في مليلية الإسبانية.. ملف الهجرة يتصدر الأحاديث اليومية

  • 5/21/2021
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عاد ملف الهجرة ليتصدر الأحاديث والنقاشات في مليلية، الجيب الإسباني الواقع في شمال المغرب، وسط مخاوف من تكرار سيناريو الجارة سبتة. مهاجر نيوز يرصد الجو العام في المدينة. بشكل شبه يومي يحاول المهاجرون تخطي السياج الحدودي لجيب مليلية الواقع شمال المغرب. قد يتوقع من ينوي زيارة جيب مليلية الإسباني، شمال المغرب، تمضية عطلة مثالية على البحر، مستمتعا بأشعة شمس المتوسط والتنوع الكبير في تلك المنطقة، التي مزجت بين التراث الإسباني والأندلسي والمغربي، فباتت تتمتع بنكهة خاصة يمكن لمسها لحظة النزول في مطارها. أبنية أثرية وساحات واسعة وحدائق عامة وأشجار نخيل، وطبعا بنية تحتية جيدة لصناعة السياحة. للوهلة الأولى قد تعتبر أن تلك "المدينة" تصالحت مع تناقضاتها التاريخية وأضحت ذات هوية واضحة. لكن بالنظر إلى ما وراء القشور، تبدو الصورة مغايرة تماما. محاولات يومية لعبور الحدود تعيش مليلية هذه الأيام على وقع إنذارات شبه اليومية لشرطة الحدود، التي تكثف من تواجدها حاليا على طول الشريط الحدودي الشائك الفاصل بين الجيب الإسباني والمغرب. يوميا تشهد تلك الحدود محاولات لمهاجرين يسعون لعبورها من المغرب باتجاه أوروبا، سعيا لتحقيق أحلام يعتبرونها بسيطة وقابلة للتنفيذ. لكن ما شهدته جارة الجيب الإسباني، سبتة، ليل الإثنين وصباح الثلاثاء الماضيين، أعاد ضبط عقارب قوات الأمن هناك، فمشهد وصول الآلاف من المهاجرين دفعة واحدة من المغرب، مشهد لم يعتده السكان هناك، ولا حتى السلطات المعنية بهذا الشأن. في المقابل، تمكن 86 مهاجرا، معظمهم من السودانيين، من العبور من بني أنصار إلى مليلية صباح الثلاثاء الماضي، نقلوا جميعا إلى مركز ليخضعوا للحجر الصحي الإلزامي. مساء الثلاثاء، قبيل منتصف الليل، علت أصوات صافرات سيارات الشرطة والمروحيات من جهة الميناء أيضا، ناشطون كانوا قد قالوا لنا إن تلك إشارات على حدوث محاولة لعبور الحدود. الجو كان رطبا والهواء ثقيلا، والانتظار على الشاطئ قبالة الميناء أطال الساعات، فقد كان ممنوعا علينا الاقتراب من الميناء المحاذي لمدينة بني أنصار المغربية، موقع وصول المهاجرين. أكثر من 40 مهاجرا، معظمهم من دول أفريقيا جنوب الصحراء، وصلوا إلى الرصيف الإسباني. أصوات احتفالهم فرحا كانت واضحة جدا. لم يمض وقت طويل قبل أن يعود السكون وتطغى على آذاننا أصوات المروحيات، فجميع من تمكنوا من العبور تمت إعادتهم إلى المغرب. ناشطون كانوا متواجدين لم يستغربوا إقدام السلطات على تلك الخطوة، بالنسبة لغالبيتهم هذه ليست المرة الأولى، أحدهم أعرب لمهاجر نيوز أن "الخشية الآن تكمن في أن يتم اتباع ذلك النهج بشكل دائم بحجة عدم تكرار سيناريو سبتة". خريطة توضح موقعي جيبي سبتة ومليلية شمال المغرب. ومساء أمس الأربعاء أيضا، حاول أكثر من 100 مهاجر عبور السياج الحدودي بين مليلية وماريواري المغربية، في نقطة قريبة جدا من مركز "سيتي" لاستقبال المهاجرين ومليلية. حركة الطائرات المروحية أوحت بنشاط ما يحدث في تلك المنطقة. وهذه المرة أيضا، تمت إعادتهم جميعا إلى المغرب. أزمة دبلوماسية رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز، زار الجيبين الإسبانيين الثلاثاء الماضي. تحدث خلال زيارته مع المسؤولين المحليين مؤكدا وقوف حكومته إلى جانبهم. في مليلية، أكد سانشيز على مجموعة من الخطوات ستتخذها بلاده لعدم تكرار ما حصل في سبتة، حيث أعلن أن "الحكومة ستدافع عن حدودها بأي وسيلة ممكنة"، وهذا تصريح يعتبر تصعيدا من سانشيز الذي يتهمه مناهضوه، خاصة حزب "فوكس" اليميني، بمحاباة المهاجرين. تحدث سانشيز خلال زيارته أيضا عن العلاقة مع المغرب، مؤكدا على الصداقة بين البلدين وسعيه لفتح حوار مع الرباط حيال موضوع الهجرة، غامزا من قناة تحميل المملكة مسؤولية ما حصل في سبتة. متظاهرون توافدوا إلى أمام مقر الحكومة