عمان/بغداد - خرجت اليوم الجمعة مظاهرات حاشدة في عدد من الدول العربية والغربية تضامنا مع الفلسطينيين وتنديدا بالعدوان الإسرائيلي على غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية المحتلتين. وخرج مئات الأردنيين في عمان وقرب الحدود مع الضفة الغربية المحتلة، في مظاهرة شارك فيها نحو 500 شخص قرب مسجد الكالوتي الذي يبعد نحو 500 متر عن مبنى السفارة الإسرائيلية في العاصمة الأردنية وهم يرفعون أعلام الأردن وفلسطين ولافتات كبيرة كتب عليها باللون الأسود "نكبة" و"نكسة". ويحيي الفلسطينيون في 15 مايو/ايار من كل عام ذكرى النكبة عام 1948 عندما هُجّر مئات آلاف الفلسطينيين من ديارهم خلال الحرب التي سبقت قيام إسرائيل. وهتف المتظاهرون "سنستمر حتى تتحرر فلسطين" و "ثورة حتى النصر" و "لا شرقية ولا غربية فلسطين عربية" و"صواريخ المقاومة الممثل الأوحد للشعوب العربية". وقال الموظف زيد أبوشقدم (27 عاما) "وجودنا هنا هو رسالة تضامن ودعم وحب واحترام للشعب الفلسطيني، ورسالة للعالم كله أننا متضامنون معهم ولن نسكت عن الحق بعد اليوم". وفي منطقة الكرامة على بعد حوالي خمسين كيلومترا من عمان والقريبة من الحدود مع الضفة الغربية المحتلة من إسرائيل منذ 1967، تجمّع نحو ألف شخص لليوم الثاني على التوالي، مطالبين بفتح الحدود لنصرة القدس الشرقية وغزة. وهتف هؤلاء "افتحوا الحدود" و"نحن شعب واحد مش شعبين"، وهم يرفعون أعلاما أردنية وفلسطينية. وتجمّع هؤلاء بالقرب من نصب الجندي المجهول في المنطقة التي شهدت "معركة الكرامة" عام 1968 التي يعتبرها الأردنيون والفلسطينيون أول انتصار عربي بعد هزيمة 1967 على الجيش الإسرائيلي الذي حاول حينها ضرب الفدائيين الفلسطينيين فتصدوا له مع الجيش الأردني بصلابة. ويشهد الأردن الذي يرتبط بمعاهدة سلام مع إسرائيل منذ عام 1994، منذ أيام تظاهرات تضامنا مع الفلسطينيين في القدس وغزة، بينما حذر العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ليل الجمعة السبت في كلمة ألقاها خلال مشاركته عبر دائرة الفيديو المغلقة في اجتماع للقادة الموقعين على "نداء كرايست تشرش" للتصدي للمحتوى الإرهابي والمتطرفين على الإنترنت، من خطورة "ترك الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بدون حل شامل وعادل ينهي الاحتلال ويلبي جميع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني". واعتبر أن "ما ينتج عن الانتهاكات الخطيرة التي ترتكبها إسرائيل ضد المسجد الأقصى المبارك والمقدسيين من عنف، يهدد الاستقرار والأمن ويغذي التطرف ويعزز خطاب الكراهية". وأوضح الملك عبدالله في كلمته أن "انعدام العدالة وغياب الأفق السياسي يذكيان نار التطرف، إذ يستغل الإرهابيون الشعور بالغبن لكسب المؤيدين إلى صفوفهم". وتظاهر الآلاف من أنصار رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر بعد ظهر السبت في بغداد ومدن عراقية أخرى دعما للفلسطينيين الذين يتواصل التصعيد بينهم وبين إسرائيل منذ أيام لا سيما في قطاع غزة. ورفع آلاف المتظاهرين