جريمة الشرف.. جريمة قتل مرفوضة

  • 5/20/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الزنا‭ ‬في‭ ‬الإسلام‭ ‬هو‭ ‬الوطء‭ ‬المحرم‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬عقد‭ ‬شرعي‭ ‬قال‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬ولا‭ ‬تقربوا‭ ‬الزنا‭ ‬إنه‭ ‬كان‭ ‬فاحشة‭ ‬وساء‭ ‬سبيلا‮»‬‭. ‬ويشترط‭ ‬لإقامة‭ ‬حد‭ ‬الزنا‭ ‬شهادة‭ ‬أربعة‭ ‬رجال‭ ‬عدول‭ ‬لقوله‭ ‬تعالى‭ ‬‮«‬واللاتي‭ ‬يأتين‭ ‬الفاحشة‭ ‬من‭ ‬نسائكم‭ ‬فاستشهدوا‭ ‬عليهن‭ ‬أربعة‭ ‬منكم‮»‬‭.‬ وأما‭ ‬الزنا‭ ‬في‭ ‬الفقه‭ ‬والقضاء‭ ‬فيتحقق‭ ‬بالوطء‭ ‬سواء‭ ‬تم‭ ‬ضبط‭ ‬الزانية‭ ‬وشريكها‭ ‬في‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬أو‭ ‬غير‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬أي‭ ‬ممكن‭ ‬إثباته‭ ‬بكافة‭ ‬الأدلة‭ ‬والبراهين‭ ‬والقرائن‭ ‬وتخضع‭ ‬تلك‭ ‬الأدلة‭ ‬للسلطة‭ ‬التقديرية‭ ‬للقاضي‭ ‬في‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬ارتكاب‭ ‬واقعة‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭.‬ وقد‭ ‬انتهى‭ ‬القضاء‭ ‬البحريني‭ ‬إلى‭ ‬ان‭ ‬تحقق‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭ ‬لا‭ ‬يشترط‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬المتهم‭ ‬قد‭ ‬شوهد‭ ‬حال‭ ‬ارتكابه‭ ‬الزنا‭ ‬بالفعل,‭ ‬بل‭ ‬يكفي‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬قد‭ ‬شوهد‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬لا‭ ‬تترك‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬في‭ ‬أنه‭ ‬ارتكب‭ ‬الجريمة,‭ ‬وأن‭ ‬الصور‭ ‬الفوتوغرافية‭ ‬ممكن‭ ‬يتبين‭ ‬منها‭ ‬ارتكاب‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭ ‬بما‭ ‬لا‭ ‬يدع‭ ‬للشك‭ ‬بوجود‭ ‬علاقة‭ ‬غرامية‭ ‬جنسية‭ ‬بين‭ ‬الزانية‭ ‬وشريكها‭ ‬وصلت‭ ‬إلى‭ ‬حد‭ ‬المعاشرة‭ ‬الجنسية‭ ‬بينهما‭ ‬وكذلك‭ ‬المحادثات‭ ‬الهاتفية‭.