بحث المهندس سلطان بن سعيد المنصوري، وزير الاقتصاد ويويتشي ميازاوا وزير الاقتصاد والتجارة والصناعة الياباني، أوجه التعاون المشترك بين البلدين في المجالات الاقتصادية والتجارية وفرص الاستثمار المستقبلية، وذلك خلال الاجتماع الذي عقد في طوكيو على هامش زيارة وفد الدولة إلى اليابان. وجرى خلال اللقاء استعراض آفاق العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، وسبل دعمها وتعزيزها وتحديداً في القطاعات ذات الاهتمام المشترك ، وخصوصاً التي تنسجم مع الأجندة الوطنية واستراتيجية الابتكار للدولة، وأبرزها الطاقة المتجددة، والنقل والتعاون التكنولوجي. كما اتفق الجانبان على توقيع مذكرة تفاهم في مجال المشاريع الصغيرة والمتوسطة بما يتيح تبادل ونقل الخبرات والاستفادة من التجربة المميزة لليابان في هذا الصدد، مع الإعداد لتنظيم ملتقى بين البلدين يركز على المشاريع الصغيرة والمتوسطة لإلقاء الضوء على الفرص المتاحة ومد جسور التواصل بين أصحاب المشاريع من الجانبين. ووجه الوزيران بسرعة تشكيل فريق عمل مشترك من كلا البلدين للبدء في الإجراءات اللازمة لإعداد مذكرة التفاهم، وفق برنامج زمني محدد. التنويع الاقتصادي وقدم الوزير المنصوري خلال اللقاء نبذة عن الاقتصاد الوطني الذي يعتبر ثاني أكبر اقتصاد عربي وما يحققه من نسب نمو جيدة في ظل سياسة التنويع الاقتصادي المتبعة نهجاً وممارسة في الدولة. وقال المنصوري، إن اقتصاد الإمارات انتقل خلال السنوات الماضية من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد متنوع. إذ حصنت استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تنتهجها دولة الإمارات منذ سنوات طويلة، الاقتصاد الوطني من آثار التقلبات الاقتصادية والمالية الخارجية، التي يشهدها العالم حالياً. وتابع أن الدولة حققت نجاحاً كبيراً في هذا الشأن إذ تشكل نسبة مساهمة النفط 30% من الناتج المحلي الإجمالي، مع وجود رؤية تستهدف خفضه إلى نحو 10% خلال السنوات الست المقبلة بحلول عام 2021، عبر تعزيز دور ومساهمة قطاعات الصناعة والسياحة والخدمات والتجارة وإعادة التصدير والمشاريع الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى تعزيز خطوات التحول نحو اقتصاد المعرفة القائم على الإبداع والابتكار. كما أتاحت سياسة التنويع الاقتصادي مساحة كبيرة من المرونة لاقتصاد الدولة في مواجهة مختلف التحديات الدولية التي طرأت مؤخراً، وهو ما انعكس في تحقيق نسبة نمو بلغت 4.7% العام الماضي، رغم تراجع أسعار النفط العالمية بنحو 50%. وأضاف أن الوصول إلى اقتصاد مستدام قائم على قاعدة متنوعة يعد إحدى أهم ركائز الرؤية الاقتصادية لدولة الإمارات والتي على أساسها يتم تحديد الاستراتيجيات الاقتصادية. ونتيجة هذا التوجه تعمل حكومة دولة الإمارات على مواصلة جهودها في الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، عبر تشجيع الابتكار والبحث والتطوير. تعزيز الابتكار وأشار إلى أن الابتكار يشكل محوراً رئيسياً للرؤية الاقتصادية للدولة خلال السنوات المقبلة، إذ تتطلع الإمارات إلى الوصول بنسبة مساهمة هذا القطاع إلى نحو 5% بحلول عام 2021 وذلك من خلال تعزيزه بسبعة قطاعات رئيسية لها الأولوية في هذا الشأن ، وهي الصحة والتعليم والتكنولوجيا والنقل والطاقة المتجددة والمياه والفضاء. وأكد الوزير أن تلك القطاعات تخلق العديد من الفرص المشتركة لزيادة حجم التعاون الاقتصادي والتجاري القائم بين البلدين، إذ تحرص الإمارات على الاستفادة من تجارب الدول الناجحة في هذا الشأن، وفي طليعتها اليابان، خاصة على صعيد التعاون التكنولوجي. وأشار إلى أهمية الدور الذي يلعبه القطاع الخاص ورجال الأعمال والمستثمرون في تعزيز وتنمية العلاقات التجارية والوصول بها إلى آفاق أوسع. وقال المنصوري إن الإمارات واليابان تربطهما علاقات قوية ومتميزة تخضع إلى رغبة أكيدة من الطرفين في تطويرها وتعزيزها، مشيراً إلى أن اليابان شريك تجاري استراتيجي لدولة الإمارات، بحجم تبادل تجاري غير نفطي بلغ نحو 14 مليار دولار نهاية 2014. وتابع أن أرقام التبادل التجاري لا تزال أقل من المأمول تحقيقه في ظل الإمكانات والقدرات التي تتمتع بها البلدان. بنية تحتية وتشريعية متطورة وقدم المنصوري الدعوة إلى رجال الأعمال والمستثمرين اليابانيين لزيارة دولة الإمارات واستكشاف آفاق التعاون والفرص