واشنطن - فرضت الولايات المتحدة الخميس عقوبات على اثنين من قادة المتمردين الحوثيين في اليمن، لقيادتهما هجوما للاستيلاء على مدينة مأرب آخر معاقل الحكومة في شمال البلاد. ويأتي الإجراء العقابي بعد أن وصلت جهود واشنطن لإحياء مفاوضات السلام اليمنية إلى طريق مسدود وبعد أن حمّلت الخارجية الأميركية الحوثيين المسؤولية عن تعطيل جهود السلام والإقرار بأن الدعم الإيراني للميليشيا الشيعية الإيرانية "فتاك". ويمكن أن ينظر لهذا الإجراء على أنه انعطافة أميركية في التعاطي مع المتمردين الحوثيين بعد أن كانت إدارة الرئيس الأميركي الديمقراطي جو بايدن ألغت قرارا لسلفه الجمهوري دونالد ترامب بتصنيف جماعة أنصار الله تنظيما إرهابيا. لكن بايدن لم يبد حتى الآن حزما بما يناسب حجم تعنت الحوثيين وتمسكهم بالتصعيد وهو ما أعطى إشارات خاطئة للمتمردين. وقد يندرج القرار الأميركي فقط ضمن محاولات الضغط لدفعهم للعودة إلى طاولة المفاوضات. ويشهد النزاع في اليمن الذي اندلع عام 2014، مواجهة دامية بني المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران والحكومة المعترف بها دوليا والمدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية. ومنذ عام ونصف العام يحاول المتمرّدون الحوثيون السيطرة على مدينة مأرب الغنية بالنفط والتي تعد آخر معاقل الحكومة في شمال اليمن. وبغية تحقيق ذلك كثّف الحوثيون هجماتهم في فبراير/شباط وشنوا حملة شرسة قتل فيها مئات من الجانبين. وأعلن الموفد الأميركي المكلّف بملف اليمن تيم ليندركينغ فرض عقوبات على محمد عبدالكريم الغماري رئيس أركان قوات الحوثيين والذي يقود حملة الاستيلاء على مأرب ويوسف المدني وهو قائد كبير آخر في الحملة. وقال في إيجاز صحافي على الانترنت "لو لم يكن هناك هجوم، إذا كان هناك التزام بالسلام، إذا كانت كافة الأطراف ستتعامل في شكل بناء مع مبعوث الأمم المتحدة، لما أصبح هناك حاجة لإدراج أسماء" على لائحة العقوبات، معربا عن أسفه لغياب الحوثيين عن مباحثات وقف إطلاق النار الأخيرة. وتابع أنّ "الحوثيين لا يكسبون في مأرب وعوضا عن ذلك يقومون بممارسة ضغط كبير على وضع إنساني هش جدا بالفعل". وخلّف النزاع عشرات آلاف القتلى ودفع نحو 80 بالمئة من السكّان للاعتماد على الإغاثة الإنسانية وسط أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفقا للأمم المتحدة. وتسبّب كذلك بنزوح نحو 3.3 ملايين شخص وتركَ بلدا بأسره على شفا المجاعة. وقُتل مئات من الطرفين في المعارك التي تدور بالقرب من مدينة مأرب التي تبعد نحو 120 كلم شرق العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة المتمردين منذ 2014. ويعتقد الحوثيون أن كسب معركة مأرب سيشكل انعطافة كبيرة في مسار الحرب وسيغير موازين القوى لصالحهم ويقوي موقفهم التفاوض. وتقول تقارير متطابقة، إن المتمردين يلقون بثقلهم العسكري في معركة مأرب ولا يأبهون لخسائرهم الفادحة في العتاد والأرواح ويستقدمون مسلحين معظمهم من الأطفال من عدة جبهات فقط لحسم المعركة التي لم تبح بعد بكل تفاصيلها وأسرارها سوى العدد المهول من قتلى المتمردين. وتؤكد مصادر حكومية يمنية أن الدعم الجوي الذي تقدمه قوات التحالف للقوات الحكومية ساهم إلى حدّ كبير في الحيلولة دون سقوط مأرب في يد المتمردين.
مشاركة :