‬ فيشترط‭ ‬في‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭ ‬أن‭ ‬يكون‭ ‬الزنا‭ ‬قد‭ ‬وقع‭ ‬فعلا‭ ‬إما‭ ‬بدليل‭ ‬يشهد‭ ‬عليه‭ ‬مباشرة,‭ ‬وإما‭ ‬دليل‭ ‬غير‭ ‬مباشر‭ ‬تستخلص‭ ‬منه‭ ‬المحكمة‭ ‬ما‭ ‬يقنعها‭ ‬بأن‭ ‬فعل‭ ‬الوطء‭ ‬قد‭ ‬وقع‭ ‬ولا‭ ‬يشترط‭ ‬في‭ ‬التلبس‭ ‬الدال‭ ‬على‭ ‬الزنا‭ ‬أن‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬الزانية‭ ‬وشريكها‭ ‬قد‭ ‬شوهدا‭ ‬وقت‭ ‬ارتكاب‭ ‬الفعل‭ ‬أو‭ ‬عقب‭ ‬ارتكابهما‭ ‬ببرهة‭ ‬يسيرة‭ ‬بل‭ ‬يكفي‭ ‬لقيام‭ ‬حالة‭ ‬التلبس‭ ‬أن‭ ‬يثبت‭ ‬أن‭ ‬الزانية‭ ‬وشريكها‭ ‬قد‭ ‬شوهدا‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬لا‭ ‬تجعل‭ ‬مجالا‭ ‬للشك‭ ‬عقلا‭ ‬في‭ ‬أن‭ ‬الجريمة‭ ‬قد‭ ‬ارتكبت‭ ‬فعلا‭.‬ كما‭ ‬استقرت‭ ‬محكمة‭ ‬التمييز‭ ‬البحرينية‭ ‬في‭ ‬الإدانة‭ ‬بقضايا‭ ‬الزنا‭ ‬من‭ ‬المقرر‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬لم‭ ‬يشترط‭ ‬أدلة‭ ‬خاصة‭ ‬لإثبات‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭ ‬في‭ ‬حق‭ ‬الزوجة‭ ‬وشريكها‭ ‬في‭ ‬الجريمة‭ ‬بل‭ ‬ترك‭ ‬الأمر‭ ‬للقواعد‭ ‬العامة‭ ‬بحيث‭ ‬إذا‭ ‬اقتنع‭ ‬القاضي‭ ‬من‭ ‬أي‭ ‬دليل‭ ‬أو‭ ‬قرينة‭ ‬بارتكاب‭ ‬الجريمة‭ ‬فله‭ ‬التقرير‭ ‬بإدانتها‭ ‬وتوقيع‭ ‬العقاب‭ ‬عليها‭.‬ وذهبت‭ ‬محكمة‭ ‬النقض‭ ‬الى‭ ‬أن‭ ‬المكاتيب‭ ‬تعتبر‭ ‬من‭ ‬الأدلة‭ ‬التي‭ ‬يجوز‭ ‬الاستدلال‭ ‬بها‭ ‬على‭ ‬شريك‭ ‬المتهمة‭ ‬بالزنا‭ ‬وهي‭ ‬تلك‭ ‬المكاتيب‭ ‬التي‭ ‬تكون‭ ‬صادرة‭ ‬عن‭ ‬المتهمين‭ ‬دالة‭ ‬على‭ ‬حصول‭ ‬الفعل‭ ‬ولا‭ ‬تثريب‭ ‬على‭ ‬المحكمة‭ ‬إذ‭ ‬هي‭ ‬استندت‭ ‬في‭ ‬إثبات‭ ‬الزنا‭ ‬على‭ ‬المتهم‭ ‬إلى‭ ‬مسودات‭ ‬مكاتيب‭ ‬بينه‭ ‬وبين‭ ‬المتهمة‭ ‬ما‭ ‬دام‭ ‬قد‭ ‬ثبت‭ ‬صدوره‭ ‬عنه‭.‬ وهذا‭ ‬توسع‭ ‬في‭ ‬دليل‭ ‬حدوث‭ ‬واقعة‭ ‬الزنا‭ ‬في‭ ‬التشريع‭ ‬الوضعي‭ ‬عن‭ ‬الشريعة‭ ‬الإسلامية‭ ‬التي‭ ‬تتطلب‭ ‬أربعة‭ ‬شهود‭ ‬عدول‭ ‬أو‭ ‬بالإقرار‭.