يحلم المغتربون براتب جيد، وحياة هانئة، وغير ذلك من المزايا. الصحفي مارك جوهانسون يستعرض البلدان التي تعد أفضل المقاصد بالنسبة للمغتربين حول العالم. ربما تحمل سنغافورة لقب "أكثر المدن غلاءً في العالم"، ولكنها تبقى أكثر الأماكن شعبية للعيش والعمل بالنسبة للمغتربين، وفقا للاستطلاع السنوي للمغتربين الذي أجراه بنك "إتش إس بي سي". أشاد الوافدون بجاذبية ذلك البلد من حيث الرواتب وفرص التطور الوظيفي وجودة الحياة. لكن تكاليف المعيشة اليومية في سنغافورة، بما في ذلك تكاليف المواصلات التي تصل إلى ثلاثة أضعاف ما هي عليه في نيويورك، تجعل العينين تدمع. وبالرغم من ذلك، فإن أكثر من ربع المغتربين الذين شاركوا في استطلاع الآراء الخاص بالمغتربين لبنك "إتش إس بي سي" لعام 2015، قالوا إنهم كسبوا أكثر من 200 ألف دولار أمريكي في السنة (مقارنة بنسبة 13 في المئة فقط من العمالة الوافدة في بقاع العالم الأخرى). غالباً ما تكون الزيادة في الراتب أو فرصة الحصول على تقدم في الوظيفة من الحوافز الكبيرة التي تجعل المهنيين ينتقلون للعمل خارج أوطانهم. إلا أن أعداداً متزايدة من الوافدين يسافرون إلى بلدان جديدة لأسباب شخصية وليست مالية، حسبما كشفته الدراسة التي أجراها البنك. ذكر ثلاثة من كل خمسة أشخاص استطلعت آراؤهم أنهم لم يلحظوا زيادة فورية في رواتبهم. لكن أكثر من نصفهم، نحو 53 في المئة، ذكروا أن مستوى حياتهم ونوعيتها قد تحسنا بعد انتقالهم للعيش هناك. وكانت أكثر الأماكن المقصودة التي يرجح أن يستقر فيها الوافدون بغرض تحسين رفاهية عيشهم هي نيوزيلندا، وإسبانيا، والبرتغال. أما السويد فقد كانت أكثرها جاذبية للعمالة الوافدة من أصحاب الأسر. ويعود الفضل في ذلك إلى خيارات رعاية الأطفال المتوفرة والسهولة النسبية في الترتيبات الخاصة بمدارس الأطفال. وشارك نحو 21,950 شخصاً من 39 بلداً في استطلاع الآراء الذي أجراه بنك "إتش إس بي سي".وقد استطلع البنك آرائهم بخصوص جميع الأمور، بداية من نوع المهنة، والانتعاش المالي، إلى مستوى رقي المعيشة. كانت نيوزيلندا والسويد والبحرين وألمانيا بين المراكز الخمسة الأولى للمقاصد المفضلة لدى الوافدين بشكل إجمالي. أما مصر وإيطاليا والبرازيل فقد احتلت المراكز الأخيرة في قائمة أفضل المقاصد لدى المغتربين. لم يأخذ ذلك الاستطلاع في الحسبان قضايا مثل حقوق الإنسان، فبالنسبة لمنظمة "هيومان رايتس ووتش"، فإن هذه المسألة تظل ذات "إشكالية كبيرة" في البحرين (والتي صنفت في المركز الرابع من أفضل المقاصد للمغتربين) و"مشكلة خطيرة" في دولة الإمارات العربية المتحدة (وقد صنفت في المركز التاسع). وبالرغم من ذلك، فإن مكاناً في الشرق الأوسط قد حاز على أفضل حُزم المساعدات. فقد حصل 80 في المئة ممن استطلعت آرؤهم من الوافدين إلى سلطنة عُمان على بدل مالي (منحة) للسفر الجوي إلى وطنهم الأصلي. وفي قطر، حصل 75 في المئة منهم على بدل للسكن. ويبلغ المتوسط العالمي لهذين البدلين 33 في المئة. كانت المساعدات التعاقدية أقل شيوعاً خارج منطقة الشرق الأوسط. فقد حصل أكثر من نصف الوافدين بقليل (52 في المئة) في العالم على بدل مالي للصحة والعلاج، وأكثر من خُمسهم (21 في المئة) على بدل للتنقل. وتختلف نتائج الاستطلاع الذي أجراه بنك "إتش إس بي سي" إلى حد كبير عن دراسة مشابهة نشرتها منظمة "إنترنيشينز" في شهر أغسطس/آب، وهي منظمة عالمية يبلغ عدد أعضائها 1.8 مليون من الذين يعيشون ويعملون خارج أوطانهم. في تلك الدراسة، التي تحمل عنوان "إكسبات إنسايدر"، جاءت دولة الإكوادور على رأس قائمة الدول التي يقصدها المغتربون. يعود الفضل في ذلك إلى تكاليف المعيشة المنخفضة في ذلك البلد، والرعاية الصحية ذات الأسعار المعقولة، والمستويات العالية للرضا الشخصي. كما حصلت المكسيك ومالطا على مرتبة أعلى من سنغافورة التي جاءت في المرتبة الرابعة. "إن أمور الراتب ومستوى المعيشة في بلد مثل سنغافورة هي في العادة جيدة تماماً، إلا أن هناك عناصر أخرى تؤثر على حياة المغترب"، حسبما يقول مالتي زيك، مؤسس منظمة "إنترنيشينز". ويضيف زيك: "العنصر الذي نقدره جدا هو الطبيعة الودودة للسكان المحليين تجاه الأجانب، وسهولة الاستقرار في بلدهم. يمكن لهذه الأمور أن تختلف في بلدان مثل الإكوادور أو المكسيك عما هي عليه في بلد مثل سويسرا، أو ألمانيا، أو سنغافورة." واقعياً، وفي بعض الحالات التي تضمنتها أفضل 10 مقاصد وردت في دراسة "إتش إس بي سي"، لم يشعر المغتربون باندماجهم بشكل جيد مع الثقافة المحلية أو السكان المحليين. في دولة الإمارات العربية المتحدة، وسويسرا، واللتين جاءتا في الترتيب التاسع والعاشر حسب استطلاع الآراء لبنك "إتش إس بي سي"، شعر 42 في المئة و 43 في المئة فقط من المغتربين في هذين البلدين على التوالي بأنهم يندمجون بشكل جيد فيهما. وبالرغم من موقع الصدارة الذي تحتله سنغافورة، فإن 54 في المئة فقط من المغتربين فيها يقولون إنهم استمتعوا بالانخراط في الثقافة المحلية.
مشاركة :