بين قصة أدوية الإيدز ولقاح كورونا

  • 5/27/2021
  • 01:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬المتقدمة‭ ‬الكبرى‭ ‬ممثلة‭ ‬في‭ ‬شركاتها‭ ‬العملاقة‭ ‬المتنفذة‭ ‬تكشف‭ ‬عن‭ ‬ممارساتها‭ ‬اللاإنسانية‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر،‭ ‬وتُذكرنا‭ ‬بين‭ ‬الحين‭ ‬والآخر‭ ‬بأن‭ ‬حكومات‭ ‬وشركات‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الفاحشة‭ ‬الثراء‭ ‬لا‭ ‬ترقب‭ ‬في‭ ‬شعوب‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬الفقيرة‭ ‬والمستضعفة،‭ ‬بل‭ ‬وفي‭ ‬شعوبها‭ ‬على‭ ‬حدٍ‭ ‬سواء،‭ ‬إلاَّ‭ ‬ولا‭ ‬وذمة،‭ ‬فكل‭ ‬ما‭ ‬يهمها‭ ‬هو‭ ‬الربح‭ ‬السريع‭ ‬والكبير‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬كل‭ ‬شيء‭ ‬آخر،‭ ‬سواء‭ ‬أكان‭ ‬ذلك‭ ‬صحة‭ ‬البشر،‭ ‬أو‭ ‬صحة‭ ‬البيئة‭ ‬وسلامتها‭.‬ وسأُقدم‭ ‬لكم‭ ‬مثالاً‭ ‬واحداً‭ ‬فقط‭ ‬لأبين‭ ‬لكم‭ ‬هذا‭ ‬الوجه‭ ‬غير‭ ‬الإنساني‭ ‬لهذه‭ ‬الدول‭ ‬وشركاتها‭ ‬المتحكمة‭ ‬في‭ ‬قراراتها،‭ ‬وهذا‭ ‬المثال‭ ‬هو‭ ‬قصة‭ ‬الإنسان‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬فيروس‭ ‬نقص‭ ‬المناعة‭ ‬البشرية،‭ ‬إش‭ ‬آي‭ ‬في‭ (‬HIV‭) ‬المسبب‭ ‬لمرض‭ ‬نقص‭ ‬المناعة‭ ‬المكتسبة‭ (‬الإيدز‭) (‬AIDS‭)‬،‭ ‬مقارنة‭ ‬بقصتنا‭ ‬وواقعنا‭ ‬اليوم‭ ‬مع‭ ‬لقاح‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ (‬SARS‭-‬CoV-2‭) ‬المسبب‭ ‬لمرض‭ ‬كوفيد‭_‬19‭.‬‮ ‬ وفي‭ ‬الحقيقة‭ ‬عند‭ ‬دراستي‭ ‬للحالتين،‭ ‬وجدتُ‭ ‬تطابقاً‭ ‬مشهوداً‭ ‬وكبيراً‭ ‬بينهما،‭ ‬فمسلسل‭ ‬الأحداث‭ ‬والمشاهد‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬عند‭ ‬نزول‭ ‬وباء‭ ‬مرض‭ ‬الإيدز‭ ‬على‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬ناحية‭ ‬تفضيل‭ ‬تقديم‭ ‬العلاج‭ ‬لشعوب‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬والمتقدمة،‭ ‬وإعطائهم‭ ‬الأولوية‭ ‬في‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تطويرها‭ ‬للقضاء‭ ‬على‭ ‬المرض،‭ ‬هي‭ ‬نفسها‭ ‬تقع‭ ‬الآن،‭ ‬وأُشاهدها‭ ‬أمامي‭ ‬رأي‭ ‬العين‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬اللقاحات‭ ‬التي‭ ‬تم‭ ‬تطويرها‭ ‬لمكافحة‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬وعلاج‭ ‬المرض‭ ‬الناجم‭ ‬عنه،‭ ‬وتوجيه‭ ‬النسبة‭ ‬الكبرى‭ ‬من‭ ‬جرعات‭ ‬هذه‭ ‬اللقاحات‭ ‬نحو‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الثرية‭ ‬المتطورة‭.