دعا رئيس البرلمان العربي عادل العسومي، الأمم المتحدة والاتحاد البرلماني الدولي إلى تشكيل لجنة تقصى حقائق مشتركة، حكومية وبرلمانية، للتحقيق في الانتهاكات الصارخة لسلطات الاحتلال في مدينة القدس وقطاع غزة وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة. جاء ذلك في كلمة "العسومي " أمام الجلسة الطارئة للبرلمان العربي حول الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية في فلسطين، والتي انطلقت اليوم الأربعاء، بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بمشاركة الرئيس الفلسطيني محمود عباس" أبو مازن"عبر الفيديو كونفرانس، وحضور كل من: الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، ورئيس مجلس النواب اليمني الشيخ سلطان البركاني، وأعضاء البرلمان العربي. كما دعا العسومي، إلى عقد دورة طارئة لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لبحث هذه الانتهاكات التي تعصِف بأبسط مبادئ وقواعد حقوق الإنسان، المُتعارف عليها عالميًا والمنصوص عليها في كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية ذات الصلة. وطالب رئيس البرلمان العربي، المحكمة الجنائية الدولية بتطبيق اختصاصها الإقليمي حول الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة والتحقيق العاجل في الجرائم التي ترتكبها سلطات الاحتلال ومحاكمة مرتكبيها. كما دعا وسائل الإعلام العربية كافة وبمختلف أنواعها، إلى مخاطبة الرأي العام العالمي بلغاته المختلفة، لحشد الدعم والتأييد اللازم لنصرة القضية الفلسطينية على كافة المستويات. وأكد العسومي أن مدينة القدس المحتلة شهدت في الفترة الماضية تطورات بالغة الخطورة، تمثلت في تصاعد وتيرة الانتهاكات المُمنهجة التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلية بحق أبناء الشعب الفلسطيني، واقتحامها المستمر لباحة المسجد الأقصى المبارك واعتداءاتها "الجبانة" على المصلين والمقدسيين المرابطين على أرضهم، فضلًا عن جريمة التطهير العرقي التي تقوم بها في حي الشيخ جراح وغيره من الأحياء، تمهيدًا لإقامة وحدات استيطانية جديدة، وطرد أصحاب الأرض منها. وأشار رئيس البرلمان العربي إلى أن سلطات الاحتلال تمادت في عدوانها الغاشم ضد الشعب الفلسطيني، من خلال قصف هَمَجي متواصل تعمَّد استهداف المدنيين في قطاع غزة، وأسفر عن سقوط المئات من الشهداء وآلاف الجرحى، بينهم عدد كبير من النساء والشيوخ والأطفال الأبرياء، مؤكدا أن هذه الجرائم والسياسات العدوانية هي جرائم حرب، بل وجرائم ضد الإنسانية مكتملة الأركان، وتؤكد استخفاف سلطات الاحتلال بجميع قواعد القانون الدولي، وتعكس تحديًا سافرًا لكافة قرارات الشرعية الدولية، كما تمثل استفزازًا لمشاعر الملايين من المسلمين والمسيحيين في جميع أنحاء العالم، وتكشف عن الخطر الكبير الذي ينطوي عليه المساس بالمقدسات، وما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من انفجار للأوضاع، على نحو يصعب السيطرة عليه أو الإحاطة بتداعياته. وأوضح العسومي أن البرلمان العربي، وانطلاقًا من دوره القومي، قاد منذ اللحظة الأولى لوقوع هذه الانتهاكات والاعتداءات الغاشمة، تحركًا دبلوماسيًا برلمانيًا عربيًا على كافة المستويات من أجل حشد الدعم الإقليمي والدولي لنصرة القضية الفلسطينية، والوقف الفوري للجرائم التي تقوم بها سلطات الاحتلال. وقال العسومي "إنه في هذا السياق، وجهنا خطاباتٍ عاجلة إلى كل من: الأمين العام للأمم المتحدة، المفوض السامي لحقوق الإنسان، ورئيس الاتحاد البرلماني الدولي، ورؤساء البرلمانات الإقليمية، نطالبهم فيها بالتحرك الفوري وتحمُل مسئوليتهم القانونية والإنسانية والأخلاقية في التصدي للجرائم العنصرية والاعتداءات الغاشمة التي تقوم بها سلطات الاحتلال، وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطينى في مدينة القدس وقطاع غزة، وكافة الأراضي الفلسطينية المحتلة". وتابع العسومي إنه أكد في هذه الخطابات على المواقف الراسخة للبرلمان العربي تجاه القضية الفلسطينية، وفي مقدمتها الدعم التام لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة والمشروعة، وعلى رأسها حق تقرير المصير وإنهاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وحق العودة وحل قضية اللاجئين، وإطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين من معتقلات وسجون الاحتلال، كما