أسهمت الإصلاحات البارزة، التي قامت بها دول مجلس التعاون الخليجي قبل تفشي جائحة «كوفيد 19» في تمكينها من الاستجابة لهذه الظروف غير المسبوقة بصورة أكثر مرونة وديناميكية ورقمية. وكشف تقرير حديث صادر عن شركة استراتيجي آند الشرق الأوسط والمعنون بـ«وضع خريطة تحول شاملة ومبتكرة لدول الخليج» النقاب عن أن الفرصة ما زالت سانحة أمام الحكومات لوضع رؤاها الطموحة وأهدافها موضع التنفيذ، وتسريع وتيرة التحول الرقمي. ويتطلب هذا التحول المنشود فهماً لخمسة محاور أساسية بالإضافة إلى الاتجاهات المرتبطة بها. وتتمثل هذه المحاور المترابطة وواسعة النطاق بالتباينات الاقتصادية والاجتماعية، والتطورات التكنولوجية الكبيرة، والآثار المترتبة على التغييرات الديموغرافية، بالإضافة إلى تنامي الاستقطاب في العالم، والتغير المستمر في الثقة المؤسسية. وأعادت الجائحة تسليط الضوء على احتياجات المنطقة للتبني السريع للتقنيات التكنولوجية المستجدة مثل الذكاء الاصطناعي، والبلوك تشين، والروبوتات، والطباعة ثلاثية الأبعاد، والهندسة الوراثية والابتكارات في مجال الطاقة. تحديات ديموغرافية بموازاة ذلك، تتزايد الضغوط والتحديات الديموغرافية فعلى مدار الـ 40 عاماً الماضية، قفز عدد السكان في دول مجلس التعاون الخليجي بمعدل بلغ 4.4 (مقارنة بالمعدل العالمي الذي بلغ 1.7). كما تشهد الدول تغييرات مستمرة على صعيد التركيبة الديموغرافية. وكي تتمكن حكومات دول مجلس التعاون الخليجي من التعامل بكفاءة مع هذه المحاور، من المهم وضع رؤية مستقبلية طموحة، بالإضافة إلى تبني نهج عمل متكامل لتحقيق ذلك، وكي ترى هذه الرؤية النور هناك حاجة لأخذ عدد من الأولويات في عين الاعتبار، وتتمثل في نماذج نمو الاقتصادية التي تضع الاقتصادات المحلية أولاً، وتبني منهجيات محورها رفاهية الأفراد تضع المواطن أولاً. فضلاً عن المؤسسات المرتكزة على الابتكار. وشدد الدكتور يحيى عانوتي، الذي يشغل منصب شريك في استراتيجي آند الشرق الأوسط على أهمية قيام الحكومات بخلق نمو اقتصادي مستدام، من خلال أجندات متنوعة تتمحور حول تطوير القدرات التنافسية والإنتاجية في المنطقة. بالإضافة إلى تعزيز السوق والمنتجات المحلية، ولتحقيق ذلك، يمكن للحكومات أن توظف مزاياها التنافسية (مثل مصادر الطاقة المتجددة الوفيرة)، وتستثمر في مجالات البحث والتطوير، وبناء سلاسل محلية في قطاعات مهمة مثل التكنولوجيا الزراعية والأدوية. وقالت ديمة السايس، الشريكة في استراتيجي آند الشرق الأوسط ومديرة مركز الفكر التابع للشركة: من الضروري أن يكون المواطن محور السياسات والخدمات، ولتحقيق ذلك يمكن للحكومات أن تعيد تصميم الاتفاقيات الحالية، بهدف خلق شبكات أكثر استدامة وشمولية لمواطنيها، ما يصب في تحسين رفاهيتهم، وفي هذا الإطار، من الأهمية بمكان التركيز على تعزيز إنتاجية الأفراد وبناء سوق العمل، الذي يقدم فرصاً مرنة وموثوقة وجاذبة في القطاع الخاص. التقنيات الرقمية ويمكن للحكومات أن تواصل الابتكار من خلال الاستفادة من التقنيات الرقمية، لتقديم خدمات مخصصة وتعزيز مشاركة المواطنين في وضع السياسات والخدمات وتنمية مرونتهم المالية، بالإضافة إلى تبني أجندات متكاملة للاستدامة. وقال الدكتور رائد قمبرجي، الذي يشغل منصب شريك في استراتيجي آند الشرق الأوسط، ويرأس قطاع الطاقة والكيماويات والمرافق في منطقة الشرق الأوسط: إنه على الرغم من أن هذه التحديات والفرص ليست بجديدة للمنطقة إلا أن أهميتها تنامت بوتيرة متسارعة، لذلك فإن تعزيز الفهم المتكامل للمحاور الإقليمية والاتجاهات المرتبطة بها يعد ضرورة كبيرة في الوقت الحاضر، بهدف تطوير ووضع سياسات متكاملة وتطبيق الإصلاحات اللازمة لوضعها موضع التنفيذ. بناء على ذلك، فإن إعادة تشكيل المستقبل المنشود تبدأ بالخطوات، التي نتخذها اليوم. تابعوا البيان الاقتصادي عبر غوغل نيوز طباعة Email فيسبوك تويتر لينكدين Pin Interest Whats App
مشاركة :