‬ أما‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬وباء‭ ‬الإيدز،‭ ‬فقد‭ ‬تم‭ ‬تسجيل‭ ‬أول‭ ‬حالة‭ ‬رسمية‭ ‬في‭ ‬الخامس‭ ‬من‭ ‬يونيو‭ ‬1981‭ ‬في‭ ‬ولاية‭ ‬كاليفورنيا‭ ‬ثم‭ ‬نيويورك،‭ ‬وتم‭ ‬وصفه‭ ‬بأنه‭ ‬مرض‭ ‬غريب‭ ‬وجديد‭ ‬لم‭ ‬يعرفه‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬قبل،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1983‭ ‬اكتشف‭ ‬الفيروس‭ ‬المسبب‭ ‬لهذا‭ ‬المرض‭ ‬والذي‭ ‬يؤدي‭ ‬إلى‭ ‬تلف‭ ‬وقتل‭ ‬جهاز‭ ‬المناعة،‭ ‬حيث‭ ‬بلغت‭ ‬العدوى‭ ‬وأعداد‭ ‬المصابين‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1987‭ ‬نحو‭ ‬32‭ ‬ألف‭ ‬في‭ ‬أمريكا‭ ‬وحدها،‭ ‬توفي‭ ‬نصفهم،‭ ‬وفي‭ ‬مطلع‭ ‬عام‭ ‬1990‭ ‬تم‭ ‬تصنيف‭ ‬الإيدز‭ ‬المرض‭ ‬المسؤول‭ ‬الأول‭ ‬عن‭ ‬قتل‭ ‬شباب‭ ‬أمريكا‭. ‬ونظراً‭ ‬إلى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬العصيبة‭ ‬التي‭ ‬نزلت‭ ‬على‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية‭ ‬خاصة‭ ‬وانتشار‭ ‬المرض‭ ‬فيها‭ ‬كانتشار‭ ‬النار‭ ‬في‭ ‬الهشيم،‭ ‬فقد‭ ‬شمَّرت‭ ‬الحكومة‭ ‬وشركات‭ ‬الأدوية‭ ‬عن‭ ‬ساعديها‭ ‬لتطوير‭ ‬الدواء‭ ‬المناسب‭ ‬لعلاج‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬الذي‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬فلذة‭ ‬أكباد‭ ‬أمريكا،‭ ‬حتى‭ ‬توصلت‭ ‬الشركات‭ ‬إلى‭ ‬تطوير‭ ‬دواء‭ ‬واحد‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬مارس‭ ‬1987،‭ ‬وهو‭ ‬أول‭ ‬علاج‭ ‬معتمد‭ ‬للإيدز‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬زيدوفودين‭ (‬zidovudine‭)‬،‭ ‬حيث‭ ‬نجح‭ ‬الدواء‭ ‬في‭ ‬إيقاف‭ ‬نمو‭ ‬الفيروس‭ ‬ومنع‭ ‬تكاثره،‭ ‬وتم‭ ‬بيعه‭ ‬تحت‭ ‬اسم‭ ‬تجاري‭ ‬هو‭ ‬رتروفير‭ (‬Retrovir‭)‬،‭ ‬وفي‭ ‬عام‭ ‬1995‭ ‬اعتمدت‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬عقاراً‭ ‬جديداً‭ ‬هو‭ (‬saquinavir‭)‬،‭ ‬ثم‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬1996‭ ‬تم‭ ‬تطوير‭ ‬عقار‭ ‬آخر،‭ ‬حيث‭ ‬اعتمدت‭ ‬فكرة‭ ‬إعطاء‭ ‬المريض‭ ‬خليط‭ ‬من‭ ‬عدة‭ ‬أدوية‭ ‬في‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه‭. ‬وهكذا‭ ‬استمرت‭ ‬عملية‭ ‬تطوير‭ ‬الأدوية‭ ‬بسرعة‭ ‬متناهية‭ ‬وكبيرة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغربية،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬في‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وانعكست‭ ‬هذه‭ ‬التطورات‭ ‬في‭ ‬أدوية‭ ‬الإيدز‭ ‬على‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭ ‬والوفيات‭ ‬من‭ ‬المرض،‭ ‬حيث‭ ‬انخفضت‭ ‬نسبة‭ ‬الوفيات‭ ‬75‭%‬‭ ‬في‭ ‬الفترة‭ ‬من‭ ‬1994‭ ‬إلى‭ ‬1997،‭ ‬ومنذ‭ ‬عام‭ ‬1997‭ ‬حتى‭ ‬يومنا‭ ‬هذا‭ ‬وافقت‭ ‬إدارة‭ ‬الغذاء‭ ‬والدواء‭ ‬على‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬50‭ ‬نوعا‭ ‬من‭ ‬الأدوية‭ ‬والعلاج‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس‭ ‬المسبب‭ ‬للإيدز‭.‬ ولكن‭ ‬الطامة‭ ‬الكبرى‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬العلاجات‭ ‬وهذه‭ ‬الأدوية،‭ ‬وهي‭ ‬في‭ ‬مهدها‭ ‬كانت‭ ‬توزع‭ ‬وتسوق‭ ‬فقط‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الغنية‭ ‬والمتقدمة‭ ‬التي‭ ‬تتمكن‭ ‬من‭ ‬تحمل‭ ‬كلفة‭ ‬العلاج‭ ‬التي‭ ‬تراوحت‭ ‬بين‭ ‬16500‭ ‬إلى‭ ‬21‭ ‬ألف‭ ‬دولار‭ ‬للفرد‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬أي‭ ‬من‭ ‬نحو‭ ‬6100‭ ‬إلى‭ ‬7800‭ ‬دينار‭ ‬بحريني،‭ ‬أي‭ ‬أن‭ ‬العلاج‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬متوافرا‭ ‬للدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬والنامية‭ ‬المستضعفة‭ ‬التي‭ ‬كان‭ ‬وطء‭ ‬المرض‭ ‬عليها‭ ‬أشد‭ ‬تنكيلاً‭ ‬وقتلاً،‭ ‬رغم‭ ‬استغاثة‭ ‬الشعوب‭ ‬المستمرة‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة،‭ ‬ونداءات‭ ‬الحكومات‭ ‬المتكررة‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية‭ ‬للحصول‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الأدوية‭ ‬وخفض‭ ‬أسعارها‭.‬ والدول‭ ‬التي‭ ‬ضربها‭ ‬الإيدز‭ ‬ضربة‭ ‬قاسية‭ ‬كانت‭ ‬بالتحديد‭ ‬دول‭ ‬قارة‭ ‬أفريقيا‭ ‬مثل‭ ‬زيمبابوي،‭ ‬ناميبيا،‭ ‬كاميرون،‭ ‬أثيوبيا،‭ ‬كينيا،‭ ‬رواندا،‭ ‬نيجيريا،‭ ‬تنزانيا،‭ ‬وبتسوانا،‭ ‬والتي‭ ‬تراوح‭ ‬مجموع‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭ ‬فيها‭ ‬بين‭ ‬34‭ ‬و46‭ ‬مليون‭ ‬مصاب‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذه‭ ‬القارة‭ ‬الفقيرة‭ ‬كانت‭ ‬توجد‭ ‬فيها‭ ‬في‭ ‬عام‭ ‬2003‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬80‭%‬‭ ‬من‭ ‬حالات‭ ‬الوفيات،‭ ‬فعلى‭ ‬سبيل‭ ‬المثال،‭ ‬أوغندا‭ ‬عانت‭ ‬من‭ ‬قرابة‭ ‬مليونان‭ ‬مصاب،‭ ‬وألف‭ ‬واحد‭ ‬منهم‭ ‬فقط‭ ‬حصلوا‭ ‬على‭ ‬الأدوية‭ ‬ضد‭ ‬الفيروس،‭ ‬ودولة‭ ‬جنوب‭ ‬أفريقيا،‭ ‬كان‭ ‬عدد‭ ‬المصابين‭ ‬يقدر‭ ‬بنحو‭ ‬3‭ ‬ملايين،‭ ‬وأقل‭ ‬من‭ ‬2000‭ ‬كانوا‭ ‬محظوظين‭ ‬لتلقي‭ ‬الأدوية،‭ ‬حيث‭ ‬كانت‭ ‬نسبة‭ ‬الإصابات‭ ‬قرابة‭ ‬16‭ ‬ألف‭ ‬يومياً‭.