تونس – حذّر محافظ المصرف المركزي التونسي مروان العباسي الجمعة من أن لجوء بلاده إلى المصرف المركزي لتمويل الموازنة سيخرج بالتضخم عن السيطرة، معتبرا أن مثل هذا التمويل للميزانية سيقود إلى "سيناريو فنزويلا". وقال المحافظ مروان العباسي في خطاب أمام البرلمان إن "البنك المركزي لن يفتح تمويل الموازنة من جديد، ولا بديل أمام الحكومة التونسية عن التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي". وتصاعدت ديون تونس وانكمش اقتصادها 8.8 في المئة، بينما بلغ عجزها المالي 11.4 في المئة، وهي تجري محادثات مع مقرضين محتملين آخرين، من بينهم قطر، للمساعدة في تمويل الموازنة العامة. وأوضح العباسي أن النقاشات مع صندوق النقد الدولي ستتواصل لثلاثة أسابيع قبل الدخول في البرنامج، مبينا أنه إذا لم تتفق تونس في أقرب وقت مع صندوق النقد الدولي فإنها ستفقد حتى إمكانية النقاش مع دول مثل الولايات المتحدة واليابان. واعتبر محافظ البنك أن تونس سجلت لأول مرة، منذ عام 1962 إلى حد اليوم، تدهورا في الناتج المحلي ونسبة نمو سلبية ناقص 9 في المئة، في الوقت الذي كانت تتوقع تسجيل نسب نمو إيجابية بـ3 في المئة سنة 2020، أي ما يعادل تسجيل تدهور في الناتج الإجمالي المحلي بـ12 في المئة. وشدد على أن هذا التدهور لم يسبق لتونس أن عاشته.. وحتى في عام 1962 كانت الأزمة أقل حدة. وأوضح العباسي أن محركات النمو والتنمية من استثمار وتصدير واستهلاك تشهد شللا يتزامن مع عدم قيام تونس بالإصلاحات اللازمة لتجاوز الإشكاليات الاقتصادية. وكانت الحكومة التونسية فشلت مؤخرا في إقناع صندوق النقد الدولي بعقد اتفاق على ثلاث سنوات والحصول في العام 2021 على 3.3 مليار يورو، مقابل وعد بإصلاحات يبدو الالتزام بها أصعب من السابق. ويدعو الصندوق السلطات التونسية منذ سنوات إلى إجراء إصلاحات جذرية من أجل الحصول على قروض وتمويلات مالية ضرورية، وذلك بتوجيه مساعدات مباشرة للعائلات الفقيرة بدلا من نظام دعم أسعار بعض المواد مثل الخبز والمحروقات، الذي يستفيد منه الجميع حاليا. كما تدعو الهيئة المالية إلى تقليص عدد الموظفين الحكوميين وخفض دعم الشركات العامة التي تواجه صعوبات مالية. وقال صندوق النقد الخميس إنه على تواصل وثيق مع السلطات التونسية لفهم التفاصيل الفنية لخططها للإصلاح الاقتصادي، وهو ما سيكون خطوة مهمة صوب طلب تونس برنامجا تمويليا من الصندوق. وقال جيري رايس المتحدث باسم الصندوق أثناء مؤتمر صحافي "نقف على أهبة الاستعداد لدعم تونس وشعبها من أجل التعامل مع التحديات التي يواجهونها، مثل تداعيات كوفيد، وللعودة إلى مسار تعاف شامل مترع بالوظائف ولاستعادة أوضاع مالية تكون قابلة للاستمرار". وحسب تقديرات سابقة للمصرف المركزي تشهد تونس أزمة اقتصادية حادة تهدّدها بالإفلاس، في ظل تفاقم الديون الخارجية التي بلغت العام الماضي نحو 80.9 مليار دينار (30.3 مليار دولار). وكان وزير الاقتصاد التونسي علي الكعلي قال هذا الأسبوع إن الوضع المالي للبلاد حرج، وتوقع التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد في غضون ثلاثة أشهر، وهو إطار زمني أقصر من المعتاد.
مشاركة :