يعتبر فقدان الذاكرة التأثير الأكثر ترويعاً لمرض الزهايمر، وهذا ما ركّز عليه الباحثون في كلية لندن الجامعية في تقرير نُشر في مجلة “Current Biology”، حيث حوّلوا انتباههم إلى الحُصين، وهو أحد أجزاء الدماغ المعنيّة بالذاكرة طويلة الأمد. وكان هدفهم مراقبة التفاعل بين اثنين من البروتينات وهما Wnt و Dkk1. ويلعب البروتين Wnt دوراً حاسماً في تشكّل وتطوير المشابك العصبية، في عملية تدعى بتبادل إشارات Wnt المعياري، وبالتالي تنظيم الاتصالات بين الخلايا العصبية. من جهة أخرى فإن البروتين Dkk1 لديه القدرة على الارتباط بمستقبلات Wnt في الخلايا العصبية، وبالتالي تثبيط تبادل الإشارات Wnt. ويشير البحث إلى أن التغيّرات التي تشمل المشابك العصبية على المستوى الجزيئي يمكن أن تؤثر على فقدان الذاكرة، بشكل مشابه للأعراض المرتبطة بمرض الزهايمر، حيث ينخفض تبادل الإشارات Wnt ويُلاحظ ازدياد في مستويات Dkk1. تمكّن الباحثون – باستخدام الفئران في التجارب الشاهدة – من تأكيد الارتباط بين المستويات المرتفعة لبروتين Dkk1 في الحُصين وتدهور وظائف الذاكرة. وقد تضمّنت التجارب وضع الفئران بحالات من شأنها اختبار الذاكرة المكانيّة (أي الذكريات التي تشمل أماكن وتجارب مؤلمة). وأكّدوا أن تبادل الإشارات Wnt تعدّ حاسمة بالفعل في تشكّل الذكريات. ولاحظوا أن المستويات المرتفعة لبروتين Dkk1 قد قلّلت من قدرة الخلية العصبية المُرسِلة على إثارة الخلية العصبية المُستقبِلة، كما أثّرت أيضاً في اللدونة العصبية (أي القدرة على تأسيس اتصالات عصبية قوية للتنشيط الأخير المشترك). وباختصار، فقد أظهرت الفئران علامات ملحوظة لفقدان الذاكرة. ولكن هل يمكن عكس هذه التأثيرات؟ باستخدام نفس التجارب الشاهدة ، ولكن هذه المرة بإزالة البروتين Dkk1 تدريجياً من الفئران، لاحظ الباحثون أن التأثيرات المذكورة أعلاه قد اختفت، وتم استعادة وظائف الذاكرة واللدونة العصبية بالكامل. يأمل الباحثون أن يكون العلاج المستخدم لخفض البروتين Dkk1 بإمكانه الوقاية من فقدان الذاكرة أو استعادتها في الحالات المبكرة من مرض الزهايمر، الأمر الذي يعطي الأمل في إمكانية السيطرة على هذا العرَض المدمّر.
مشاركة :