تم إرسال خطاباتٍ مماثلة باسم المرصد العربي لحقوق الإنسان، للتنديد بالتنكيل اليومي الذي يتعرض له أبناء الشعب الفلسطيني. وسيظل المرصد في تواصل دائم مع المنظمات الإقليمية والدولية المعنية بحقوق الإنسان، لتوثيق الاعتداءات الهمجية التي تقوم بها قوات الاحتلال وفضحها أمام العالم أجمع". وذكر العسومي أن البرلمان العربي، سيظل في حالة انعقادٍ دائم، وتواصل مستمر مع كافة البرلمانات الإقليمية والدولية المؤثرة، لحثها على اتخاذ الخطوات اللازمة لوقف الانتهاكات والاعتداءات التي تقوم بها قوات الاحتلال. وسنعمل على حشد المواقف البرلمانية الدولية المؤيدة لإدراج هذه المسألة كبندٍ طارئ على اجتماعات الاتحاد البرلماني الدولي المقرر عقدها نهاية الشهر الجاري. وشدد رئيس البرلمان العربي على القضية الفلسطينية، تمثل قضية الحق والعدل في مواجهة الطغيان والغطرسة، كما تُجسِد وبحق الأزمة الرئيسية التي تواجه الضمير الإنساني العالمي في العصر الراهن،خاصةً في ظل حالة الصمت الدولي المُخزي تجاه ما تقوم به سلطات الاحتلال من اعتداءات سافرة على حقوق الشعب الفلسطيني. وأشار العسومي إلى أنه وعلى الرغم من السعي العربي الدؤوب للوقف الفوري لإطلاق النار والدعوة إلى تدخل دولي عاجل من كافة المؤسسات الدولية، للتصدي لهذه الجرائم ومحاسبة مرتكبيها، إلا أن مجلس الأمن الدولي أخفق للمرة الرابعة في مجرد إصدار بيان يُدين فيه جرائم الحرب التي ترتكبها سلطات الاحتلال، مما يعد وصمة عار على جبين المجتمع الدولي، وهو ما يدعونا إلى التساؤل عن دور المنظمات الدولية والإقليمية، خاصة المعنية بحقوق الإنسان، والتي تتباهى دومًا بنصرتها لحقوق الإنسان، ولكنها تتغافل عن انتهاك حقوق شعب بأكمله، على مرأى ومسمع العالم أجمع. وأكد العسومي أن اجتماع اليوم لنصرة شعبنا الفلسطيني الأبيّ، يمثل رسالةً قويةً للمجتمع الدولي بأن القضية الفلسطينية راسخة ومتجذرة في قلب كل عربي، وستظل القضية الأولى والمركزية التي تُوحِدِنا جميعًا. ولن يقبل الشعب العربي بالمساس بالحقوق المشروعة لأشقائنا الفلسطينيين أو حرمانهم من أبسط حقوقهم في العيش بحرية وكرامة وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها مدينة القدس، التي ستظل دائمًا نبراسنًا ورمزًا لعزتنا وكرامتنا ووحدتنا إلى يوم الدين. وأشار رئيس البرلمان العربي إلى أن الصمود البطولي والتضحيات الباسلة لأبناء الشعب الفلسطيني في مواجهة عنف وغطرسة القوة القائمة بالاحتلال،يُثبت للعالم أجمع أن عزيمة وإرادة صاحب الحق لن تنكسر أبدًا، وأن سياسات القتل والتدمير والتهجير التي تقوم بها قوات الاحتلال الغاشمة، لن تنجح في إخضاع الشعب الفلسطيني أو دفعه إلى الاستسلام واليأس، وإنما ستزيده إصرارًا في الدفاع عن حقوقه المشروعة. كما توجه رئيس البرلمان العربي بتحية إجلال وإكبار إلى أشقائنا في دولة فلسطين،الذين يخوضون معركة وجود دفاعًا عن هويتهم العربية وأرضهم ومقدساتهم، في مواجهة اعتداءات وجرائم قوات الاحتلال الغاشمة، سائلا الله تعالى أن يرحم الشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عن حقوقهم المشروعة،وأن يمن على المصابين بالشفاء العاجل. وأشاد رئيس البرلمان العربي، بتوجيهات الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، بفتح المستشفيات المصرية أبوابها لاستقبال الجرحى الفلسطينيين لعلاجهم، وإعلانه تقديم مبلغ نصف مليار دولار كمبادرة مصرية لصالح عملية إعادة الإعمار في قطاع غزة. وثمِن العسومي جهود الملك عبدالله الثاني بن الحسين ملك المملكة الأردنية الهاشمية صاحب الوصاية على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس الشريف في تقديم المساعدات الطبية ورعاية المقدسات في مدينة القدس، وقرار الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية رئيس لجنة القدس، بإرسال مساعدات إنسانية طارئة للأشقاء الفلسطينيين. وثمن أيضًا الجهود التي تبذلها الجمهورية التونسية برئاسة الرئيس قيس سعيد في مجلس الأمن الدولي دعمًا للقضية الفلسطينية، موجها الشكر لجميع الدول العربية على مواقفهم الثابتة لنصرة القضية الفلسطينية. ودعا العسومي إلى البناء على هذه الجهود، وإطلاق حملة تضامن شعبية ورسمية واسعة مع الشعب الفلسطيني الشقيق، ومساعدته بكافة الاحتياجات الإغاثية والصحية اللازمة، فضلًا عن المساهمة في إعادة إعمار ما دمرته قوات الاحتلال الغاشمة.
مشاركة :