الزنا في الإسلام هو الوطء المحرم من غير عقد شرعي قال تعالى «ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا». ويشترط لإقامة حد الزنا شهادة أربعة رجال عدول لقوله تعالى «واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم». وأما الزنا في الفقه والقضاء فيتحقق بالوطء سواء تم ضبط الزانية وشريكها في حالة التلبس أو غير حالة التلبس أي ممكن إثباته بكافة الأدلة والبراهين والقرائن وتخضع تلك الأدلة للسلطة التقديرية للقاضي في الوصول إلى ارتكاب واقعة جريمة الزنا. وقد انتهى القضاء البحريني إلى ان تحقق جريمة الزنا لا يشترط فيه أن يكون المتهم قد شوهد حال ارتكابه الزنا بالفعل, بل يكفي أن يكون قد شوهد في ظروف لا تترك مجالا للشك في أنه ارتكب الجريمة, وأن الصور الفوتوغرافية ممكن يتبين منها ارتكاب جريمة الزنا بما لا يدع للشك بوجود علاقة غرامية جنسية بين الزانية وشريكها وصلت إلى حد المعاشرة الجنسية بينهما وكذلك المحادثات الهاتفية. فيشترط في جريمة الزنا أن يكون الزنا قد وقع فعلا إما بدليل يشهد عليه مباشرة, وإما دليل غير مباشر تستخلص منه المحكمة ما يقنعها بأن فعل الوطء قد وقع ولا يشترط في التلبس الدال على الزنا أن يثبت أن الزانية وشريكها قد شوهدا وقت ارتكاب الفعل أو عقب ارتكابهما ببرهة يسيرة بل يكفي لقيام حالة التلبس أن يثبت أن الزانية وشريكها قد شوهدا في ظروف لا تجعل مجالا للشك عقلا في أن الجريمة قد ارتكبت فعلا. كما استقرت محكمة التمييز البحرينية في الإدانة بقضايا الزنا من المقرر أن القانون لم يشترط أدلة خاصة لإثبات جريمة الزنا في حق الزوجة وشريكها في الجريمة بل ترك الأمر للقواعد العامة بحيث إذا اقتنع القاضي من أي دليل أو قرينة بارتكاب الجريمة فله التقرير بإدانتها وتوقيع العقاب عليها. وذهبت محكمة النقض الى أن المكاتيب تعتبر من الأدلة التي يجوز الاستدلال بها على شريك المتهمة بالزنا وهي تلك المكاتيب التي تكون صادرة عن المتهمين دالة على حصول الفعل ولا تثريب على المحكمة إذ هي استندت في إثبات الزنا على المتهم إلى مسودات مكاتيب بينه وبين المتهمة ما دام قد ثبت صدوره عنه. وهذا توسع في دليل حدوث واقعة الزنا في التشريع الوضعي عن الشريعة الإسلامية التي تتطلب أربعة شهود عدول أو بالإقرار. كما منح المشرع البحريني حق الزوج المجني عليه أو الزوجة المجني عليها إذا «فاجأ زوجة» بوقوع الزنا أن يقتل زوجه الجاني أو الجانية وشريكه وتكون عقوبة القاتل الحبس مدة لا تزيد على 3 سنوات أي أن العقوبة تكون مخففة بدلا من عقوبة القتل العمد. ونحن نعلم أن جريمة القتل عقوبتها المؤبد إذا لم يتوافر فيها الظرف المشدد سبق الإصرار والترصد, أما إذا توافر الظرفان فتكون عقوبة القتل الإعدام. إلا أن المشرع البحريني وأغلب التشريعات العربية اعتبر جريمة الزنا ظرفا مخففا في حال قتل المجني عليه زوجه وشريكه حيث نص على: «يعاقب بالحبس من فاجأ زوجه متلبسا بجريمة الزنا فقتله وشريكه في الحال أو اعتدى عليهما اعتداء أفضى إلى موت أو عاهة. ويسري هذا الحكم على من فاجأ أحد أصوله أو فروعه أو أخواته متلبسة بجريمة الزنا». بمعنى أن من حق الأصول من الذكور أن يقتل أصوله من الإناث متى تفاجأ بارتكاب أحد أصوله أو فروعه أو أخوته متلبسة بجريمة الزنا. إن كلمة «متلبسة» اقتصرت على الأنثى ولم تقتصر على المتلبس من الذكور أي أن القانون ميز تمييزا غير حميد بذكر كلمة متلبسة فمن فاجأ أخته ترتكب جريمة الزنا من حقه قتلها ويستفيد من الظرف المخفف ومن فاجأت أخوها يرتكب جريمة الزنا لا يحق لها قتله ولا تستفيد من الظرف المخفف. إن هذا التمييز العنصري لا يجوز أن ينتهجه المشرع على أساس الجنس في القرن الواحد والعشرين عصر التحضر والمساواة أمام القانون وعصر النهوض بالمرأة. كما أن هذا التشريع شجع على استمرار جرائم القتل بدعوى الدفاع عن الشرف والاستفادة من العذر المخفف الذي قد يكون غطاء لأسباب ودوافع حقيقية غير الزنا والشرف كإرغام الفتاة على الزواج من شخص لا ترغب فيه أو أنها تدخل في علاقة عاطفية مع شخص من أسرة لا ترغب فيه أسرتها أو القتل بسبب خلافات مادية أو ميراث أو بسبب طلب الطلاق فيستغل مرتكبوها الشرف للحصول على عذر مخفف في حال ارتكابهم جريمة القتل. وقد تكون جريمة القتل تغطية على جريمة أخرى كسفاح القربى أو استسهال اللجوء إلى العنف وذلك في إطار انتشار ثقافة العنف ضد النساء في العالم العربي, أو تحجيم اختيارات المرأة او تقييم سلوكها وقد تكون الإشاعات والاتهامات الكيدية أو المرض النفسي للزوج هي الدوافع الحقيقية من الجريمة ومع ذلك يتم التخفيف لقاتل لا يستحق التخفيف. إن وجود هذه النصوص في الوطن العربي بشكل عام والقانون البحريني بشكل خاص يكرس مفاهيم العنف ضد النساء والتمييز الجندري. لذلك نحن نطالب بإلغاء هذا النص لكل الأسباب المذكورة كما فعلت دولة الإمارات بإلغائه.
مشاركة :