إن مجريات ما يحدث في عالمنا في ظل تفشي الجائحة، تجعلنا على يقين بأهمية القاعدة التحذيرية التالية التي تطلقها منظمات وهيئات عديدة: إذا لم نتحرك الآن للحد من استخدام المضادات الحيوية، فإننا نكون بذلك نشجع على حدوث جائحة جديدة ولكن عكس «كوفيد 19» فلا يوجد لقاح يمكن أن ينقذنا. إن الخوف من «كوفيد 19» قد تسبب في زيادة المبيعات بدون وصفة طبية والوصفات الطبية داخل المستشفيات فيما يتعلق بالمضادات الحيوية مما يشعل جائحة صامتة في أعقاب جائحة «كوفيد 19». عالميا، ارتفع استخدام المضادات الحيوية في المستشفيات بشكل كبير منذ بداية الجائحة، وعلى الرغم من أن الدراسات تظهر أن 8% فقط من المرضى المصابين بـ «كوفيد 19» الذين يتم ادخالهم للمستشفيات يعانون كذلك من التهابات تتطلب مضادات حيوية، فإنه يتم إعطاء تلك المضادات لنسبة 70% منهم. إن هذا يشعل أزمة عالمية تتعلق بمقاومة المضادات الحيوية حيث تتطور البكتيريا وتصبح لديها مناعة ضد تلك الأدوية وعليه يجب أن نتحرك بسرعة من اجل السيطرة على ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية على انه أحد التهديدات الصحية الرئيسية العشرة للبشرية. إن المضادات الحيوية تعالج الالتهابات التي تتسبب بها البكتيريا وليس لديها أي تأثير على فيروس مثل «سارس كوف 2» والذي يسبب «كوفيد 19». إن الاستخدام المفرط لتلك المضادات يتسبب فقط في تسريع ظهور مقاومة المضادات الحيوية والتي سوف تحد من قدرتنا على معالجة الأمراض الشائعة. إن الالتهابات البسيطة مثل الالتهاب الرئوي أو التهاب المسالك البولية والتي يمكن معالجتها حاليا بشكل سريع من خلال المضادات الحيوية الشائعة قد تصبح من المستحيل معالجتها أو قد تصبح مميتة. إن هناك احتمالية أكبر أيضا أن تنتشر البكتيريا المقاومة للأدوية من شخص لآخر، كما أنها تُعرف بالتسبب بتفشي الأمراض على نطاق واسع في المستشفيات. إن العديد من أجنحة علاج «كوفيد 19» حول العالم تعاني حاليا من هذه المشكلة. في واقع الأمر فإن العديد من المرضى الذين يدخلون المستشفى لتلقي علاج «كوفيد 19» يقولون انهم قد استخدموا أحد المضادات الحيوية أو أكثر في المنزل في محاولة لعلاج بعض من الأعراض التي أصابتهم، وغالبا فإن استخدام تلك الأدوية قد جعلهم يشعرون بأنهم يتلقون العلاج مما جعلهم يؤخرون ذهابهم للمستشفى. ما الذي يجب أن نفعله من اجل توجيه ضربة استباقية لهذه الجائحة القادمة؟ بادىء ذي بدء يتوجب على منظمة الصحة العالمية وغيرها من الوكالات العالمية الأخرى التحدث بصراحة وبشكل أقوى وأوضح بكثير ضد استخدام المضادات الحيوية في حالات «كوفيد 19» ما لم يتم وصف تلك الأدوية على وجه التحديد لالتهاب بكتيري آخر. بالإضافة إلى ذلك يتوجب على الحكومات الوطنية تشديد القيود على مشتريات المضادات الحيوية بدون وصفة طبية. ويجب أن تتبنى المستشفيات ما يسمى باستراتيجيات إدارة المضادات الحيوية لتقليل الوصفات الطبية غير الضرورية. إن هذه الإجراءات يمكن أن تقود إلى تقليل استخدام وتكلفة المضادات الحيوية والتقليل من مخاطر الالتهابات المقاومة للمضادات الحيوية في المستشفيات. إن الاستراتيجيات الفعالة قد تتضمن تطوير إرشادات لإدارة الالتهابات الشائعة وتقييد استخدام المضادات الحيوية في الالتهابات الفيروسية وتعزيز قدرات المختبرات - وخاصة في البلدان محدودة ومتوسطة الدخل - وذلك من اجل مساعدة الأطباء على تحديد البكتيريا الصحيحة من اجل معالجتها وتوفير التعليم المستمر لجميع الأطباء. * مختصة في الأمراض المعدية في جامعة نيروبي وزميلة نيو فويسز 2021 في معهد إسبين. طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :