فصائل نخبوية جديدة لإيران في العراق تأتمر بأمر «الحرس»

  • 5/22/2021
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

انتقت إيران مئات من المقاتلين الذين يحظون بثقتها من بين كوادر أغلب الفصائل القوية الحليفة لها في العراق، لتشكل جماعات نخبوية أصغر حجماً شديدة الولاء لها، متحولة بذلك من اعتمادها على جماعات كبيرة كان لها في وقت من الأوقات نفوذ عليها. وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، تم تدريب الجماعات السرية الجديدة، العام الماضي، على حرب الطائرات المسيّرة والاستطلاع والدعاية الإلكترونية، وهي تأتمر بأمر ضباط في فيلق القدس (ذراع الحرس الثوري الإيراني) المسيطر على الفصائل المتحالفة مع إيران في الخارج. وتكشف روايات مسؤولين أمنيين عراقيين وقادة فصائل ومصادر دبلوماسية وعسكرية غربية أن هذه الجماعات مسؤولة عن سلسلة من الهجمات المعقدة على نحو متزايد التي استهدفت الولايات المتحدة وحلفاءها. ويعكس هذا الأسلوب رد إيران على ما شهدته من انتكاسات، على رأسها مقتل القائد العسكري قاسم سليماني قائد فيلق القدس الذي كان يسيطر سيطرة شديدة على الفصائل الشيعية العراقية حتى مقتله العام الماضي في هجوم صاروخي أميركي بطائرة مسيرة. ولم يكن إسماعيل قاآني، الذي خلفه في قيادة فيلق القدس، ملماً بخبايا السياسة الداخلية في العراق ولم يكن له قط النفوذ ذاته الذي تمتع به سليماني على الفصائل. كذلك اضطرت الفصائل الكبرى الموالية لإيران في العراق إلى تحاشي الأضواء بعد رد فعل سلبي شعبي أثار مظاهرات واسعة احتجاجاً على النفوذ الإيراني في أواخر 2019. وقد مُنيت تلك الفصائل بانقسامات بعد مقتل سليماني، ورأت إيران أن السيطرة عليها تزداد صعوبة. غير أن التحول إلى الاعتماد على جماعات أصغر يحمل في طياته ميزات تكتيكية. فهي أقل عرضة للاختراق وربما يتأكد أنها أكثر فاعلية في استخدام أحدث الأساليب التي طوّرتها إيران لاستهداف خصومها مثل الطائرات المسيرة المسلحة. وقال مسؤول أمني عراقي: «الفصائل الجديدة مرتبطة ارتباطاً مباشراً بالحرس الثوري الإيراني. فهي تتلقى أوامرها منه لا من أي طرف عراقي». وأكد هذه الرواية مسؤول أمني عراقي ثانٍ وثلاثة قادة في فصائل أكبر موالية لإيران لها نشاط معروف ومسؤول في الحكومة العراقية ودبلوماسي غربي ومصدر عسكري غربي. وقال أحد قادة الفصائل الموالية لإيران: «يبدو أن الإيرانيين شكلوا جماعات جديدة من الأفراد المنتقين بعناية كبيرة لتنفيذ هجمات والحفاظ على السرية التامة. ونحن لا نعرف من هم». وقال المسؤولان الأمنيان العراقيان إن 250 مقاتلاً على الأقل سافروا إلى لبنان على مدار عدة أشهر في 2020، حيث تولى مستشارون من الحرس الثوري الإيراني وجماعة «حزب الله» اللبنانية تدريبهم على استخدام الطائرات المسيرة وإطلاق الصواريخ وزرع القنابل والترويج لأنباء الهجمات على وسائل التواصل الاجتماعي. وقال أحد المسؤولين الأمنيين: «الفصائل الجديدة تعمل سراً ويأتمر قادتها غير المعروفين مباشرة بأوامر ضباط الحرس الثوري الإيراني». وقال المسؤولان الأمنيان العراقيان والمصادر الغربية إن الجماعات الجديدة تقف وراء هجمات من بينها هجوم على قوات تعمل بقيادة أميركية في قاعدة عين الأسد العراقية في الشهر الحالي، والهجوم على مطار أربيل الدولي في أبريل (نيسان) وعلى السعودية في يناير (كانون الثاني)، وكلها باستخدام الطائرات المسيرة المحملة بالمتفجرات. ولم تسفر تلك الهجمات عن خسائر في الأرواح لكنها أثارت انزعاج المسؤولين العسكريين الغربيين لشدة تطورها. ولم يرد مسؤولون إيرانيون وممثلون للحكومة العراقية والفصائل الموالية لإيران والجيش الأميركي على طلبات للتعليق. وقالت وزارة الخارجية الأميركية إنها لا تستطيع التعليق. وقال قادة فصائل إن المسؤولين في طهران أصبحوا، بعد مقتل سليماني وبعد الربط علناً بين المتظاهرين المحتجين على الفصائل وبين إيران، يرتابون في بعض الفصائل التي تعهدوها بالرعاية وتراجع دعمهم لها. وقال أحد القادة: «اعتقدوا أن تسريبات من إحدى الفصائل ساعدت في التسبب في مقتل سليماني، ورأوا انقسامات على مصالح شخصية ونفوذ فيما بينها». وأضاف آخر: «تراجعت الاجتماعات والاتصالات بيننا وبين الإيرانيين. لم نعد نعقد اجتماعات منتظمة وتوقفوا هم عن دعوتنا إلى إيران». وحسب المسؤولين الأمنيين العراقيين ومسؤول حكومي وقادة الفصائل الثلاثة، فإن فيلق القدس بدأ بفصل العناصر الموثوق بها عن الفصائل الرئيسية بعد شهور من مقتل سليماني. ويعكس التحول من دعم حركات شعبية إلى الاعتماد على كوادر أصغر يسهل إحكام السيطرة عليها، استراتيجية اتبعتها إيران من قبل. ففي ذروة الاحتلال الأميركي للعراق خلال الفترة 2005 - 2007 شكلت طهران خلايا أثبتت فاعليتها الكبيرة في نشر القنابل المتطورة لاختراق الدروع الأميركية. وفي العام الماضي، بدأت جماعات لم تكن معروفة من قبل إصدار بيانات تعلن فيها مسؤوليتها في أعقاب هجمات بالصواريخ وقنابل مزروعة في الطرق. وفي كثير من الأحوال كان المسؤولون الغربيون وتقارير الباحثين الأكاديميين يعتبرون هذه الجماعات الجديدة مجرد واجهات لجماعة «كتائب حزب الله» أو أي فصيل آخر معروف. غير أن المصادر العراقية قالت إن هذه الجماعات منفصلة فعلياً وتعمل بشكل مستقل. وقال المسؤول في الحكومة العراقية: «يحاولون في ظل قاآني (الذي خلف سليماني) إنشاء جماعات من بضع مئات من الرجال من هنا وهناك بهدف أن تكون موالية فقط لفيلق القدس. جيل جديد».

مشاركة :