عملت شركة آبل على قلب إعدادات الخصوصية في نظامها البيئي في نظام تشغيل الهواتف الذكية الخاص بها (آي أوإس) iOS رأسًا على عقب، بعد تطبيق سياسات الخصوصية الجديدة أو ما يُسمى (شفافية تتبع التطبيقات) Apps Tracking Transparency عند إطلاق الإصدار النهائي من نظام التشغيل (آي أوإس 14.5) iOS 14.5 في شهر أبريل الماضي. حيث ستعمل ميزة الخصوصية الجديدة التي تُعرف اختصارًا باسم (ATT) على إغلاق تدفق البيانات التي استخدمها مطورو التطبيقات وشركات القياس والمعلنون لربط سلوك المستخدمين عبر التطبيقات ومواقع الويب عبر هواتف آيفون، ويمكن أن تعيد هذه الخطوة تشكيل صناعة الإعلان الرقمي بشكل كامل، لأن القرار اصبح في يد المستخدم في اختيار من يمكنه تتبعه ومن لا يمكنه. ومن المتوقع أن تشكل ميزة الخصوصية الجديدة من آبل ضربة كبيرة لسوق الإعلانات التي تستهدف المستخدمين، وهو أمر بالغ الأهمية للشركات الكبرى التي تعتمد هذا النموذج في أعمالها، مثل: شركتي فيسبوك وجوجل والعديد من ناشري الأخبار، وبينما سيشعر كبار مزودي المحتوى الرقمي بتأثيرات سياسات ATT الجديدة، فإن مجموعات البيانات الكبيرة المملوكة لهم والتي جمعوها على مر السنين السابقة قد تحميهم على المدى الطويل. ولكن من المرجح أن تتأثر الشركات الصغيرة، مثل: شركات التجارة الإلكترونية التي تعتمد على الإعلانات المستهدفة للوصول إلى العملاء، وموفري قياس البيانات الذين يجمعون بيانات التطبيقات وينظمونها وبيعها لاحقًا لمن يرغب، صعوبة أكبر في التكيف مع هذه السياسات الجديدة من آبل. اما عن شركة آبل فإن طرحها لسياسات الخصوصية هذه من شأنه أن يؤدي إلى ترسيخ مكانتها كشركة رائدة في مجال الخصوصية وحماية بيانات المستخدم وتعزيز علامتها التجارية الذي سيكون له آثار إيجابية دائمة على مبيعات أجهزتها وخاصة الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. كيف سيمثل نهج شركة آبل الجديد مشكلة كبرى للمعلنين؟ بكل تأكيد وحسب العديد من التقارير، فإن سياسات الخصوصية الجديدة التي طرحتها شركة آبل يمثل مشكلة واضحة للمعلنين الذين يعتمدون على الإعلانات المستهدفة، حيث أنه سيجعل من الصعب عليهم ربط سلوك المستخدم بشكل هادف عبر التطبيقات ومواقع الويب في نظام التشغيل iOS، وسيشكل هذا تحديًا كبيرًا لطريقة الإعلان التي تعتمد على خوارزميات الاستهداف التي تحقق أداء جيدًا في الوقت الحالي. حيث تقوم هذه التقنية ليس فقط في ملاحظة الإعلانات التي يشاهدها المستخدمون وينقرون عليها، ولكن أيضًا من يتابع لاتخاذ الإجراءات ذات الصلة على موقع الويب أو في التطبيق الذي نُشر فيه الإعلان، وبشكل عام، يمكن توقع أن تعمل (ATT) على جعل الإعلانات أقل صلة بالمستهلكين إلى حد كبير وجعلها نتائجها أقل جودة للمعلنين باستثناء الإعلانات التي يقدمها نظام الإعلانات المخصصة من آبل . إذًا، كيف يمكن لشركات الإعلان والمعلنون التكيف مع سياسات الخصوصية الجديدة من آبل؟ 1- الاستثمار في تقنيات جديدة للإعلان: يجب على الشركات الإعلانية والمعلنين أن تخطط جيدًا للمستقبل من خلال إنشاء تقنية إعلانية تتوافق مع سياسات الخصوصية الجديدة من آبل، ومن ثم يجب أن يُنظر إلى هذا التغيير الجذري في سوق صناعة الإعلانات المستهدفة على أنه فرصة للاستثمار في تقنيات جديدة ومبتكرة لا تتوافق فقط مع سياسات آبل ولكنها تفعل ذلك بطريقة تتطلع إلى المستقبل. 2- فهم أن الحلول البديلة لسياسات آبل الجديدة ليست حلاً قابلاً للتطبيق طويل الأجل: قد يبدو الأمر رخيصًا نسبيًا أو مباشرًا عند بناء حلول تحافظ على سير العمل الإعلاني وخطط القياس عن طريق مخالفة سياسات النظام الأساسي بشكل خفي، ولكن اتباع هذا النهج لا يؤدي إلى تحقيق نتائج جيدة على المدى الطويل، ومن ثم يجب على الشركات أن تستثمر في الحلول الحقيقية، وليس الحيل التي تستغل الثغرات أو تستند إلى قواعد لا يتم تطبيقها بشكل كامل. 3- الانتقال بعيدًا عن النماذج الحتمية التي تتمحور حول المستخدم: يمكن للشركات والمعلنين استخدام نماذج أكثر شمولاً على المستوى الكلي تنظر في الاختلافات في الإنفاق الإعلاني والأرباح بمرور الوقت لربط الفعالية بالحملات الإعلانية الخاصة بهم، وقد يتطلب هذا النهج خبرة متطورة في علم البيانات، وقد يكون من الصعب ضبط هذه الأنواع من النماذج بشكل صحيح، لكن حل القياس الذي يعتمد على التطور الإحصائي يكون أكثر قوة واستمرارية من الحل الذي يعتمد على دقة هوية المستخدم. 4- فهم الجمهور جيدًا والاعتماد بشكل أقل على المنتجات المتخصصة: المنتجات التي تعاني أكثر من غيرها من فقدان التقنية المستندة إلى المعرف (IDFA) هي تلك التي تستهدف الجماهير المتخصصة وتعتمد على معدلات عالية جدًا من المشاركة في تحقيق الدخل، أو مستويات كثيفة للغاية من تحقيق الدخل من خلال استهداف شريحة صغيرة من العملاء. ومن ثم فإن بناء منتج أكثر جاذبية على نطاق واسع هو أفضل استراتيجية للتغلب على تدهور فعالية الإعلان، فكلما زاد عدد الأشخاص الذين يتقبلون المنتج، يجب أن تكون الإعلانات أقل استهدافًا للوصول إلى العملاء. 5- الإبداع في صناعة الإعلان: في ظل غياب إمكانات الاستهداف التي يتم فتحها باستخدام معرّفات الأجهزة والتاريخ السلوكي، يمكن للمعلنين التركيز على تصميم الإعلانات بطريقة أكثر إبداعًا لزيادة الاستقبال الذي تتلقاه إعلاناتهم مع العملاء المحتملين، حيث يمكن أن تساعد في الوصول إلى أكثر شرائح الجمهور ملاءمةً من خلال الإعلانات المصممة بشكل أكثر إبداعًا من المنافسين.
مشاركة :