في ساحة التحرير في بغداد التي شهدت التجمع الأكبر، الأعلام الفلسطينية والعراقية وصور الزعيم الشيعي مقتدى الصدر. وشهدت مدن البصرة والناصرية والديوانية جنوبا مظاهرات مماثلة. ونشر الصدر الجمعة دعوة على تويتر للتظاهر من أجل "مساندة الشعب الفلسطيني". وفي خطبة ألقاها ممثل له من ساحة التحرير، قال "إسرائيل تحاول جاهدة أن تتصالح مع العرب والمسلمين عبر التطبيع مع بعض الدول التي لا تتحكم فيها إلا المصالح المالية والاقتصادية"، منددا بـ"تهجير" إسرائيل لـ"السكان والمدنيين" الفلسطينيين. وقال علي راضي أحد المتظاهرين في بغداد إنّ الهدف من التجمع هو "نصرة القضية الفلسطينية العادلة والمحقة وأهلنا في فلسطين ضد الاحتلال الإسرائيلي". وتشكّل هذه التظاهرة استعراضا لحجم التيار الصدري استعدادا للانتخابات النيابية المبكرة التي من المقرر أن تعقد في العاشر من أكتوبر/تشرين الأول كما يرى خبراء. وردد المتظاهرون شعارات مساندة للفلسطينيين وأخرى داعمة لمقتدى الصدر. وكانت فصائل شيعية أخرى موالية لإيران قد أعلنت الجمعة نيتها الانضمام لتظاهرة السبت في بغداد، لكن الحضور الأكبر كان لمناصري التيار الصدري. بدوره، أكّد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في كلمة له منذ يومين لمناسبة عيد الفطر على "موقف العراق رفض وإدانة الاعتداءات الإسرائيلية الجبانة على الفلسطينيين العزل في القدس وغزة". ومنذ الاثنين، بلغت حصيلة الضحايا الفلسطينيين في الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة 139 قتيلا بينهم 39 طفلا، وألف جريح حسب أرقام نشرتها السلطات الفلسطينية. وأطلقت الفصائل الفلسطينية المسلحة أكثر من 2300 صاروخ على إسرائيل منذ الاثنين، ما أسفر عن تسعة قتلى بينهم طفل وجندي وأكثر من 560 جريحا. كما أدت صدامات في الضفة الغربية المحتلة بين الفلسطينيين والجيش الإسرائيلي، إلى سقوط 11 قتيلا و250 جريحا الجمعة. كما خرجت تظاهرات السبت في العاصمة التونسية ومدن أخرى من البلاد دعما للفلسطينيين وللمطالبة بتدخل المجتمع الدولي لوقف "جرائم" الجيش الإسرائيلي. وتجمّع مئات المحتجين رافعين الأعلام الفلسطينية وسط العاصمة تونس وجابوا شارع الحبيب بورقيبة الرئيسي بوسط العاصمة في حضور الشرطة. ومن بين الشعارات التي أطلقها المتظاهرون "الشعب يريد تجريم التطبيع" مع إسرائيل. كما تجمّع متظاهرون أيضا في ساحة القصبة قرب مقر الحكومة في العاصمة. ونظمت تظاهرات دعم للفلسطينيين في مدينتي صفاقس والمنستير (وسط شرق)، وفق شهود وأشرطة فيديو نشرت على مواقع التواصل الاجتماعي ومن المتوقع خروج تظاهرة في مدينة سوسة الساحلية (شرق) عصر السبت. وتأتي التظاهرات رغم تدابير الإغلاق السارية حتى الأحد. وأدانت رئاسة الجمهورية التونسية في بيان الجمعة "الاعتداءات السافرة على فلسطين أرضا وشعبا وحقوقا والممارسات الاستفزازية والقمعية لقوات الاحتلال". وقالت إن تونس بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن تبذل "قصارى الجهد من أجل تحميل المجلس مسؤوليته في حفظ السلم