لليوم الخامس على التوالي تستمر المواجهات الدامية بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية ، مواجهات أودت بحياة أكثر من 120 شخصا من بينهم 31 طفلاً و19 سيدة إضافة إلى مئات الجرحى من الجانب الفلسطيني بينما لقي ثمانية إسرائيليين مصرعهم، هذا وتسببت بدمار واسع حيث سويت بنايات بأكملها في قطاع غزة بالارض إضافة إلى تضرر بنايات ومرافق في مدن إسرائيلية كأسدود وعسقلان وتل أبيب. وتوالت ردود الافعال المطالبة بوقف التصعيد في المنطقة. ومع الخشية من امتداد الوضع في الأراضي الفلسطينية وإسرائيل إلى دول كلبنان والأردن اللذان يأويان مئات الآلاف من الفلسطينين في مخيمات اللجوء، كثرت التساؤلات عبر وسائل التوصل الاجتماعي عن "مصير المنطقة"، و"هل نحن أمام انتفاضة عربية؟"، والسؤال الأهم "ماذا عن حزب الله عدو إسرائيل اللدود؟". كيف بدأت الأحداث؟ بدأ التصعيد الذي يعد الأسوأ منذ حرب 2014 بين إسرائيل وحركة حماس، بعد اقتحام الشرطة وحرس الحدود الإسرائيلي للمسجد الأقصى وسقوط مئات الجرحى من المقدسيين، وتهديد عائلات فلسطينية في حي الشيخ جراح بالتهجير القسري لصالح مستوطنين يهود. ومنذ الإثنين يتعرض قطاع غزة لقصف جوي ومدفعي عنيف تزامن مع إطلاق الفصائل الفسلطينية كحركتي حماس والجهاد الإسلامي مئات الصواريخ من القطاع على مدن وبلدات إسرائيلية، قدرتهم إسرائيل بـ 1500 صاروخ على الأقل. وبحسب وكالات أنباء عالمية، للمرة الأولى منذ حرب غزة الأخيرة تتعرض إسرائيل لهذا الحجم من الأضرار: "منازل مهدمة، وسيارات مدمرة، وإصابة منشأة نفطية". زحف بشري إلا أن الجديد في مشهد اليوم، كان زحف آلاف الأردنيين نحو الحدود الأردنية الفلسطينية تضامنا مع الفلسطينيين في قطاع غزة والقدس، ومحاولات البعض اجتياز الخط الحدودي مع فلسطين. وخروج تحركات مشابهة من الجانب اللبناني، ومحاولة عشرات المتظاهرين اقتحام السياج الحدودي بين لبنان وإسرائيل مما أسفر عن سقوط أحد أعضاء حزب الله متأثراً بإصابته جراء نيران أطلقها الجيش الإسرائيلي وجرح آخرين. وعلق المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي افيخاي أدرعي، في تغريدة نشرها عبر تويتر، على ما يحدث على الجانب اللبناني من الحدود، قائلا أنه "قبل قليل قامت دبابات الجيش الإسرائيلي بـ"اطلاق نار تحذيري نحو عدد من المشاغبين المشتبه بهم الذين اجتازوا من لبنان الى داخل الأراضي الإسرائيلية". وأشار إلى أن "المشاغبين قاموا بالعبث بالجدار واضرام النيران في المنطقة ومن ثم ابتعدوا الى داخل لبنان". تأتي هذه التحركات بعد ساعات من إعلان الجيش الإسرائيلي إطلاق ثلاثة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه إسرائيل. حزب الله والصراع الدائر تطورات تدعو إلى طرح تساؤلات عدة، هل ينجر حزب الله اللبناني إلى دوامة الحرب الدائرة بين إسرائيل والفلسطينيين، خاصة وأن الحزب المقرب من إيران وضع قواته قبل أيام في حالة جهوزية تامة على طول الحدود الجنوبية بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن إجراء مناورة كبرى، تم تأجيلها في ما بعد مع احتدام الأوضاع بينه وبين الفسلطينيين. وهل لحزب الله، الذي خاض عدة حروب مع إسرائيل مصالح مباشرة أو غير مباشرة تدفعه للتدخل في الصراع الدائر. نتنياهو والتصعيد العسكري في غزة.. مغامرة محسوبة أم مقامرة قد تطيح به؟ شاهد: صحفية من غزة تصور وتروي على الهواء مباشرة القصف الإسرئيلي لبرج الشروق شاهد: دمار كبير في غزة ومدن إسرائيلية وسط استمرار التصعيد أسئلة، قد نجد لها جوابا إذا عدنا لأبرز الأحداث على الساحة اللبنانية منذ العام 2019: حياد لبنان دعوات متكررة أطلقها رأس الكنيسة المارونية في لبنان البطريرك مار بشارة بطرس الراعي في الأشهر الأخيرة تطالب بتحييد لبنان عما يحصل في المنطقة يشاطره الرأي رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع وبعض التيارات المعارضة الأخرى للحزب والتي تنتقد بشدة انخراطه في الحرب الأهلية السورية التي اندلعت قبل عشر سنوات. وكان الراعي قد دعا سابقا إلى تشكيل مؤتمر دولي يعلن حياد لبنان، وقال إن "الحياد يمكن لبنان من تجنب النزاعات والحروب إقليميّا ودوليا، ويمكنه من أن يحصن سيادته الداخلية والخارجية بقواه العسكرية الذاتية". مظاهرات ومطالبات بالمحاسبة منذ تشرين الأول/أكتوبر 2019، شهد لبنان احتجاجات شعبية غير مسبوقة ضد مكوّنات الطبقة السياسية برمتها، ترافقت مع أزمات متتالية من انهيار اقتصادي إلى انتشار وباء كوفيد-19 إلى انفجار مرفأ بيروت في أغسطس/آب 2020 الذي أودى بحياة أكثر من 200 شخص وتسبب بإصابة الآلاف بجراح. احتجاج الشارع كان شعاره "كلن يعني كلن" مطالبين بمحاسبة جميع الأحزاب اللبنانية التي توالت على السلطة منذ 30 عاما وأوصلت البلاد إلى ما هي عليه اليوم. وأصابت السهام حزب الله المشارك في الحكومة. نزع سلاح حزب الله تتعالى الأصوات منذ سنين في الداخل اللبناني، مطالبة بنزع سلاح حزب الله وضرورة حصر هذا السلاح تحت سلطة الدولة. إذ يعتبر البعض أن "سلاح الحزب بات يشكل عبئاً ثقيلاً على اللبنانيين" بينما يعتبر مؤيدوه أن هذا "السلاح يشكل صمام الأمان الوحيد للبنان"، بحسب وصفهم. لم يكن هذا السلاح يوما موضع إجماع القوى السياسية اللبنانية وسط رفض حزب الله مرارا وتكرارا فكرة تسليم سلاحه. بناء على ما سبق، هل يملك التنظيم الشيعي ترف الانجرار إلى مواجهة مع إسرائيل انتصارا لما يحدث في الأراضي الفلسطينية؟. عوامل عدة تؤكد مجتمعة، أن وضع حزب الله لبنانيا وحتى عربيا لم يعد كما كان سابقا خلال حربه الأخيرة مع إسرائيل في تموز 2006، وأي محاولة منه الانخراط في ما يحدث على الجانب الفلسطيني_ الإسرائيلي، والانجرار إلى الصراع الدائر قد تضعه في وجه المدفع داخليا. المراقبون يرون حزب الله لن يستطيع تجاهل كل هذه التحديات خصوصا وأن البلد يعيش انهيارا اقتصاديا كبيرا وتردي الأوضاع الاقتصادية، لأن دخوله في صراع جديد مع الدولة العبرية سيكون بمثابة انتحار سياسي له.