البداية.. الكف عن مطالبة الضحية الفلسطينية بتوفير شروط الحماية لمستقبل جلاّدها..! -1- لم نستطع ان نتمنى لأنفسنا فى الايام الماضية وحتى الآن عيدًا سعيدًا، البهجة مفقودة، ليس لان مظاهر الاحتفاء بالعيد، من زيارات، وتجمعات عائلية، ومجالس رمضانية، ومظاهر اخرى اختفت، او لم تعد كما كانت، وليس لاننا اصبحنا أمام جائحة تهدد وتفتك بالناس وألقت بضلالها الثقيلة على جميع الآفاق، وشلّت أنشطة الحياة المختلفة، واصبحنا ننام ونستيقظ على خبر اصابات ووفيات، وناس طيبون نعرفهم او لا نعرفهم يرحلون فى صمت، دون مراسم تشييع، او مجالس عزاء، فقط تعازٍ عبر مواقع التواصل الالكتروني، وواقع عليه اكثر مما له يقدم نفسه بنفسه، وكأن كل ما يجري أمامنا وحولنا يشعرنا بان هناك من لا يريد لنا الفرح والفرج وحتى بصيص الأمل، ولكن بالاضافة الى كل ذلك، فان ما يدور على الساحة الفلسطينية من فضائع على يد قوات الاحتلال الفاجر الاسرائيلية بوضوح تام، وتفاصيل لا تنقصها البراهين من الألف الى الياء حول الطغيان والجبروت الذي يمارسه المحتل وكلها لم تقابل الا بالهروب الى الصمت المريب المعبر عن عجز عجيب، او الهروب الى اجتماعات على عدة مستويات، طارئة وعادية وفوق العادية، حصيلتها منظومة جديدة من بيانات شجب واستنكار، ومزايدات وشعارات فارغة..! ذلك بوجه عام رد فعل بمثابة إبراء ذمة بشكل مثير للاستغراب بل والاستهجان والقلق، هذا على الصعيد الرسمي العربي، وبالمقابل وجدنا دعوات الى «وقف العنف الفلسطيني»، والى التفاوض وضبط النفس، ومواقف منحازة ترى بان «اسرائيل تدافع عن نفسها»، هذا على الصعيد الدولى، مع ملاحظة ان هناك دولاً تصدّع رؤوس العالم بشعارات حقوق الانسان وحرية العبادة والمساواة بينما تغض الطرف عن أبشع الممارسات العنصرية وسياسات الفصل العنصري وكل ما هو صادم بحق الشعب الفلسطينى في غزة والضفة والقدس وكل الاراضي المحتلة..!! الشعب الفلسطيني يثبت مجدداً ان روح النضال والمقاومة لم تجهض، وانه ليس في استطاعة اي دولة، او دول ان تلغيه من اي حسابات، ما يحدث الآن في فلسطين المحتلة يسقط أوراق التوت عن عورات المتاجرين بالقضية الفلسطينية والمطبعين، ومن يساوون بين الفعل الاسرائيلي القائم على تكريس الاحتلال والاستيطان، والقمع والقتل بالدبابات والطائرات والمدافع الثقيلة، وممارسة أبشع أساليب الاضطهاد تجاه الشعب الفلسطيني، وبين الفعل الفلسطيني الذي يواجه همجية وغطرسة اسرائيلية، ويناضل من اجل القدس وحماية المسجد الأقصى، وكيان وارض وحقوق مشروعة مغتصبة، ومواجهة وقائع مجحفة على الاراضي المغتصبة يفترض انها توقظ العرب من الانسياق من أوهام الاستقرار مع كيان ينمو على حقوق الشعب الفلسطيني، ويمارس القتل والتدمير والتهجير والترويع، وكل ما يعد إرهاباً، واذا لم يكن كل هذا ارهاباً فكيف يكون الارهاب..؟! الشعوب العربية وحدها، وفي المقدمة منها شعب البحرين ظلت مواقفها داعمة ومتضامنة مع الشعب الفلسطيني ورفض محاولات تصفية القضية الفلسطينية، مبدية كل مظاهر التضامن الممكنة او المسموح بها مع شعب يخوض معركة المصير والكرامة، شعب يواجه كل من يستهدفون القضاء نهائياً على قضية احتلت العقل والوجدان العربي، ولا زالت الشعوب العربية تراها قضية العرب المركزية، ولا زالت هذه الشعوب رافضة لكل المزاعم التي تستظل بدعاوى دعم المسيرة السلمية. الخلاصة، ام ما يجري من جرائم سرية وعلنية ضد الشعب الفلسطيني هو امتحان للأنظمة العربية، وامتحان يومي للضمير العالمى.. هذا الضمير الذي عليه كما قال الشاعر محمود درويش ان يسأل الآن اكثر: ماذا يحدث هناك؟، لان إخفاء الكاميرا عن مسرح الجريمة لا يعني ان الجريمة لا ترتكب، وان إسدال الظلام على الدم لا يخفى صرخة الدم، وصورة الحرية لا تحتاج الى تصوير، ولتكن البداية هي البداية، والبداية الكل يعرفها أساسها التفريق بين الحق وسارق الحق، والكف عن مطالبة الضحية الفلسطينية بتوفير شروط الحماية لمستقبل جلاّدها..! -2- احتفل العالم في الثاني عشر من شهر مايو الجاري باليوم العالمي للتمريض، هذه المهنة التي يجمع العالم على تسمية العاملين فيها بملائكة الرحمة، والتسمية لها وجاهتها ومبرراتها، وكم تمنيت لو لم تمر هذه المناسبة مرور الكرام واحتفلنا بها بما يليق بالمقام بهذه المهنة وببعدها الانساني، وكم تمنيت لو خرج لنا مسؤول معني يوجه التحية الواجبة لطواقم الممرضين والممرضات الذين يتقدمون الصفوف الاولى مع الكوادر الطبية والفنية ممن يواجهون جائحة كورونا، وليعلن اضافة الى ذلك عن اي خطوة او توجه او مشروع يرتقي بمنظومة التمريض وبواقع حال الممرضين والممرضات من ابناء البحرين في اي موقع كان.. تحية تقدير واعتزاز واجبة منا لهم جميعاً ولكل مقدمي الخدمات التمريضية والطبية. -3- الشجاعة أنواع، شجاعة التغيير والالتزام بالوعود، وشجاعة الاعتراف بالخطأ، وشجاعة الاعتذار عن الخطأ، وشجاعة اتخاذ القرار وحسم ما يفترض ان يحسم، وشجاعة المراجعة والتقويم والتصويب، وشجاعة الفكر وفي هذا الخصوص قيل بان العقول الشجاعة دائماً تفكر، وصدق من قال «كي تكون شجاعاً.. اتبع ضميرك».. ياترى هل وصلت الرسالة..؟!
مشاركة :