تقتني مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض النسخة الوحيدة في العالم من مخطوطة كتاب العلامة أبي الفتح عثمان بن جني الموصلي، المعروفة بـ”المعرب”، وهي في شرح كتاب: “القوافي” للعالم النحوي الكبير “الأخفش”. ويعود تاريخ المخطوطة إلى بدايات القرن الخامس الهجري، حيث نسخت بتاريخ 406هـ بالخط المغربي، ولها مكانتها العلمية والتاريخية والثقافية، خاصة أن مؤلفها واحد من أشهر علماء اللغة والبلاغة والنحو والصرف في عصره، حيث عاش في القرن الرابع الهجري ما بين عامي 322 – 392هـ، والمخطوطة عبارة عن مجلد يضم 58 رقًا من الرقوق من دون ترتيب، وكتبت بخط مغربي أسود على رقوق من جلد الماشية، وبعض الرقوق احتاجت لمعالجة فنية لتقويتها، وتحمل المخطوطة عنوان: “المعرب في شرح قوافي أبي الحسن الأخفش”. وتبدأ المخطوطة بالعبارة التالية: “مذكر ومذكار ومؤنث ومئناث، ومحمق ومحماق، وغير ذلك، فصار جمع أحدهما كجمع صاحبه، فإذا جمع محمقًا فكأنه قد جمع محماقًا، وكذلك متيم ومتيام”. وتنتهي بالقول: “نبني على سنن العدو بيوتنا.. لا نستجير ولا نحل حريدًا، فكذلك الشعر إذا جاء مخالفًا وبعد عن النظائر سمي ذلك العيب فيه تحريدًا.. تم الاشتقاق، ونجز الكتاب إلى آخره بحمد الله وعونه، وصلى الله على محمد النبي وآله وسلم في شهر ذي الحجة من سنة ست وأربع مائة” . وألف ابن جني في الشعر والبلاغة والنحو والصرف وله 50 كتابًا، من أشهر كتبه شرحه الصغير لديوان المتنبي، وهو ما وصلنا من شروحه عن المتنبي، و”الخصائص” و”اللمع في العربية”، و”سر صناعة الإعراب” و”علم العروض” و”المنصف” و”التنبيه على شرح مشكلات الحماسة”. والتقى ابن جني بأبي الطيب المتنبي “303 – 354هـ”، بحلب عند سيف الدولة الحمداني، كما التقاه في شيراز عند عضد الدولة، وكان المتنبي يحترمه ويقول فيه: “هذا رجل لا يعرف قدره كثير من الناس”، وكان إذا سئل عن شيء من دقائق النحو والتصريف في شعره يقول: “سلوا صاحبنا أبا الفتح”، ويعد ابن جني أول من قام بشرح أشعار ديوان المتنبي، وكان أبو المتنبي يقول: “اسألوا ابن جني فإنه أعلم بشعري مني”.
مشاركة :