الاستثمارية الواعدة التي تطرحها في مختلف القطاعات والمجالات الاقتصادية والتجارية، مؤكدا أن اقتصاد الإمارات فريد من نوعه ويتميز بالتنافسية خاصة في ظل وجود بنية تحتية وتشريعية متطورة. ومن جانبه، قال يويتشي ميازاوا، وزير الاقتصاد الياباني، إن الإمارات تعد ثاني أكبر مورد للنفط لليابان، وإنها ضمن أبرز الشركاء الاستراتيجيين. وأشاد الوزير الياباني بالعلاقات القوية التي تربط بلاده بدولة الإمارات في مختلف القطاعات خاصة الاقتصادية، ولفت إلى وجود العديد من الشركات اليابانية في الإمارات ، وخصوصا في قطاعات الأغذية والمجالات الطبية ، إضافة إلى الشركات التي ترغب في دخول الأسواق الإماراتية، والنفاذ لبقية الأسواق في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة. وأعرب عن رغبتهم في تقوية أواصر التعاون مع الإمارات في مختلف القطاعات، وتبادل الخبرات في المجالات ذات الاهتمام المشترك بما يعزز من حجم التعاون بين البلدين. مشيراً إلى أهمية زيارة الوزير ومشاركته في ملتقى الأعمال الياباني - الإماراتي، لافتاً إلى أهمية تلك الزيارات في تعزيز جسور التعاون بين الجانبين، فضلا عن إتاحة التواصل بين مجتمع الأعمال من البلدين والجهات الحكومية، بما يخلق آفاقاً استثمارية وتجارية أوسع. خبرة مميزة وأوضح أن قطاع المشاريع الصغيرة والمتوسطة يعد من أبرز القطاعات التي تمتلك فيها اليابان خبرة مميزة، معرباً عن أمله في مشاركتها مع الإمارات وخلق منصة مشتركة للتعاون في هذا الصدد. وأكد ميازاوا أهمية تعزيز سبل التعاون التجاري للارتقاء بحجم التبادل التجاري إلى الإمكانات والقدرات الواعدة التي يطرحها الجانبان، فضلا عن فتح باب الاستثمار أمام القطاع الخاص من البلدين للتوسع في حجم استثماراتهم وهو ما يفتح آفاقاً أوسع للتعاون المشترك. وتطرق الوزير الياباني إلى تجربة الشركات اليابانية الناجحة في دولة الإمارات ومنها مشروع مترو دبي، والذي يعد من أبرز مشاريع البنية التحتية التي تم تنفيذها حديثاً، فضلاً عما عكسه من تحقيق تعاون مشترك ناجح بين الجانبين، وأعرب عن أمله في التوسع في تنفيذ مشروعات مشتركة مماثلة ما يخلق مزيداً من التعاون، وما يسهم في نقل الخبرات بين البلدين. وطلب ميازاوا، إعطاء مزيد من الفرص للشركات اليابانية للاستثمار في قطاعات أخرى ليس فقط في مجالات البنية التحتية والأغذية وفتح آفاق أوسع للاستثمار في مجالات أخرى، مؤكداً أن الشركات الإماراتية مرحباً بها لزيادة استثماراتها في اليابان في مختلف القطاعات مع تقديم كافة التسهيلات اللازمة لمزاولة أعمالها في اليابان. فرص الاستثمار استعرض الجانبان الاماراتي والياباني خلال اللقاء فرص الاستثمار في جميع القطاعات، وكيفية تنمية التعاون في مجال إقامة المشاريع الاستثمارية، بالاستفادة من المقومات المتوافرة وتشجيع القطاع الخاص ورجال الأعمال في البلدين على الاستفادة من الفرص الاستثمارية القائمة في البلدين. جاء الاجتماع على هامش زيارة وفد الدولة إلى اليابان، برئاسة وزير الاقتصاد وبمشاركة أكثر من 45 من كبار الشخصيات من ممثلي الجهات الحكومية والقطاع الخاص في زيارة تستغرق يومين، وتشهد اجتماعات مع كبار المسؤولين ولقاء طاولة مستديرة مع نخبة من رجال الأعمال وعقد ملتقى الأعمال الإماراتي الياباني، إلى جانب توقيع مذكرة تفاهم بين اتحاد غرف التجارة والصناعة وهيئة التجارة الخارجية اليابانية (جيترو) في إطار سعي الجانبين لتعزيز تبادل الخبرات وتوطيد أواصر التعاون. كما يقوم وفد الدولة بزيارات ميدانية لعدد من المؤسسات اليابانية الرائدة في مجال الابتكار. حضر اللقاء من وفد الدولة عبد الله الطريفي، الرئيس التنفيذي لهيئة الأوراق المالية والسلع، وعبد الباسط الجناحي، المدير التنفيذي لمؤسسة محمد بن راشد لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة، ومروان السركال، المدير التنفيذي لمؤسسة الشارقة للاستثمار والتطوير (شروق)، ومعتز الفهيم، القائم بالأعمال بسفارة الدولة في اليابان. قال سلطان المنصوري إن الإمارات تعتبر اليابان محطة مميزة للسياحة العائلية، مشيرا إلى أن أحد أبرز التحديات التي تواجه نمو التبادل السياحي بين البلدين هو عدم وجود رحلات طيران مباشر كافية بين البلدين، وهو ما يجب العمل على تحسينه خلال الفترة المقبلة من خلال زيادة عدد الرحلات المباشرة بين البلدين.
مشاركة :