هناك الكثير من القصص المؤلمة التي تعكس معاناة أطفال ضحايا الحرب في عدن، منها قصة إطفاء الطفل أدهم أول شمعة في مسيرة سنوات حياته، يوم 29 سبتمبر المنصرم، بحفل متواضع جداً في المنزل، حضرته والدته وغاب عنه والده المحامي الشاب إيليا طارق العمراوي، الذي راح ضحية أحد قناصة ميليشيا الحوثي وصالح، في 10 مايو الفائت بأحد شوارع مدينة كريتر بعدن، وما يضاعف معاناة الطفل أدهم، هو إصراره الدائم على البحث عن والده بطريقته الشخصية، من خلال نطق كلمة بابا والإشارة إلى صورة تجمعه بوالده على شاشة الجوال. كما تعد قصة طفلة أخرى فقدت والدها في الحرب بعدن، من إحدى القصص المؤلمة في واقع الحياة التي فرضت على أطفال ضحايا الحرب، حيث ذبحت تلك الطفلة الصغيرة البالغة من عمرها ثلاثة أعوام، والتي تسكن مع والدتها وأفراد أسرتها في أحد البيوت الشعبية الصغيرة والمتواضعة بعدن، قلوب كل من حولها، لعدم كفها عن سؤالها اليومي لهم جميعاً أين بابا. وأخذت القصة الإنسانية التي تختزل تفاصيل واقعة البكاء اللاشعوري للإعلامي الإماراتي صالح البحار، عقب احتضانه الطفلة اليمنية في عدن، التي تُدعى منة، وتبلغ من العمر ثمانية أعوام، بُعداً إنسانياً كبيراً، وجسَّدت القصة معاناة عشرات، بل مئات الأطفال من سكان محافظة عدن، وعموم المحافظات اليمنية، الذين حُرموا من حنان ورعاية الأب والأم، بعدما غيبهم الموت إثر سقوطهم ضحايا بنيران ميليشيا المتمردين التابعين لجماعة الحوثي والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، في الحرب التي شناها على اليمن واليمنيين من دون استثناء. وأكد الإعلامي البحار، الذي ذاعت صورته في الصحف ومواقع التواصل الاجتماعي ومنتديات الإنترنت وشبكات الهواتف الذكية على نطاق واسع خلال الأيام الماضية، أنه قرر أن يكفل الصغيرة بواسطة هيئة الهلال الأحمر الإماراتي، في ظل الوضع الإنساني والنفسي، الذي تعيشه الطفلة بعد مقتل والدها . وقال البحار، وهو مراسل لتلفزيون أبوظبي وأصيل إمارة الشارقة، ومازال يواصل أداء مهمته في الأراضي اليمنية، حول حيثيات الصورة وتفاصيل الواقعة: إن الطفلة تدعى منة، وعمرها 8 سنوات، التقيتها في دار الأيتام والطفولة الآمنة في عدن . وأضاف حين وصلنا إلى موقع الحفل في دار الأيتام وكان هناك الكثير من الأطفال الأيتام، الذين بدأنا نلعب ونغني معهم، وكانت ضمنهم البنت، التي احتضنتها باكياً في الصورة، بعدها بقليل اقتربت مني، وقالت لي ببراءة الطفولة وبكلمات متعثرة ومترددة: أنت تشبه أبي، اللي ما جانا هذا العيد، لأنه شهيد. استطردت بعدها الطفلة اليمنية؛ تطلب منه طلباً فاجأه: أقدر أناديك بابا. وأكد : هنا فعلاً لم أتمكن من السيطرة على مشاعري، بعد أن قلبت كلماتها البسيطة كياني، وأنا أرى البراءة والألم يقترنان بمزيج مؤثر في وجه الطفلة الصغيرة، المفجوعة بوالدها الشهيد، وهي تختارني لتقول لي كلمة بابا، لأحتضنها فوراً، فيما لم أتمالك نفسي وأخذت أبكي معها.
مشاركة :