ألقى صاحب السمو الأمير فيصل بن فرحان بن عبدالله وزير الخارجية، في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، أمس، كلمة المملكة في الاجتماع الطارئ تحت بند «الحالة في الشرق الأوسط» لمناقشة تطورات الوضع في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وتقدم سموه في بداية كلمته بالشكر لمعالي رئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة فولكان بوزكير، ومعالي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيروس، على الدعوة لعقد هذا الاجتماع الذي يأتي نتيجة للإجراءات الإسرائيلية الاستفزازية التي أثارت مشاعر المسلمين حول العالم في منطقة «باب العامود، والمسجد الأقصى ومحيطه، وحي الشيخ جراح»، مثمناً جهود معالي الأمين العام للأمم المتحدة الرامية إلى إنهاء هذه الأزمة بما يضمن حقوق الشعب الفلسطيني. وقال سموه: «إن الأحداث الأخيرة المتصاعدة والاعتداءات المستمرة على حقوق الشعب الفلسطيني تعتبر انتهاكات خطيرة للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة الذي يقر بعدم الاستيلاء على الأرض بالقوة ويحرم كل ما من شأنه أن يهدد السلم والأمن الدوليين والاستقرار في العالم علاوة على تقويض فرص السلام في المنطقة والعالم وكذلك تقليص فرص حل الدولتين وتعزيز العنف والتطرف ونسف كل الجهود الدولية الرامية إلى تحقيق الأمن والأمان والاستقرار في المنطقة». وأضاف سموه، أن «المملكة ومن خلال رئاستها لقمة منظمة التعاون الإسلامي التي تم تأسيسها بعد إحراق المسجد الأقصى في العام 1969م، وتمثل أكثر من 25 % من أعضاء منظمة الأمم المتحدة بواقع 57 دولة عضوا، تود التأكيد على ما تم إقراره خلال الاجتماع الاستثنائي الافتراضي مفتوح العضوية للجنة التنفيذية على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي المنعقد بتاريخ 16 مايو 2021م، المتضمن رفضه وإدانته للاستعمار الإسرائيلي المتواصل للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وإنشاء منظومة فصل عنصري فيها، وتحديداً من خلال بناء المستعمرات وتدمير ممتلكات الفلسطينيين وبناء جدار التوسع ومصادرة الأراضي والمنازل والممتلكات، وإخلاء الفلسطينيين وتهجيرهم قسراً من منازلهم وأرضهم». وأوضح سموه، أن المملكة تؤكد على ما أعرب عنه الاجتماع الاستثنائي الافتراضي على مستوى وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون، من قلق بشكل خاص من تسارع وتيرة سياسة الاستعمار الإسرائيلية للأرض الفلسطينية وتحديداً التهديد بإجلاء مئات من العائلات الفلسطينية من منازلها في القدس الشرقية المحتلة بالقوة، بما في ذلك عائلات في حيي الشيخ جراح وسلوان، اللذين يواجهان إخلاءً وشيكاً من قبل مجموعات المستعمرين المتطرفين بدعم ومساندة من سلطات الاحتلال الإسرائيلية بالتعاون مع المحاكم العنصرية. كما تؤكد المملكة على ما طالب به وزراء خارجية الدول الأعضاء في منظمة التعاون، بالوقف الفوري لكل تلك السياسات والممارسات غير القانونية التي تتعارض مع التزامات الاحتلال بموجب ميثاق الأمم المتحدة واتفاقية جنيف الرابعة والقانون الدولي لحقوق الإنسان وقرارات الأمم المتحدة بما في ذلك قرار مجلس الأمن 2334 (2016)، والدعوة إلى التصدي لهذه الإجراءات غير القانونية على كافة المستويات واتخاذ إجراءات دولية سريعة لمواجهتها. وأشار سموه إلى أن المملكة سبق وأن حذرت مراراً وتكراراً من أن العنف لا يجلب إلا العنف، ودوامة العنف لا تجلب إلا الخراب، والدمار، وتأجيج استراتيجية الصراع، مؤكداً استنكار المملكة بكل قوة استهداف المدنيين، وكل ممارسات أحادية واستفزازية، وكل إذكاء للكراهية والتطرف والعنف من أية جهة كانت. كما أكد سموه على ضرورة عدم تشتيت الانتباه والأنظار عن الهدف الأسمى، المتمثل بتحقيق السلام العادل والدائم وفقاً لحل الدولتين والشرعية الدولية ومبادرة السلام العربية. وقال سموه: «إن علينا وبأسرع وقت بذل كل جهد ممكن لوقف إراقة الدماء ودوامة العنف، التي لن تحقق الأمن ولا تفضي إلا إلى المزيد من مشاعر اليأس والإحباط والكراهية، في سبيل استعادة الأمل وتصويب الهدف نحو مستقبل آمن، وغد مزدهر للجميع، ومن هذا المنطلق ترحب المملكة العربية السعودية بكل الجهود البناءة لتحقيق وقف عاجل للعمليات العسكرية وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية للمتضررين». وأكد سمو وزير الخارجية في ختام الكلمة الموقف التاريخي للمملكة وقياداتها عبر الأزمنة وهو موقف داعم للقضية الفلسطينية وللشعب الفلسطيني ويقوم على مبدأ أن القضية الفلسطينية هي قضية أساسية وجوهرية في السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية، وستظل قضية فلسطين محوراً أساسياً في سياسة المملكة العربية السعودية، حتى يستعيد الشعب الفلسطيني حقوقه وأرضه، وتقام دولة فلسطينية على حدود العام 1967م وعاصمتها القدس الشرقية.
مشاركة :