شهدت مدينة تطوان المغربية مسقط رأس شهيد فلسطين الفدائي الحسين بن يحي الطنجاوي،الذي استشهد سنة ١٩٧٤،الوقفة التضامنية مع الشعب الفلسطيني التي نظمتها اليوم الأحد ١٦ ماي ٢٠٢١، فعاليات مدنية وسياسية بمدينة تطوان. حظيت قضية فلسطين باهتمام كبير من المغاربة، الذين كانوا ينظرون إليها قضية دينية، قبل أن تكون سياسيةن وقضية جهاد مقدس لحماية المقدسات، قبل أن تتحول إلى "قضية وطنية" في أدبيات التيارات السياسية الوطنية والإسلامية المغربية، مما جعل منها قضية إجماع مؤكد لدى الشعب المغربي عليها، وهو ما عبرت عنه المسيرة الحاشدة والموحدة، التي شهدتها المدن المغربية، اليوم الأحد ١٦ ماي ٢٠٢١ وخاصة بمدينة شهيد فلسطين الحسين بنيحي الطنجاوي، تطوان التاريخ في دعم ونصرة القضية الفلسطينية منذ عقود، للتنديد بالعدوان الصهيوني الإسرائيلي المغتصب على غزة حق الشعب وقتل الأبرياء والأطفال. ويعد هذا الزخم الشعبي العارم من التضامن، الذي عبر عنه الشارع التطواني، نتاج مسار تاريخي طويل من الالتزام المغربي بنصرة الفلسطينيين، والدفاع عن أرضهم والانتصار لحقوقهم. كان المغاربة المتوجهون إلى أداء فريضة الحج، يبدأون بزيارة بيت المقدس، لمكانته الدينية عندهم. وقد اتخذ كثيرون منهم القدس مستقراً لهم، بينهم علماء ومتصوفة وتجار ومجاهدون، فضلوا الإقامة في المدينة المقدسة للدفاع عنها، والذود عن مقدساتها. وفي أثناء الحروب الصليبية، بعث صلاح الدين الأيوبي رسالة إلى السلطان المغربي، يعقوب المنصور الموحدي، يطلب فيها منه العون، فأرسل له الأخير أسطولاً حربياً شارك به في تلك الحرب المقدسة. وقد حدث ذلك قبل أكثر من ٨٠٠ عام. وكُتب أن صلاح الدين، وعند تحرير القدس، أمر بإسكان المغاربة عند الباب الغربي للمدينة، فسمي "حي المغاربة"، وستحمل البوابة منذ ذلك التاريخ اسم "باب المغاربة"، وهي إحدى بوابات المدينة المقدسة، وتوجد قرب حائط البراق. وعندما سئل صلاح الدين عن اختيار تلك البوابة مقراً لسكن المغاربة، أجاب: "أسكنت هناك من يثبتون في البر، ويبطشون في البحر، من أستأمنهم على هذا المسجد العظيم، وهذه المدينة". وسيمسح حي المغاربة هذا، الذي كان يعج بالحياة، من على وجه الخريطة عام ١٩٦٧، وتحول إلى ساحة يعبرها الحجاج اليهود في طريقهم إلى "حائط البراق"، أو "حائط المبكى" كما يسميه اليهود! ولتطوان ذكريات وذكريات مع فلسطين, والدفاع عن القضية الفلسطينية، ويعتبر ابنها البار الشهيد الحسين بن يحي الطنجاوي من شهداء فلسطين. ولد الشهيد الحسين بن يحيى الطنجاوي عام ١٩٤٥ في مدينة تطوان المغربية ,تلقى فيها دراسته الابتدائية والثانوية ثمّ انتقل إلى الرباط ليتابع دراسته الجامعية . كان شغوفا” بالعلم فأمضى حياته في الترحال في أقطار أوربا ينهل من بحر العلوم , ففي عام ١٩٦٨ سار باتجاه اسبانيا واستقر في مدينة فالنيسيا ودرس في كلية الهندسة ثمّ تخرج مهندسا” للطيران . انتقل بعدها إلى بلجيكا ودرس في المعهد التكنولوجي وتزوج من بلجيكية ابنة أحد الضباط الساميين في الحلف الأطلسي ,ثمّ رحل إلى إيطاليا وانخرط في الحزب الشيوعي الإيطالي الذي كان في طليعة اليسار الأوروبي آنذاك . ولم تكن القضية الفلسطينية بعيدة عن وجدانه ولم ينفك عن الدفاع عنها في كل مكان وطأته قدمه في أمصار أوربا وغيرها, وفي عام ١٩٧٣ انتقل إلى العراق ودرس بكلية الحقوق والتقى بالشهيد البطل عبد الرحمن اليزيد امزغار , ثمّ غادر إلى لبنان وانخرط في صفوف الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين حيث كان يدير حلقات التوجيه الإيديولوجي في مخيم الرشيدية في جنوب لبنان , ثمّ حمل البندقية إلى جانب رفاقه وشارك في العديد من العمليات العسكرية . وفي ليلة ٢٨/ تشرين الثاني /١٩٧٤ خرج الحسين الطنجاوي مع أربعة من رفاقه قاصدين الأراضي الفلسطينية، فاصطدموا بكمين صهيوني فخاضوا معركة بطولية استشهد مع أربعة من رفاقه ونجا واحد منهم رغم جراحه الخطيرة وقد أوقعوا في صفوف العدو خسائر كبيرة , وماكان من قوات العدو الصهيوني إلا أن ألقت بجثث الشهداء على الحدود اللبنانية وكانت هذه المرة الأولى تلقي بها قوات العدو بجثث الشهداء لتدب الرعب في قلوب سكان القرى . وباستشهاد الحسين الطنجاوي تأكيد على روابط التحام المغرب بالثورة الفلسطينية وتضحيتها من أجل إعادة الحق إلى أصحابه. فلسطين في وجدان المغاربة والقدس بها باب المغاربة.
مشاركة :