الحل أو الفرصة الأخيرة الممكنة لقضية فلسطين

  • 5/18/2021
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أصبح قرار الحرب قرارا فرديا من منظمات، وهي حماس والجهاد الإسلامي   أعتذر للقارئ العزيز إرجاء المقال الثالث عن «حكاية المفاوضات التجارية الخليجية الأوروبية» إلى الأسبوع بعد القادم؛ لأسباب تتعلق بالتطورات الأخيرة على الساحة الفلسطينية والتي تتطلب فعلا وقفة مراجعة صريحة مع الذات أو النفس -صفها كما تحب- بعد أن أصبح قرار الحرب قرارا فرديا من منظمات، وهي حماس والجهاد الإسلامي، التي لم تشارك في اتخاذه الدول العربية ولا حتى القيادة الفلسطينية في رام الله، ومن ثم نسمع أصواتا تطالب بإعمار غزة وما دمرته إسرائيل. ولست أعرف كيف يمكن قبول قرار الحرب الذي اتخذته منظمة ضد دولة تعرف ما تملكه تنظيما وتكنولوجيا عسكرية ومخزونا هائلا من العتاد وقوة نارية من السلاح تتفوق به على الدول العربية مجتمعة؟ وكيف من الممكن التعاون مع دولة بسبب عدم احترامها للدول نظرا لاستمرار التعنت الإسرائيلي باستخدام القوة المفرطة لفض الاشتباكات في القدس وغزة أو أي مكان في فلسطين لتنفيذ مخطط التدمير وإقامة المستوطنات لفرض سياسة الأمر الواقع، ليصبح أمر اقامة دولة فلسطينية مستحيلا جدا؟ لذلك فإن كانت إسرائيل: • محظوظة أولا بوجود قوة عظمى كالولايات المتحدة الامريكية التي تقف الى جانبها وتحميها، وتعتبر ما تقوم به من اعمال عنف ضد الشعب الفلسطيني إجراءات مشروعة لحماية أمنها وفي حدوده المعقولة. • وإذا كانت إسرائيل أيضا قد وجدت في ضعف الامة العربية والقيادات العربية المحيطة بإسرائيل بالدرجة الاولى أمرا ساعدها على تنفيذ مخططاتها دون أي اعتبار لأي موقف عربي، خاصة قرارات الجامعة العربية التي أصبحت حبرا على ورق ولا تساوي حتى قيمة الحبر الذي كتبت به. • وإذا كانت إسرائيل تعرف جيدا أن الانقسام الداخلي الفلسطيني هو الذي شجعها ودفعها للتصرف كما تشاء وكيف تشاء دون وضع أي اعتبار لموقف القيادة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس في رام الله او اسماعيل هنية في غزة. • وإذا كانت إسرائيل تعلم تماما أنها جزء من مخطط إنهاء الاسلام السني في العالم الذي دخل وتوسع في أوروبا، فأصبح القضاء عليه وعلى تمدده يأتي في اطار الصراع الحضاري بين الأمم. هذا الصراع الذي تدخل فيه إيران الى جانب الغرب ومن ضمن المخطط الذي تقوده الولايات المتحدة خاصة بعد هجمات 11 سبتمبر. فإن إسرائيل على حق جملة وتفصيلا لأنها لا تجد من يردعها. ولا يجب هنا أن نضع اللوم على القيادات العربية التي وضعت ثقتها في الأمم المتحدة ومجلس الامن باتخاذ القرارات التي بإمكانها وقف إسرائيل عن جنونها وبطشها، إلا أن مجلس الأمم مكبل «بالفيتو» أو كما يسمى «حق النقض». كما يجب ألا نضع اللوم أيضا على القيادات العربية التي ترى الانقسام الفلسطيني قائما بين القيادات الفلسطينية التي تلاعبت بها التيارات العربية وغير العربية، خاصة ايران، ما أدى في نهاية المطاف الى عدم ثقة القيادات العربية في قيادات الشعب الفلسطيني التي أصبحت تتدخل في الشأن الداخلي العربي. ولكن.. أليس هناك من حل؟ حل فلسطيني داخلي بدعم عربي.. حل الفرصة الاخيرة دون استخدام القوة! لأن القوة لم تعد ممكنة. أليس ممكنًا اللجوء الى المقاومة السلمية على طريقة المهاتما غاندي؟!! أليس ممكنًا دراسة ما قام به ضد الاستعمار البريطاني والتفرقة العنصرية؟ إنها نفس الصورة تتكرر في القرن الواحد والعشرين التي يعيشها الشعب الفلسطيني تحت الاستعمار الإسرائيلي والحصار والتفرقة العنصرية التي حاربتها الأمم المتحدة في سبعينات القرن الماضي. فما هي المقاومة السلمية عند غاندي الذي سطر التاريخ أعماله بأحرف من نور، وأضاءت مواقفه الطريق لكل من يريد الحرية؟ فهو الذي أسس فلسفة «اللا عنف» أو فلسفة «المقاومة السلمية» التي وهب المهاتما غاندي حياته لنشرها على مدى خمسين عامًا يبشر بها ويدعو إليها. ويعتبر غاندي الزعيم الروحي للهند خلال حملة الاستقلال، وقاد حملات وطنية لتخفيف حدة الفقر وزيادة حقوق المرأة ومحاولة بناء وئام و طني ووضع حد لنبذ العنف، وكان يهدف من وراء ذلك زيادة الاعتماد علي الذات اقتصاديًا وتحقيق استقلال الهند. وتتخذ سياسة اللاعنف أو فلسفة المقاومة عدة أساليب وطرق لتحقيق أغراضها، وهي لا تعني السلبية والضعف كما يتبادر إلي الذهن، بل هي كل القوة إذا آمن بها من يستخدمها، ولذلك يقول غاندي: «إن اللا عنف هو أعظم قوة متوافرة للبشرية، إنها أقوى من أي سلاح دمار صنعته براعة الإنسان». ويشترط غاندي شروطًا لنجاح هذه السياسة، وهي تمتع الخصم ببقية من ضمير وحرية تمكنه في النهاية من فتح باب الحوار الموضوعي مع الطرف الآخر. ونستطيع القول إن سياسة اللا عنف أو ما يمكن تسميته بالمقاومة الناعمة تعطي دروسًا مهمة، من أهمها أن اللا عنف يعتبر سلاحًا فعالاً ونافذًا لتحقيق الأهداف. وعلى ما أعتقد أن الامم المتحدة أغلقت ملف الاستعمار والتفرقة العنصرية منذ فترة طويلة بعد استقلال أكثر دول العالم التي انضمت للأمم المتحدة، ولكن ألم يحن الوقت لإعادة بحث القضية الفلسطينية تحت ملف الاستعمار والتفرقة العنصرية التي لم يشهد مثلها في التاريخ؟ فلم يعد مسار أوسلو ممكنًا ولا مسار المفاوضات الثنائية ممكنًا ولا التطبيع دون ثمن ممكنًا هو الآخر، فلا بد إذًا من البحث عن البديل. والبديل الذي أراه بعد أن فشلت الدبلوماسية في أروقة الأمم المتحدة والاتفاقيات الثنائية والتطبيع هو اللجوء الى المقاومة السلمية في الداخل الفلسطيني التي أرى أنها سبيل متاح لتحرير فلسطين من الاحتلال الإسرائيلي العنصري.

مشاركة :