‬ كما‭ ‬منح‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬حق‭ ‬الزوج‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬أو‭ ‬الزوجة‭ ‬المجني‭ ‬عليها‭ ‬إذا‭ ‬‮«‬فاجأ‭ ‬زوجة‮»‬‭ ‬بوقوع‭ ‬الزنا‭ ‬أن‭ ‬يقتل‭ ‬زوجه‭ ‬الجاني‭ ‬أو‭ ‬الجانية‭ ‬وشريكه‭ ‬وتكون‭ ‬عقوبة‭ ‬القاتل‭ ‬الحبس‭ ‬مدة‭ ‬لا‭ ‬تزيد‭ ‬على‭ ‬3‭ ‬سنوات‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬العقوبة‭ ‬تكون‭ ‬مخففة‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬عقوبة‭ ‬القتل‭ ‬العمد‭.‬ ونحن‭ ‬نعلم‭ ‬أن‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭ ‬عقوبتها‭ ‬المؤبد‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬يتوافر‭ ‬فيها‭ ‬الظرف‭ ‬المشدد‭ ‬سبق‭ ‬الإصرار‭ ‬والترصد,‭ ‬أما‭ ‬إذا‭ ‬توافر‭ ‬الظرفان‭ ‬فتكون‭ ‬عقوبة‭ ‬القتل‭ ‬الإعدام‭.‬ إلا‭ ‬أن‭ ‬المشرع‭ ‬البحريني‭ ‬وأغلب‭ ‬التشريعات‭ ‬العربية‭ ‬اعتبر‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭ ‬ظرفا‭ ‬مخففا‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬قتل‭ ‬المجني‭ ‬عليه‭ ‬زوجه‭ ‬وشريكه‭ ‬حيث‭ ‬نص‭ ‬على‭: ‬‮«‬يعاقب‭ ‬بالحبس‭ ‬من‭ ‬فاجأ‭ ‬زوجه‭ ‬متلبسا‭ ‬بجريمة‭ ‬الزنا‭ ‬فقتله‭ ‬وشريكه‭ ‬في‭ ‬الحال‭ ‬أو‭ ‬اعتدى‭ ‬عليهما‭ ‬اعتداء‭ ‬أفضى‭ ‬إلى‭ ‬موت‭ ‬أو‭ ‬عاهة‭. ‬ويسري‭ ‬هذا‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬من‭ ‬فاجأ‭ ‬أحد‭ ‬أصوله‭ ‬أو‭ ‬فروعه‭ ‬أو‭ ‬أخواته‭ ‬متلبسة‭ ‬بجريمة‭ ‬الزنا‮»‬‭.‬ بمعنى‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬حق‭ ‬الأصول‭ ‬من‭ ‬الذكور‭ ‬أن‭ ‬يقتل‭ ‬أصوله‭ ‬من‭ ‬الإناث‭ ‬متى‭ ‬تفاجأ‭ ‬بارتكاب‭ ‬أحد‭ ‬أصوله‭ ‬أو‭ ‬فروعه‭ ‬أو‭ ‬أخوته‭ ‬متلبسة‭ ‬بجريمة‭ ‬الزنا‭.‬ إن‭ ‬كلمة‭ ‬‮«‬متلبسة‮»‬‭ ‬اقتصرت‭ ‬على‭ ‬الأنثى‭ ‬ولم‭ ‬تقتصر‭ ‬على‭ ‬المتلبس‭ ‬من‭ ‬الذكور‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬القانون‭ ‬ميز‭ ‬تمييزا‭ ‬غير‭ ‬حميد‭ ‬بذكر‭ ‬كلمة‭ ‬متلبسة‭ ‬فمن‭ ‬فاجأ‭ ‬أخته‭ ‬ترتكب‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭ ‬من‭ ‬حقه‭ ‬قتلها‭ ‬ويستفيد‭ ‬من‭ ‬الظرف‭ ‬المخفف‭ ‬ومن‭ ‬فاجأت‭ ‬أخوها‭ ‬يرتكب‭ ‬جريمة‭ ‬الزنا‭ ‬لا‭ ‬يحق‭ ‬لها‭ ‬قتله‭ ‬ولا‭ ‬تستفيد‭ ‬من‭ ‬الظرف‭ ‬المخفف‭.