استهلت أسعار النفط الخام تعاملات الأسبوع الجاري على ارتفاع جيد بعد مؤشرات على تعثر التوصل إلى اتفاق في المباحثات النووية، التي تجريها الولايات المتحدة والقوى الدولية مع إيران بشأن الاتفاق النووي لعام 2015، التي تجري في فيينا، ما قلص المخاوف من وفرة المعروض في سوق النفط الخام. وصعدت أسعار النفط أكثر من دولار للبرميل بدعم من توقعات بأن زيادة وفيرة في الطلب تغذيها حملات التطعيم ضد كوفيد-19 ستكون كافية لاستيعاب نفط إيراني سيعاد إطلاقه إلى السوق إذا حدث تقدم في المحادثات الغربية مع طهران. ووفقا لـ"رويترز"، ارتفعت العقود الآجلة لخام برنت 1.56 دولار، أو 2.4 في المائة، عند 68 دولارا للبرميل في حين صعدت عقود خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي 1.61 دولار، أو 2.5 في المائة، إلى 65.19 دولار للبرميل. كما تلقت الأسعار دعما من تعافي الطلب على النفط في الولايات المتحدة وأوروبا مقابل ضعف الطلب الآسيوي بسبب الجائحة في الهند وعدة دول أخرى، بينما تواصل مجموعة "أوبك+" تنفيذ سياسات التخفيف التدريجي لقيود الإنتاج خلال شهور الصيف لتضيف مليوني برميل يوميا بحلول شهر تموز (يوليو) المقبل. ويقول لـ"الاقتصادية" مختصون ومحللون نفطيون إن تعافي الطلب العالمي يتم بوتيرة أسرع من أي زيادة في العرض، وذلك نتيجة انتشار لقاحات كورونا وتخفيف القيود وإنهاء حالات الإغلاق المشدد في الولايات المتحدة وأوروبا وغيرها من دول العالم. وفي هذا الإطار، يقول روبرت شتيهرير، مدير معهد فيينا الدولي للدراسات الاقتصادية إن مخاوف تخمة المعروض ووفرة الإمدادات تراجعت على نحو واسع بعد تجدد الخلافات داخل مفاوضات إيران، ما يرجح معه تأخر التوصل إلى اتفاق ومن ثم استمرار المكاسب السعرية التي بدأت مع بداية الأسبوع الجاري. وأضاف أن العقوبات الأمريكية على كل من إيران وفنزويلا تحد كثيرا من طاقتهما التصديرية، حيث لم تقم فنزويلا بتصدير النفط مباشرة إلى الصين منذ 2019 ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى العقوبات الأمريكية، التي تواصل تقييد تصدير النفط في البلاد، ومع ذلك تقوم الصين باستيراد النفط الفنزويلي عبر مصافي التكرير الماليزية، مشيرا إلى استمرار زيادة الطلب على الوقود في البلاد، حيث سجلت مصافي النفط الصينية أعلى مستويات إنتاج في أبريل الماضي، ما يشير إلى انتعاش مستدام في معالجة الخام. من جانبه، يقول ماثيو جونسون المحلل في شركة "أوكسيرا" الدولية للاستشارات إن تعافي الطلبين الأوروبي والأمريكي يتم بوتيرة سريعة ومبشرة بسبب انخفاض الإصابات وعودة حركة السفر وانتشار اللقاحات، وهو ما يفوق تأثير أزمة الطلب الراهنة في آسيا، موضحا أن بنك جولدمان ساكس يتوقع أن يضيف الطلب العالمي نموا بنحو 4.6 مليون برميل يوميا خلال الشهور الثلاثة المقبلة، بينما تتوقع منظمة "أوبك" نموا بنحو ستة ملايين برميل يوميا بنهاية العام الجاري، وذلك في خطوة كبيرة نحو استعادة مستويات الطلب قبل اندلاع الوباء. فيما يقول لوكاس برتريهر المحلل في شركة "أو إم في" النمساوية للنفط والغاز إن "أوبك+" تقوم بدور محوري في دعم التوازن والاستقرار في سوق النفط الخام، وتستعد لاجتماع وزاري مهم في مطلع الشهر المقبل لتقييم وضع الإمدادات في ضوء زيادة تدريجية بدأت في مايو الجاري، وتستمر حتى يوليو المقبل، إضافة إلى الإمدادات من الدول المعفاة من قيود الإنتاج. وأشار إلى السياسات المرنة التي تتبعها المجموعة في تصحيح بعض الزيادات وإجراء التعويضات اللازمة ورفع نسبة الامتثال لخطط خفض الإنتاج إضافة إلى استمرار التشاور والحوار الفعال مع المستهلكين لدفع السوق نحو توازن مستدام مرجحا أن تستمر المجموعة في نهج الزيادات التدريجية نفسه، وأن تثمن التطورات الإيجابية في الطلب العالمي بشكل عام خاصة مع تخفيف قيود الجائحة في أمريكا وأوروبا. وتشير نايلا هنجستلر مدير إدارة الشرق الأوسط في الغرفة الفيدرالية النمساوية إلى أن التفاؤل بتعافي الطلب قوي ويهيمن بشدة على السوق، وهو ما دفع عديدا من أكبر الدول المنتجة للنفط في العالم أخيرا بوضع خطط لزيادة طاقتها الإنتاجية للاستفادة من تعافي الطلب وتحسبا من احتمال وصول قريب إلى ذروة الطلب وبهدف الاستفادة القصوى من الموارد النفطية. وذكرت أن روسيا من أبرز الدول المنتجة، التي تسارع في الاستثمار وتكثيف قدراتها الإنتاجية على الرغم من تمسكها بقيود الإنتاج من خلال دورها القيادي في مجموعة "أوبك+"، وقد بلغ معدل الإنتاج اليومي 11.3 مليون برميل يوميا، وهو رقم قياسي، وهي تركز على الاستفادة من الطلب العالمي المتزايد خاصة خلال الأعوام الثمانية المقبلة. من جانب آخر، حجبت منظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك" أمس، أسعار سلتها، التي تضم متوسطات أسعار 13 خاما من إنتاج الدول الأعضاء بالمنظمة، وذلك بسبب العطلة العامة في النمسا.
مشاركة :