بيّن تقرير آسيا للاستثمار لهذا الأسبوع أنه وبعد طول انتظار، باتت الدول المصدرة للنفط تنعم باستقرار الأسعار بفضل الولايات المتحدة والصين. هذا وقد كان منتجو النفط بحاجة ماسة في شهري أغسطس/آب وسبتمبر/أيلول إلى استقرار أسعار النفط بعد سنة طويلة من الضغط الشديد. حيث بلغ سعر تداول البرميل الواحد حوالي 50 دولاراً في أوائل أغسطس، في حين من المتوقع ألا يختلف الشهر المقبل كثيراً عن هذا المعدل نتيجة للقرارات الناتجة عن السياسة الأخيرة المتخذة في الولايات المتحدة والصين. وأشار التقرير إلى أن قرار مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي على إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير هو العامل الأول لدعم أسعار النفط على المدى القصير. إذ أن هناك علاقة قوية جداً بين أسعار النفط وسعر صرف الدولار الأمريكي. حيثُ يتم تعيين سعر النفط بالدولار الأمريكي، وعندما يرتفع سعر صرف الدولار ترتفع قيمة النفط. في حين يحتاج المشترون إلى تخصيص المزيد من عملتهم المحلية لشراء برميل واحد من النفط فينخفض الطلب، وبالمقابل يهبط سعر النفط للتعويض عن ارتفاع سعر الصرف. هذا وقد قرر مجلس الاحتياطي الاتحادي رفع أسعار الفائدة في اجتماعه لشهر سبتمبر، ولهذا كان من المحتمل أن تعزز قيمة الدولار الأمريكي بشكل أكبر. كما وأنّ تدفقات الاستثمار كانت قد تركزت في الأصول القائمة على الدولار للاستفادة من ارتفاع معدلات الفائدة وارتفاع سعر الصرف الذي من شأنه أن يترتب على ذلك. وعلى مدى العام المنصرم، ووفقاً لشركة أن أن لشركاء الاستثمار، هاجر ما يقارب تريليون دولار أمريكي من الأسواق الناشئة إلى الولايات المتحدة، أي تقريباً ضعف المبلغ الذي تم نقله من الأسواق الناشئة إلى الأسواق المتطورة في أعقاب أزمة عام 2008. ومن شأن ارتفاع أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أن تعمل على تحفيز مرحلة جديدة من التدفقات، ما يرفع قيمة الدولار ويضر صادرات النفط. في حين يعمل قرار تثبيت سعر الفائدة على ردع معاودة انخفاض الطلب مرة أخرى على حساب الدولار الأمريكي. ولفت التقرير إلى أنّ خطة التحفيز الصينية هي العامل الثاني لدعم أسعار النفط. وخلال العامين الماضيين بعد تغيير القيادة في عام 2013 اعتمدت السلطات موقفاً صعباً تتمثل في الحد من الائتمان لتجنب الأزمات، والحد من نمو الاستثمار. وكانت الرسالة واحدة من خطط ضبط النفس بهدف إعادة هيكلة الاقتصاد، وكانت الصين مستعدة للحد من النمو لتحقيق الخطة. وفي عام 2015 تم تسهيل هذا الموقف إلى حد كبير، حيثُ إن الهدف للنمو بنسبة 7% في خطر، إذ قررت الحكومة سحب ذراع الاستثمار والائتمان مرة أخرى. وفي أواخر أغسطس، أعلن وزير المالية الصيني في اجتماع مجموعة العشرين (منتدى دولي للحكومات والبنوك المركزية لأكبر عشرين اقتصاد حول العالم) أن الإنفاق المالي سيزيد بنسبة 10% في عام 2015، مسجلاً ارتفاعاً عن نسبة 7% التي سبق وأعلن عنها في بداية العام الجاري. وتجدر الإشارة إلى أنه تم تخفيض أسعار الفائدة خمس مرات منذ نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، هذا وقد تم أيضاً تخفيض احتياجات البنوك النقدية في كثير من الأحيان. وهذا يمثّل خبراً ساراً لمصدري السلع لأن جزءاً كبيراً من هذا التمويل الإضافي سوف يتم إنفاقه في البناء والذي من شأنه أن يحافظ على أسعار النفط. انخفاض استهلاك النفط يرى تقرير آسيا أن هذه الفترة ليست سوى فترة راحة قصيرة المدى، إذ لم يتغير شيء في هيكل الاقتصاد العالمي، وبالغَ معظم الخبراء في التفاؤل بشأن الصين والولايات المتحدة منذُ بضعة أشهر فقط. والحقيقة هي أن الاقتصاد يتباطأ، ويقترب من عتبة ال 3% التي من المتعارف أنها تدل على أنّ العمالة لا يتم إنشاؤها وفق المستوى العالمي. وينعكس هذا الضعف في انخفاض استهلاك النفط. في حين يتم يومياً مراجعة التوقعات لتتبع هذا الاتجاه. وعلى سبيل المثال، تخفّض مرة أخرى إدارة معلومات الطاقة الأمريكية توقعات الطلب لعام 2015 و2016 في أوائل سبتمبر، من 1.4 مليون برميل يومياً إلى 1.2 مليون برميل يومياً في 2015. وكذلك تم التخفيض من 1.5 إلى 1.3 مليون برميل إضافي يومياً في 2016. ويتم تفسير معظم التغيير من خلال التباطؤ في الصين حيثُ لا يزال استهلاك البلاد كبيراً، المتمثل في استيراد 6 ملايين برميل يومياً واستهلاك أكثر من 10 ملايين برميل يومياً (10.1 في يوليو، بزيادة من 9.7 في العام السابق). ورغم ذلك فإنّ المؤشرات مثيرة للقلق، إذ انخفضت مبيعات السيارات الصينية بنسبة 7% في يوليو مقارنة بالعام السابق، ليكون التراجع الرابع على التوالي بواقع شهري. إلى هذا، يقول التقرير انّه ينبغي أن تنعم الدول المصدرة للنفط بهذين الشهرين وتدّخر لأن عام 2016 لا يبشّر بالخير لأسعار النفط. هذا وقد لا يرفع مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) الأسعار بقوة، وبالمقابل لن تحصل الصين على أي فائدة بالإضافة إلى إمكانية إيران زيادة الإنتاج العالمي بنسبة مليون برميل إضافي على الأقل
مشاركة :