المحلية في مليلة للتعبير عن دعمهم لسانشيز، في حين تواجد آخرون محسوبين على التيارات اليمينية للاعتراض على أداء الحكومة والتعبير عن غضبهم تجاه رئيسها. بيدرو، متظاهر كان متواجدا مع المحسوبين على التيار اليميني، قال إنه في السابق كان يثق بسانشيز، "لكن إدارته لأزمة كورونا ومعالجته لموضوع الهجرة أثبتا لي أنه لا يمكنني الوثوق بأدائه بعد الآن". في الجزء المقابل حيث كان يهتف المتظاهرون دعما لسانشيز، أعرب معظمهم عن اقتناعهم بطريقة إدارة رئيس الوزراء اليساري لأزمة الجائحة وملف الهجرة. مارثا، امرأة خمسينية كانت متواجدة مع زوجها، قالت "على الجميع أن يعلم أن موضوع الهجرة ليس سهلا ومعالجته لا تتم سوى بالحوار والانفتاح. في مليلية كلنا مهاجرون إذا ما عدنا لأصولنا، لا تصدقوا الإشاعات حول أننا معادين للهجرة، حتى من يتظاهرون في المقابل هم لا يعادون المهاجرين، المشكلة في الاقتصاد وفي استغلال المهاجرين في الشأن السياسي". وكانت الصحافة المحلية الإسبانية قد تحدثت مطولا عن قيام المغرب بتخفيف قبضته عن الحدود في سبتة بشكل متعمد، بعد أن استقبلت إسبانيا زعيم جبهة البوليساريو لتلقي العلاج لديها. كما استدعت الخارجية الإسبانية السفيرة المغربية لديها لتعبر عن احتجاجها على ما حصل، ما ينذر بارتفاع حدة المواجهة الدبلوماسية بين البلدين. قبل كورونا، 35 ألفا كانوا يعبرون الحدود من وإلى المغرب يوميا السلطات المحلية في مليلية كثفت من إجراءاتها حيال مراقبة الحدود، ومثل نظيرتها سبتة التي استقدمت أكثر من ثلاثة آلاف جندي من الجيش للانتشار على طول الخط الفاصل مع المغرب، قامت سلطات مليلية بنشر دوريات من قوات الأمن على طول الخط مع المدن المغربية المحاذية لها. الوضع قبالة السياج الشائك متوتر جدا. ميمون، سائق سيارة أجرة، قال إن تلك المناطق الحدودية، قبل كورونا، كانت أشبه بأسواق شعبية مفتوحة ومساحات لتلاقي الناس عبر الشطرين، "يوميا كان يعبر نحو 35 ألف مغربي إلى مليلة، يمارسون أنشطتهم التجارية أو المهنية ويعودون. كانت مليلة مصدر رزق ومدخول جيد يخول لهم حياة كريمة. لكن مع إغلاق الحدود تحولت كل هذه المنطقة إلى صحراء يسودها سياج شائك يخنق المشهد". "الوضع ليس كارثيا" مجموعات محلية ومنظمات غير حكومية أعربت في عدد من المناسبات عن انتقادها لسياسة الحكومة في إدارة ملف الهجرة. خافيير، من المنظمة اليسوعية لخدمة المهاجرين، قال لمهاجر نيوز "الوضع ليس كارثيا، على عكس ما يحاول البعض تصويره. إذا ما قارنا بين أرقام الوافدين خلال السنوات الماضية، سنجد أن الفرق كبير، ففي 2020 وصل حوالي 1,300 مهاجر، مقابل نحو خمسة آلاف في 2019. ما من نسب ثابتة وبالتأكيد الأرقام تثبت أنه ما من كارثة أو أزمة". عاملة بالصليب الأحمر تسعف مهاجرا دخل جيب سبتة سباحة من المغرب ووفقا للمحامي الشاب المتطوع في المنظمة، هناك عدد من المهاجرين المشردين في مليلية، "مركز الاستقبال سيتي لا يمكنه استيعاب الجميع، فيضطر كثيرون للمبيت في مبان مهجورة أو مناطق محاذية للشريط الحدودي أو البحر، بانتظار فرصة تمكنهم من مغادرة هذا المكان". في المقابل، أكدت مارثا من المفوضية الإسبانية لرعاية اللاجئين، أن أعداد المهاجرين الوافدين ليست ضخمة، "فغالبا ما يحاولون العبور ضمن مجموعات من 30 إلى 40 شخصا على الأكثر. من النادر أن نرى محاولات تتخطى الـ100 شخص". وقالت إن "مشكلة المهاجرين الرئيسية هنا ليست الإقامة أو الأوراق، على أهميتها، فهم يجدون أنفسهم عالقين هنا، وحتى وإن تمكنوا من الحصول على أوراق تخولهم التنقل في إسبانيا، لا يسمح لهم بالخروج من هذا الجيب". ووفقا للناشطين والعاملين مع المنظمات غير الحكومية، فإن إقدام السلطات على تعزيز التواجد الأمني على الحدود أو داخل مليلة لن يؤدي إلا إلى مزيد من التعقيد للأوضاع، مشددين على أنه يجب تبني مقاربة جديدة ومختلفة، بعيدة عن الاستخدامات السياسية والأمنية. شريف بيبي، مبعوث مهاجر نيوز إلى مليلية. المصدر: مهاجر نيوز

مشاركة :