‬ إن‭ ‬هذا‭ ‬التمييز‭ ‬العنصري‭ ‬لا‭ ‬يجوز‭ ‬أن‭ ‬ينتهجه‭ ‬المشرع‭ ‬على‭ ‬أساس‭ ‬الجنس‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬الواحد‭ ‬والعشرين‭ ‬عصر‭ ‬التحضر‭ ‬والمساواة‭ ‬أمام‭ ‬القانون‭ ‬وعصر‭ ‬النهوض‭ ‬بالمرأة‭.‬ كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬التشريع‭ ‬شجع‭ ‬على‭ ‬استمرار‭ ‬جرائم‭ ‬القتل‭ ‬بدعوى‭ ‬الدفاع‭ ‬عن‭ ‬الشرف‭ ‬والاستفادة‭ ‬من‭ ‬العذر‭ ‬المخفف‭ ‬الذي‭ ‬قد‭ ‬يكون‭ ‬غطاء‭ ‬لأسباب‭ ‬ودوافع‭ ‬حقيقية‭ ‬غير‭ ‬الزنا‭ ‬والشرف‭ ‬كإرغام‭ ‬الفتاة‭ ‬على‭ ‬الزواج‭ ‬من‭ ‬شخص‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬فيه‭ ‬أو‭ ‬أنها‭ ‬تدخل‭ ‬في‭ ‬علاقة‭ ‬عاطفية‭ ‬مع‭ ‬شخص‭ ‬من‭ ‬أسرة‭ ‬لا‭ ‬ترغب‭ ‬فيه‭ ‬أسرتها‭ ‬أو‭ ‬القتل‭ ‬بسبب‭ ‬خلافات‭ ‬مادية‭ ‬أو‭ ‬ميراث‭ ‬أو‭ ‬بسبب‭ ‬طلب‭ ‬الطلاق‭ ‬فيستغل‭ ‬مرتكبوها‭ ‬الشرف‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬عذر‭ ‬مخفف‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬ارتكابهم‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭.‬ وقد‭ ‬تكون‭ ‬جريمة‭ ‬القتل‭ ‬تغطية‭ ‬على‭ ‬جريمة‭ ‬أخرى‭ ‬كسفاح‭ ‬القربى‭ ‬أو‭ ‬استسهال‭ ‬اللجوء‭ ‬إلى‭ ‬العنف‭ ‬وذلك‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬انتشار‭ ‬ثقافة‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬العربي,‭ ‬أو‭ ‬تحجيم‭ ‬اختيارات‭ ‬المرأة‭ ‬او‭ ‬تقييم‭ ‬سلوكها‭ ‬وقد‭ ‬تكون‭ ‬الإشاعات‭ ‬والاتهامات‭ ‬الكيدية‭ ‬أو‭ ‬المرض‭ ‬النفسي‭ ‬للزوج‭ ‬هي‭ ‬الدوافع‭ ‬الحقيقية‭ ‬من‭ ‬الجريمة‭ ‬ومع‭ ‬ذلك‭ ‬يتم‭ ‬التخفيف‭ ‬لقاتل‭ ‬لا‭ ‬يستحق‭ ‬التخفيف‭.‬ إن‭ ‬وجود‭ ‬هذه‭ ‬النصوص‭ ‬في‭ ‬الوطن‭ ‬العربي‭ ‬بشكل‭ ‬عام‭ ‬والقانون‭ ‬البحريني‭ ‬بشكل‭ ‬خاص‭ ‬يكرس‭ ‬مفاهيم‭ ‬العنف‭ ‬ضد‭ ‬النساء‭ ‬والتمييز‭ ‬الجندري‭. ‬ لذلك‭ ‬نحن‭ ‬نطالب‭ ‬بإلغاء‭ ‬هذا‭ ‬النص‭ ‬لكل‭ ‬الأسباب‭ ‬المذكورة‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬دولة‭ ‬الإمارات‭ ‬بإلغائه‭. ‬

مشاركة :