قصر المصمك التاريخي لؤلؤة تاريخية تزين الرياض

  • 5/21/2021
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كنت وما أزال من عشاق ارتياد الفضاءات التراثية فكان أن جمعنا قصر المصمك الذي في كل يوم يزداد تعلقي به كمكان ليس ككل الأمكنة وفي كل لحظة ترى العناية الدائمة والاهتمام الفائق بهذا الكنز التاريخي الذي يفوح بكل روائح الفترات التاريخية من معارك وأسواق وزوار مروا بالمكان إلى تفاصيل خاصة بالملك المؤسس الملك عبد العزيز، الرحلة في أرجاء المتحف تجعلك تعيش تاريخا كاملا وحياة ناطقة وثقافة تأسرك إليها لجمال ما فيها فهذه الجدران الخارجية التي تعطي للمكان هويته المعمارية الذي سمي عليه القصر فتسمية المصمك في الأصل هي المسمك أي من السمك ولحركة اللسان في الزمن أبدلت السين إلى صاد فصار المصمك كيف لا والجدار سمكه 1.25 متر هذه الجدران التي تحكي قصصا وتاريخا أنها تحكي صمودها شامخة في وجه الزمن، القصر الذي شيد في 1895م وتحول بعد 1902م إلى مخزن للسلاح في زمن لم تكن وسائل البناء الحديثة بالترف الذي نراه الآن فجدرانه التي بنيت من اللبن (الطوب الطيني) والطين الممزوج بالتبن والحجارة والجبس وجذوع النخل وشجر الأثل وسعف النخل. فاللون الطيني للجدار يعكس البيئة الصحراوية وجمالية الطين تجعل المتحف كما لو كان تحفة فخارية عملاقة تنير منطقة الديرة كنافذة جميلة في مدينة الرياض وإحدى منمنمات تشي بتاريخ المملكة وهي تطل بأبراجها الأربعة التي يسلبك شغفك باكتشافها فتصعد درجا من أربعة متوزعة في أركان المكان لتستمر متعة التشويق لتصعد بسلمين خشبيين لتستعيد لحظة تاريخية تراها وأنت لم تعش لحظتها إنه الغياب في الحضور والحضور في الغياب هذه الأبراج الأربعة التي هي زوايا المكان يضاف إليها برج مربع في وسط المصمك فالمكان عمرانيا يجعلك للحظة تتيه في جماله بدءا من الباب الخارجي العملاق الذي يذكرك بألف ليلة وليلة وطوله 3.60 متر وعرضه 2.65 متر يعد لوحة مرتسمة على شقوقها وندوبها معالم تاريخ لم يزل ساكناً في تلافيفه باب غاية في الجمال تتوسطه الخوخة وهي فتحة صغيرة لدخول شخص واحد غير منتصب وكأن المكان يقول لزائريه عفوا أنت أمام تاريخ مملكة عظيمة اسمها السعودية هذا الباب ما زالت آثار جراح الحروب القديمة ساكنة فيه ولو دققت النظر جيدا سترى سنة رمح من تلك المعارك تستقبلك لتقول لك أنت لست في مكان عادي إنه قصر المصمك عند البهو تسلب انتباهك ديوانية جميلة مع تفاصيل تصلح فعلا للتوظيف الدرامي، المكان ينطق في صمته الصائت والأبواب وجماليتها تجعلك في فلك آخر لا يحتاج لصواريخ أو مركبات فضائية لتصل إليه، إنه في خلاصته وفي كلمات قليلة «الجمال الأصيل» وحتى المسجد التي يستقبلك يرسخ الهوية للمكان وأهله. ولا تنسى البئر في الجهة الشمالية الشرقية والمدفع الذي لم ينسه التاريخ وإنما هو أصر على الحضور دفاعا على هذه الذاكرة وخارج كل هذا تجدك في اجتماع غير مبرمج مع كل زعماء العالم الذين زاروا المكان فتلتقط صورا مع صورهم الموشحة للجدران المثرثة بالصمت الصائت متحف قصر المصمك الذي يقف شاهدا على عراقة هذا البلد وأصالته تحول برعاية الملك سلمان بن عبدالعزيز حين كان أميرا للرياض كمتحف للذاكرة الجماعية يؤرخ لتاريخ توحيد المملكة وذلك في عام 1995 وساعتها أحيل شأن العناية به إلى وزارة المعارف آنذاك وتحديدا لوكالة المساعدة للآثار بالتنسيق مع الهيئة العليا لتطوير الرياض بعد أشغال قدم مخططها من طرف أمانة مدينة الرياض في عام 1979م. هذا المكان الذي يشع تاريخا في رحاب لحظة غامرة يجعلني أشبع رغبتي في التعلم على طريقتي من جمال المكان بكل تفاصيله وأعبئ ذاكرة جوالي بصور كما لو كان هذا لأول مرة ثم أغادر إلى الساحة المقابلة وأطلب قهوة أحملها معي لتجالسني سواء كنت وحدي أو مع العائلة أو مع أبو عمر أو الراحل أبو سامي وأفرش على الأرض بساطا وأجلس قبالة المكان الذي يرفرف عليه علم للمملكة كبير كبر حبي لهذا البلد العظيم.

مشاركة :