‬ ومع‭ ‬كل‭ ‬هذه‭ ‬الكُرُوب‭ ‬التي‭ ‬وقعت‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬والأضرار‭ ‬الصحية‭ ‬الجسيمة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بشعوب‭ ‬هذه‭ ‬الدول،‭ ‬ورغم‭ ‬ارتفاع‭ ‬أعداد‭ ‬المصابين‭ ‬والوفيات‭ ‬وسقوط‭ ‬الضحايا‭ ‬البشرية‭ ‬من‭ ‬أطفال‭ ‬وشباب‭ ‬ونساء‭ ‬بشكلٍ‭ ‬يومي‭ ‬في‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة،‭ ‬ورغم‭ ‬وجود‭ ‬العلاج‭ ‬للمرض،‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬أصرت‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬خفض‭ ‬الأسعار،‭ ‬ورفضت‭ ‬كل‭ ‬الضغوط‭ ‬عليها‭ ‬لإعطاء‭ ‬الرخصة‭ ‬للسماح‭ ‬للدول‭ ‬النامية‭ ‬لإنتاج‭ ‬هذه‭ ‬الأدوية‭ ‬عندها‭ ‬لتخفيف‭ ‬المعاناة‭ ‬عن‭ ‬شعوبها‭ ‬بحجة‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬وبراءات‭ ‬الاختراع‭. ‬وفي‭ ‬الوقت‭ ‬نفسه،‭ ‬الحكومات‭ ‬التي‭ ‬تعمل‭ ‬فيها‭ ‬هذه‭ ‬الشركات،‭ ‬وقفت‭ ‬صامتة‭ ‬تتفرج،‭ ‬ولم‭ ‬تحرك‭ ‬ساكناً‭ ‬لإنقاذ‭ ‬البشر‭ ‬من‭ ‬شر‭ ‬هذا‭ ‬الوباء‭ ‬العظيم‭ ‬وحماية‭ ‬صحة‭ ‬الإنسان‭ ‬من‭ ‬الموت‭ ‬المحتوم‭. ‬وهكذا،‭ ‬مع‭ ‬تعنت‭ ‬الغرب‭ ‬وعدم‭ ‬اهتمامه‭ ‬بأرواح‭ ‬البشر،‭ ‬استمر‭ ‬سقوط‭ ‬الضحايا‭ ‬البشرية‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬الفقيرة‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬عشرين‭ ‬عاماً‭ ‬منذ‭ ‬اكتشاف‭ ‬المرض‭ ‬وتحت‭ ‬أعين‭ ‬ومسمع‭ ‬الدول‭ ‬الصناعية‭ ‬الثرية‭ ‬المتقدمة‭.‬ ولم‭ ‬تتغير‭ ‬معاناة‭ ‬الفقراء‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬المحتاجة‭ ‬للعلاج‭ ‬إلا‭ ‬بعد‭ ‬قرابة‭ ‬عقدين‭ ‬عصيبين‭ ‬طويلين‭ ‬من‭ ‬الزمن،‭ ‬وبالتحديد‭ ‬بعد‭ ‬الاجتماع‭ ‬الوزاري‭ ‬لمنظمة‭ ‬التجارة‭ ‬الدولية‭ ‬الذي‭ ‬عقد‭ ‬في‭ ‬الدوحة‭ ‬في‭ ‬20‭ ‬نوفمبر‭ ‬2001،‭ ‬حيث‭ ‬وافقت‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬إعلان‭ ‬الدوحة‭ ‬وتحت‭ ‬بند‭ ‬‮«‬علاقة‭ ‬التجارة‭ ‬بحقوق‭ ‬الملكية‭ ‬الفكرية‮»‬‭ (‬Trade‭-‬Related‭ ‬Aspects‭ ‬of‭ ‬Intellectual‭ ‬Property‭ ‬Rights‭) ‬على‭ ‬الرفع‭ ‬المؤقت‭ ‬لحق‭ ‬الملكية‭ ‬وإعطاء‭ ‬الرخصة‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬أدوية‭ ‬الإيدز‭. ‬وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬الشركة‭ ‬الهندية‭ ‬المعروفة‭ ‬كيبلا‭ (‬Cipla‭)‬،‭ ‬أنتجت‭ ‬الدواء‭ ‬بسعر‭ ‬تقريباً‭ ‬350‭ ‬دولاراً‭ ‬للفرد‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬أي‭ ‬نحو‭ ‬130‭ ‬ديناراً،‭ ‬وقارنْ‭ ‬الآن‭ ‬هذا‭ ‬السعر‭ ‬مع‭ ‬سعر‭ ‬الشركات‭ ‬الأمريكية‭ ‬التي‭ ‬بلغت‭ ‬معدل‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬7000‭ ‬دينار‭ ‬للفرد‭ ‬في‭ ‬السنة،‭ ‬فكم‭ ‬كانت‭ ‬أرباحهم‭ ‬من‭ ‬بيع‭ ‬هذه‭ ‬الأدوية؟‭!‬ وبعد‭ ‬أن‭ ‬قرأتَ‭ ‬مشاهد‭ ‬ومراحل‭ ‬تطوير‭ ‬أدوية‭ ‬الإيدز‭ ‬وأنماط‭ ‬توزيعها‭ ‬على‭ ‬الدول،‭ ‬أُنظر‭ ‬من‭ ‬كثب‭ ‬ماذا‭ ‬يحدث‭ ‬الآن‭ ‬للقاح‭ ‬مرض‭ ‬كورونا،‭ ‬فالدول‭ ‬الصناعية‭ ‬والغنية‭ ‬هي‭ ‬التي‭ ‬لقَّحت‭ ‬شعوبها‭ ‬أولاً‭ ‬وحصنَّتهم‭ ‬من‭ ‬المرض،‭ ‬في‭ ‬حين‭ ‬أن‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭ ‬والنامية‭ ‬تنتظر‭ ‬دورها،‭ ‬كما‭ ‬أن‭ ‬شركات‭ ‬الأدوية‭ ‬نفسها‭ ‬ترفض‭ ‬مرة‭ ‬ثانية‭ ‬التنازل‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬الملكية‭ ‬وبراءات‭ ‬اختراع‭ ‬اللقاحات‭ ‬حتى‭ ‬لا‭ ‬تنخفض‭ ‬أرباحها،‭ ‬فتمانع‭ ‬كلياً‭ ‬في‭ ‬السماح‭ ‬لشركات‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬من‭ ‬إنتاج‭ ‬اللقاح‭ ‬في‭ ‬دولها،‭ ‬والآن‭ ‬من‭ ‬جديد‭ ‬يُرفع‭ ‬طلب‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬إلى‭ ‬منظمة‭ ‬التجارة‭ ‬العالمية‭ ‬للموافقة‭ ‬على‭ ‬السماح‭ ‬لبعض‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬من‭ ‬صناعة‭ ‬اللقاح‭. ‬وجدير‭ ‬بالذكر‭ ‬أن‭ ‬أرباح‭ ‬شركات‭ ‬إنتاج‭ ‬اللقاح‭ ‬ضد‭ ‬فيروس‭ ‬كورونا‭ ‬تتضاعف‭ ‬وتتضخم‭ ‬يوماً‭ ‬بعد‭ ‬يوم،‭ ‬حسب‭ ‬المقال‭ ‬بعنوان‭: ‬‮«‬أرباح‭ ‬لقاح‭ ‬كوفيد‭ ‬تصل‭ ‬إلى‭ ‬المليارات‭ ‬لما‭ ‬لا‭ ‬يقل‭ ‬عن‭ ‬تسع‭ ‬شركات‭ ‬جديدة‭ ‬للقاح‮»‬،‭ ‬والمنشور‭ ‬في‭ ‬المحطة‭ ‬الإخبارية‭ ‬سي‭ ‬إن‭ ‬إن‭ ‬في‭ ‬22‭ ‬مايو‭ ‬والمستخلص‭ ‬من‭ ‬‮«‬قائمة‭ ‬فوربس‭ ‬للأغنياء‮»‬،‭ ‬مثل‭ ‬شركة‭ ‬موديرنا،‭ ‬وبيونتك،‭ ‬وفايزر،‭ ‬فهذه‭ ‬الأرباح‭ ‬الفاحشة‭ ‬التي‭ ‬تحققها‭ ‬هذه‭ ‬الشركات‭ ‬تؤكد‭ ‬احتكارها‭ ‬هذه‭ ‬اللقاحات‭ ‬وبيعها‭ ‬بأي‭ ‬سعر‭ ‬تشاء،‭ ‬وكل‭ ‬ذلك‭ ‬على‭ ‬حساب‭ ‬صحة‭ ‬البشرية،‭ ‬وبخاصة‭ ‬في‭ ‬الدول‭ ‬الفقيرة‭.‬ فهل‭ ‬تنجح‭ ‬الدول‭ ‬النامية‭ ‬هذه‭ ‬المرة‭ ‬أيضاً‭ ‬في‭ ‬رفع‭ ‬الغطاء‭ ‬عن‭ ‬براءات‭ ‬الاختراع‭ ‬للقاح‭ ‬كورونا‭ ‬كما‭ ‬فعلت‭ ‬بالنسبة‭ ‬إلى‭ ‬أدوية‭ ‬الإيدز‭ ‬بعد‭ ‬سنوات‭ ‬طويلة‭ ‬من‭ ‬معاناة‭ ‬المرضى‭ ‬الفقراء؟‭ ‬ bncftpw@batelco‭.‬com‭.‬bh

مشاركة :