والأمن الدوليين". وكانت تونس قد اقترحت في مجلس الأمن الدولي مشروع إعلان مشترك يطالب "إسرائيل بوقف أنشطة الاستيطان والهدم والإخلاء" في حق الفلسطينيين بما في ذلك في القدس الشرقية التي احتلتها إسرائيل وضمّتها. ولم يتبن المجلس الإعلان المقترح بسبب معارضة الولايات المتحدة. وتظاهر آلاف الأشخاص في برلين وعدد من المدن الألمانية الأخرى السبت تلبية لدعوة جماعات داعمة للفلسطينيين في ظلّ التصعيد العسكري الدائر بين حماس وإسرائيل. وسمِح بإقامة ثلاث تظاهرات في العاصمة الألمانية السبت، بما في ذلك تظاهرتان في حيّ نويكولن الشعبي في جنوب المدينة. وانضم عدّة آلاف إلى التظاهرة التي دعت إليها جمعية "صامدون" في ساحة هرمنبلاتز الرئيسية في الحي، رافعين أعلاما فلسطينية وتركية ولافتات تدعو إلى "مقاطعة إسرائيل". وهتف المحتشدون بشعارات "غزة حرة" و"حياة الفلسطيني مهمة" و"أنقذوا حي الشيخ جرّاح" في القدس الشرقية. وألقى متظاهرون مقذوفات على الشرطة التي أوقف عدد من الأشخاص. وقالت إنّ إجراءات التباعد الاجتماعي المفروضة على خلفية تفشي وباء كوفيد-19 لم تكن محترمة. وكان الحيّ نفسه شهد تظاهرة أولى جمعت مئات في وقت سابق السبت، وفق وسائل إعلام ألمانية. وانطلقت تظاهرة ثالثة عند الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش في حيّ كروزبرغ، بمشاركة نحو 250 شخصا. وأطلِقت دعوات للتظاهر في مدن ألمانية أخرى مثل فرانكفورت ولايبزيغ أو هامبورغ، حيث من المتوقع تجمع مئات الأشخاص وفق الصحافة الألمانية. وفي اليونان أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع ومدافع المياه اليوم السبت لتفريق متظاهرين مؤيدين للفلسطينيين ضد الهجمات الإسرائيلية على غزة. وسار مئات الأشخاص وهم يهتفون "الحرية لفلسطين" ويلوحون بالأعلام الفلسطينية، إلى السفارة الإسرائيلية في أثينا التي طوقتها حافلات الشرطة. وتأتي المظاهرة في أثينا في أعقاب احتجاجات مماثلة في مدن حول العالم بعد أيام من اندلاع الصراع بين إسرائيل والفلسطينيين. وفي العاصمة البريطانية تظاهر الآلاف احتجاجا على القصف الجوي الإسرائيلي لقطاع غزة. ونظم المظاهرة في حديقة هايد بارك بقلب لندن منظمات مختلفة مؤيدة للفلسطينيين، مثل "أصدقاء الأقصى" و"حملة التضامن مع فلسطين" و"أوقفوا تحالف الحرب" و"الرابطة الإسلامية لبريطانيا". ورفع العديد من المشاركين أعلاما فلسطينية ولافتات عليها " حرروا فلسطين". وطالب متحدث باسم المتظاهرين الحكومة البريطانية بالوقف الفوري لدعمها العسكري والدبلوماسي والمالي لإسرائيل. ومن المتوقع أن يكون الرئيس السابق لحزب العمال، جيريمي كوربين، ضمن من سيتحدثون إلى المظاهرة. وكانت كتلة حزب العمال البريطاني المعارض علقت عضوية كوربين بعد أنّ وجدت هيئة رقابية حكومية أنّ الحزب ارتكب خرقا "لا يمكن تبريره" لقواعد المساواة لشكاوى متعلقة بمعاداة السامية خلال رئاسة كوربين للحزب (2020-2015). وكان قد اُتُّهِم في الماضي بأن له توجهات معادية للسامية، لكنه نفى هذه الاتهامات بشكل دائم.
مشاركة :