رأت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية في افتتاحيتها لعدد اليوم الثلاثاء، أن العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي يوم أمس ضد شركات الطيران في بيلاروسيا تمثل في حقيقة الأمر اختباراً جديا لمصداقية الغرب في رده على تحويل مسار طائرة مدنية إلى مينسك لاعتقال صحفي معارض. وقالت الصحيفة في مستهل الافتتاحية التي نشرتها على موقعها الالكتروني، إن الاعتقاد التقليدي للمسئولين الغربيين بأن فرض أي عقوبات جزئية على بيلاروسيا، من شأنها أن تبعد مينسك عن مدار الغرب وتُقربها من روسيا، لم يعد صالحاً، وهذا لأن زعيم بيلاروسيا ألكسندر لوكاشينكو يعتمد كلياً في سياساته على الكريملين. الأمر الذي يستبعد احتمالات أن موسكو لم تكن على علم بمؤامرة اختطاف الصحفي رومان بروتاسيفيتش، 26 سنة. وأضافت الصحيفة أن العديد من المواطنين الروس غادروا، بشكل مثير للربية، الرحلة الجوية التابعة لشركة "ريان أير"، والتي كان سيتقلها بروتاسيفيتش من اليونان إلى ليتوانيا، وهو ما يستدعى من أوروبا الرد على موسكو إذا ثبت تدخلها في القضية في ضوء حقيقة أن نظام لوكاشينكو ينحسب على صديقه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وتابعت: أن أوروبا بحاجة أيضا إلى فرض عقوبات على المقربين من النظام في مينسك الذين يساعدون في دعم نظام لوكاشينكو، وذلك لتوجيه رسالة رفض أقوى حتى يضطر رجال الأعمال المخادعون إلى دفع ثمن دعمهم للنظام، حتى هذا لا يكفي؛ حيث تدعو المعارضة البيلاروسية الآن إلى فرض عقوبات اقتصادية أوسع، بما يشمل ذلك عقوبات ضد الصادرات الرئيسية من الوقود والأسمدة، والتي تعد مصدرًا مهمًا للإيرادات لحكومة لوكاشينكو. كما يجب أن يكون الاتحاد الأوروبي، بدعم من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، على استعداد لفرض مثل هذه العقوبات إذا لم يتراجع قمع الديمقراطية وحقوق الإنسان في بيلاروسيا، ولم يتم إطلاق سراح الناشطين المعارضين. ومضت الصحيفة تقول: إن الاختطاف الرسمي لطائرة أوروبية تقل ركاب معظمهم من الاتحاد الأوروبي لا يمكن أن يمر دون عقاب، ومثلما دفع إسقاط طائرة الخطوط الجوية الماليزية "MH17" بصاروخ روسي فوق أوكرانيا في عام 2014 الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات اقتصادية أكثر صرامة على موسكو، يجب أن تستدعي هذه الواقعة عقوبات مماثلة. وكان زعماء الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وافقوا، في اجتماع عقدوه ليلة أمس في بروكسيل، على منع شركات الطيران في التكتل من استخدام المجال الجوي لبيلاروسيا، متعهدين بفرض عقوبات اقتصادية جديدة عليها. تعليقا على ذلك، قالت الصحيفة البريطانية: إن وقف الرحلات الجوية عبر المجال الجوي البيلاروسي وحظر شركة الطيران الوطنية بيلافيا من خدمة الوجهات الأوروبية سيكون استجابة مناسبة لخرق لوكاشينكو الصارخ لقانون الطيران، وبالطبع سوف يعاقب البيلاروس إذا كانت شركات النقل الأخرى غير قادرة على تقديم خدمات بديلة مع الأخذ بعين الاعتبار أن النخبة البيلاروسية الأكثر ثراءً- والتي غالبًا ما تكون متحالفة مع نظام لوكاشينكو- هي من تستمتع بالسفر الجوي. في الوقت نفسه، وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن الإجراءات البيلاروسية بأنها "مشينة"، قائلا إنها "اعتداءات مخزية على المعارضة السياسية وحرية الصحافة".
مشاركة :