووَحَّدَتنا واستطاع أبناء القدس إفشال اقتحام المستوطنين للمسجد الأقصى". والاثنين، حال آلاف المعتكفين في المسجد دون أن يقتحمه المستوطنون، بمناسبة ضم مدينة القدس الشرقية المحتلة إلى إسرائيل، عام 1981، وفق التقويم العبري. ودعا اشتية إلى "موقف عربي ودولي رادع إسرائيل، التي تسعى إلى تهويد القدس، وطرد سكانها الأصليين". وطالب الدول العربية بقرارات من شأنها دعم وتعزيز صمود الفلسطينيين في القدس، وعدم الاكتفاء ببيانات الإدانة. والثلاثاء، قرر اجتماع وزاري افتراضي لجامعة الدول العربية، تشكيل لجنة لمخاطبة دول مجلس الأمن الدولي؛ لوقف الاعتداءات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، مع "اعتزام الدول الأعضاء إطلاق تحرك دبلوماسي مكثف لحماية مدينة القدس والدفاع عن مقدساتها الإسلامية والمسيحية". وطلب المجتمعون من "المحكمة الجنائية الدولية المضي قدما بالتحقيق في الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل، بما فيها التهجير"، في ظل ما يحدث بحي "الشيخ جراح". وشدد اشتية على أن برنامج إسرائيل في القدس يقوم على تهويد المدينة، وخفض نسبة السكان الفلسطينيين إلى دون 19 بالمئة، وجعلها مدينة يهودية بكل معنى الكلمة. وأردف: "كل المخططات الإسرائيلية السابقة فشلت، اليوم المقدسيون يشكلون 41 بالمئة من السكان، لكن إسرائيل عملت بنية تحتية من أنفاق وشوارع وهدمت مساكن فلسطينية، ونقلت المعركة على السكان، أي طردهم من منازلهم كما يجري في حي الشيخ جراح". ورأى أن "ما يجري بحي الشيخ جراح ليس مسألة قانونية، بل سياسية من الدرجة الأولى". وزاد بأن "المعركة في القدس على السنتيمتر الواحد". وأثنى على المقدسيين قائلا إن "الفلسطيني في القدس لا يخاف من الجندي الإسرائيلي ولا المستوطن، متجذرون في مدينتنا". وأردف: "المطلوب من العالم أن يقف مع أهل القدس، كما هم يقفون مع أنفسهم". واستطرد: "القيادة الفلسطينية والحكومة تقف بكل مفاصلها مع القدس". وأوضح أن "المعركة في القدس معركة وجود، إسرائيل تريدها قضية دينية وحرب دينية، المشهد سياسي من الدرجة الأولى، السكان يُستنزفون". ويشكو الفلسطينيون من عمليات إسرائيلية مكثفة ومستمرة لطمس هوية القدس و"تهويدها"، حيث تزعم إسرائيل أن المدينة، بشطريها الغربي والشرقي، "عاصمة موحدة وأبدية لها". ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استنادا إلى قرارات الشرعية الدولية، التي لا تعترف باحتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ولا بضمها إليها في 1981. ** دولة فصل عنصري وأشار اشتية إلى تقرير أصدرته منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، في 27 أبريل/ نيسان الماضي، معتبرا إياه من أهم التقارير في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ أربعين عاما. وتابع: "هناك توثيق (في التقرير) لكل جرائم الاحتلال، وخلص إلى أن إسرائيل دولة عنصرية تمارس الفصل العنصري كما (حدث) في (دولة) جنوب إفريقيا وأسوأ، وأن هذه الممارسة ليست فقط في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وغزة، بل متعلقة أيضا بفلسطينيي 48 (داخل إسرائيل)". وأضاف: "طالبنا المجتمع الدولي بالتعاطي مع التقرير ودراسته والتعاطي مع التوصيات.. أحلنا التقرير لمحكمة الجنايات الدولية، ليكون إحدى الوثائق التي تستند إليها". وأوضح أنه "في التقرير لم تُنشر مجموعة من الأسماء ارتكبوا جرائم، وطلبنا من المنظمة الدولية إدراجهم ونشر أسمائهم ليكونوا جزءا من مداولات الجنائية الدولية". ** العلاقة مع تل أبيب وواشنطن عن العلاقات الفلسطينية الإسرائيلية، قال اشتية إنها علاقة شعب مع احتلال، والمفاوضات متوقفة (منذ عام 2014). وأردف: "موقفنا واضح وعبر عنه الرئيس عباس في غير مرة: لن نقبل برعاية أمريكية حصرية للمفاوضات (مع إسرائيل)، الرعاية الأمريكية على مدار السنوات لم تأت بنتيجة". وسبق وأن اتهمت السلطة الفلسطينية واشنطن، خاصة خلال رئاسة دونالد ترامب (2017 ـ 2021) بالانحياز لصالح إسرائيل والإجحاف بحقوق الفلسطينيين. وتابع اشتية: "نتنياهو ورئيس الوزراء القادم لا يريدون إنهاء الاحتلال، لذلك نريد من اللجنة الرباعية الدولية (الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وروسيا) أن تأخذ دورها، ويتم توسيعها بضم دول عربية وغير عربية، تفضي إلى مؤتمر دولي مستند للشرعية الدولية". وأضاف أن "العلاقة مع الاحتلال غير متوازنة، يعمل بقوته على عدم التنازل وإقامة دولة فلسطينية، ويعمل على تهشيم الكيانية الفلسطينية لكي لا تنهض من سلطة إلى دولة، لكن لدينا إمكانية صمود وثبات لتحدي الاحتلال". واستطرد: "أي مسار سياسي مستند للشرعية الدولية نحن معه". وتسعى دول عربية، بينها مصر، إلى إحياء مفاوضات السلام المتوقفة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي منذ أبريل 2014؛ جراء رفض إسرائيل وقف الاستيطان والقبول بحدود ما قبل حرب يونيو/ حزيران 1967 أساسا لحل الدولتين. أما بخصوص العلاقة مع الولايات المتحدة، فقال اشتية إن فلسطين تريد علاقة ثنائية مع واشنطن غير مرتبطة بتل أبيب، وأن تدفع واشنطن، عبر اللجنة الرباعية الدولية، إلى مسار سياسي ينهي الاحتلال. وفي أبريل الماضي، أعلنت واشنطن عزمها استئناف مساعدات للشعب الفلسطيني جمدتها إدارة ترامب. ** لا انتخابات دون القدس وفي ملف الانتخابات الفلسطينية، أكد اشتية إصرار القيادة الفلسطينية على إجراء الانتخابات، في الوقت الذي يسمح بإجرائها في القدس. وقال إن "الانتخابات قرار فلسطيني بحت"، وتساءل: "لماذا سمحت إسرائيل لنا بعقد الانتخابات السابقة في القدس (؟)". وأجاب: "لأنها جزء من الاتفاقيات، نريد اليوم أيضا من إسرائيل اعترافا بأن القدس محتلة، وأن أهلنا في القدس جزء من الشعب الفلسطيني، وليسوا جزءا من إسرائيل". وفي 29 أبريل الماضي، أعلن عباس تأجيل الانتخابات التشريعية لحين ضمان سماح إسرائيل بإجرائها في القدس. وتابع اشتية: "ماذا بعد قرار التأجيل (؟)، أولا سنفتح حوارا مع الفصائل وسيبدأ قريبا، نحن أردنا الانتخابات لنعيد الوهج الديمقراطي وننهي الانقسام، جربنا اتفاقيات لم تنجح، انتخابات لم تمشِ الأمور، الآن نريد حوارا لبحث آليات إنهاء الانقسام، ممكن نتوافق على حكومة وحدة أو عقد المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية". ومنذ يونيو 2007، يسود الضفة الغربية وقطاع غزة انقسام سياسي؛ بسبب خلافات حادة بين حركتي "حماس" و"فتح"، بزعامة عباس. وشدد اشتية: "مع ذلك لن نتنازل عن حقنا في الانتخابات". وكان مقررا إجراء الانتخابات على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية (برلمانية) في 22 مايو/ أيار، ورئاسية في 31 يوليو/ تموز، وانتخابات المجلس الوطني في 31 أغسطس/ آب. ** دعم تركي لفلسطين وأشاد اشتية بالموقف التركي تجاه القضية الفلسطينية، ووصفه بالـ"منسجم مع الموقف الفلسطيني". وتابع أن "الرئيس التركي (رجب طيب أردوغان) قال إنه لا انتخابات دون القدس، وأيضا أكد في اتصال (الاثنين) مع الرئيس عباس وقوف بلاده مع الشعب الفلسطيني تجاه القدس، والعدوان على غزة". وأردف: "نلمس الدعم التركي في كل الجوانب الاقتصادية والسياسية، وعلى مستوى التعليم والغرف التجارية وغيرها". وأعرب عن شكره لتركيا رئاسة وشعبا. ** اقتصاد بقوة السلاح وفي الملف الاقتصادي، قال اشتية إن الدعم العربي (المالي) للحكومة الفلسطينية توقف في 2020، وحكومته لم تتسلم أي مساعدات عربية. وأضاف: "كان هناك بعض التفسيرات العربية لوقف الدعم، أبرزها أزمة فيروس كورونا، وانخفاض أسعار البترول". وأردف: "نأمل من الدول العربية أن تعيد دعمها المالي، لأننا نحتاجه ليس للرفاهية، بل لتعزيز صمود الناس ومواجهة المتطلبات". وأعرب عن أسفه لعدم ترجمة قرارات القمم العربية بشأن شبكة الأمان المالية التي تعهدت بها الدول الأعضاء للفلسطينيين. وعن أزمة المقاصة (أموال ضرائب تجمعها إسرائيل لصالح فلسطين)، التي تعاني منها الحكومة الفلسطينية بين حين وآخر، قال: "ما دام هناك احتلال فستبقى". وتابع أن بلاده تعمل ضمن مخطط للانفكاك الاقتصادي التدريجي عن الاقتصاد الإسرائيلي المفروض بقوة السلاح، وذلك عبر تعزيز الإنتاج المحلي. وشدد على أن "إسرائيل تحارب الاستثمار وبناء منشآت صناعية، تريد منا أن نبقى تابعين لها". ** الوضع الوبائي وبشأن جائحة كورونا، رجح اشتية أن تستطيع بلاده تطعيم نحو 50 بالمئة من السكان مع حلول سبتمبر/ أيلول القادم، مبينا أن 12 بالمئة منهم تم تطعيمهم حتى اليوم. وختم بالإشارة إلى أن الحكومة الفلسطينية تعاقدت لشراء 500 ألف جرعة من لقاح سبوتنك الروسي، وأربعة ملايين من شركة فايزر، و200 ألف من أسترازينيكا، بالإضافة إلى تطعيمات تبرعت بها الصين. الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.
مشاركة :