تنذر الأوضاع الأمنية التي تشهدها إسرائيل على الصعيدين الداخلي والخارجي خلال هذه الأيام بفشل جهود زعيم حزب (يوجد مستقبل) يائير لابيد لتشكيل حكومة، وتمنح رئيس الوزراء الحالي بنيامين نتنياهو انفراجة ضئيلة لإنقاذ مستقبله السياسي. وتشهد إسرائيل منذ يوم الاثنين الماضي تصعيدا عسكريا مع الفصائل الفلسطينية المسلحة في قطاع غزة وعلى رأسها حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وصف "بالأشرس" منذ حرب عام 2014. ويأتي التصعيد بعد تصاعد التوتر في مدينة القدس وحدوث صدامات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية والفلسطينيين امتدت إلى الحرم القدسي وأدت إلى وقوع أكثر من 700 إصابة في صفوف المتظاهرين الفلسطينيين. ووفقا للجيش الإسرائيلي، أطلقت الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة أكثر من 2300 صاروخ منذ يوم الاثنين الماضي تجاه الأراضي الإسرائيلية. وعلى الصعيد الداخلي، شهدت المدن الإسرائيلية المختلطة (التي يقطنها العرب واليهود) "أسوأ موجة عنف منذ سنوات"، بعد مقتل شاب عربي برصاص إسرائيلي في مدينة اللد. وتصاعدت حدة العنف بين العرب واليهود في الشوارع وسط حوادث إضرام نار وتخريب مركبات ومتاجر ومساجد ومعابد يهودية ومقبرة المسلمين. ويرى محللون سياسيون إسرائيليون أن تصاعد التوترات العسكرية مع قطاع غزة، وأعمال العنف في داخل إسرائيل تنذر بفشل تشكيل حكومة بقيادة لابيد، وتعطي جرعة أمل لنتنياهو. وقال المحلل السياسي والكاتب في صحيفة معاريف بن كاسبيت لوكالة أنباء ((شينخوا)) "انهار نفتالي بينيت وتوفيت حكومة التغيير فجأة، وبعثت الروح في نتنياهو من جديد". وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، أفادت مصادر من حزب (يمينا) أن زعيم الحزب نفتالي بينيت تراجع عن نيته تشكيل ائتلاف حكومي مع لابيد، مشيرة إلى أنه سيستأنف المفاوضات مع حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو. وردا على ذلك، قال لابيد إن بينيت "مخطئ" وتعهد بمواصلة محاولة تشكيل حكومة وحدة لتحل محل نتنياهو. وفي الخامس من مايو الجاري، حصل لابيد على تفويض لمدة 28 يومًا من الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين لتشكيل ائتلاف حكومي بعد فشل نتنياهو في القيام بذلك. من جانبه، قال المحلل السياسي يوسي فيرتر، إن "عدة أيام من أعمال العنف كسرت نفتالي بينيت، وأعادته بذيل مطوي إلى كتلة اليمين". وأضاف فيرتر لوكالة أنباء ((شينخوا))، أن "بينيت انهار، الرجل الذي دعا في آخر حملة انتخابية الى استبدال نتنياهو، فقد عقله بعد ثلاثة أيام من أعمال الشغب". وأشار فيرتر إلى أنه كان من الممكن أن يصبح بينيت رئيسا للوزراء، وكان لديه فرصة لمرة واحدة لقيادة تحالف لا مثيل له في إسرائيل وإسقاط نتنياهو. وخاضت إسرائيل أربعة انتخابات برلمانية في غضون عامين لم تسفر عن نتائج حاسمة كان آخرها في مارس الماضي. وترى أوساط سياسية في إسرائيل أن الحملة العسكرية التي أطلقتها إسرائيل ضد قطاع غزة تهدف إلى خدمة نتنياهو وتحسين صورته أمام الجمهور الإسرائيلي. وانتقد رئيس حزب (إسرائيل بيتنا) أفيغدور ليبرمان رئيس الوزراء نتنياهو قائلا إن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) "يخضع بالكامل لسلطة نتنياهو، والوزراء ليس لهم أي تأثير حقيقي على التحركات التي يتخذها". وقال ليبرمان في حديث مع (القناة 12) الإسرائيلية، إنه طالما أن تفويض تشكيل الحكومة مع لابيد سيحاول نتنياهو إطالة العملية العسكرية لإفساد الأمر عليه، مشددا على أن العملية العسكرية على غزة "بلا سياسة واضحة". من جهته قال المحلل السياسي شالوم يروشالمي أن مفاوضات الائتلاف "ترجع إلى الوراء، فالحرب ضد العرب لا تسير مع حكومة تريد أن تدافع عن الدعم العربي والمزاج الوطني لا يستوعب مثل هذا الواقع". وأضاف يروشالمي في حديث مع وكالة أنباء ((شينخوا)) "لو أن لابيد وبينيت قاما بخطوة خاطفة ووقعا اتفاقات سريعة قبل الحرب ربما كل شيء كان سيبدو مختلفًا". ورأى يروشالمي أن كل هذه التطورات تمنح نتنياهو وقتا وجرعة أمل لإنقاذ مستقبله السياسي، كما تترك المجال مفتوحا أمام احتمالية توجه إسرائيل إلى انتخابات خامسة.
مشاركة :