الجزائر – يشارك العشرات من الصحافيين الجزائريين بشكل غير مسبوق كمرشحين في الانتخابات النيابية المبكرة المنتظر تنظيمها في 12 يونيو المقبل، إذ لوحظ بعد كشف القوائم النهائية للترشح، سواء بالنسبة إلى الأحزاب أو المستقلين، حضور كبير للإعلاميين "أبناء السلطة الرابعة" عبر مختلف مناطق البلاد ودوائرها، وهو أمر لم يكن معهودا في الجزائر. وبدأت حملة الدعاية الانتخابية الخميس بمشاركة مرشحين يمثلون 1483 قائمة، من بينها 646 تمثل 28 حزبا سياسيا و837 مستقلة، بحسب ما أعلنه محمد شرفي، رئيس السلطة المستقلة للانتخابات. ورفضت السلطة المستقلة للانتخابات تقديم أرقام حول العدد الإجمالي للصحافيين الذين دخلوا السباق. وقال مصدر منها "إن ما هو مؤكد هو وجود العشرات من المرشحين الذين يحملون صفة صحافي عبر مختلف الولايات، وبخاصة قوائم المستقلين". وضمت قائمة مستقلة تحت تسمية "ميلة النزاهة والعمل" عن محافظة ميلة، شرقي البلاد، اسم رياض بوخدشة، رئيس المجلس الجزائري للصحافيين (نقابة مستقلة)، مع الإعلامي محمد مسلم من صحيفة "الشروق" الخاصة، فيما ترشح الصحافيان عبدالعالي مزغيش وسماح عمامرة ضمن قائمة مستقلة في محافظة أولاد جلال، جنوبي البلاد. وسيكون حاضرا في انتخابات 12 يونيو المقبل، الصحافي بلقاسم عجاج عن محافظة تيبازة (غرب العاصمة). وإلى جانب إعلاميين آخرين يمثلون مختلف محافظات البلاد، قرر الصحافي سيد أحمد فلاحي الترشح للانتخابات النيابية ممثلا لمحافظة وهران (غرب). وفي العاصمة الجزائر رشحت حركة البناء الوطني (إسلامية) الإعلامية أنيسة شايب، فيما ضمت قائمة حزب جبهة التحرير الوطني الحاكم سابقا اسم الصحافية عبلة عيساتي. ويتنافس 28 حزبا سياسيا، ومرشحون يمثلون 837 قائمة انتخابية مستقلة عبر 58 ولاية، على 407 مقاعد في المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان). وتحسب الولاية بمثابة دائرة انتخابية واحدة، وتمنح عدد مقاعد متوافقة مع عدد السكان، إذ يخصص مقعد واحد لكل حصة من 120 ألف نسمة. وستشهد الانتخابات المقبلة قواعد انتخابية جديدة، بعد تعديل قانون الانتخاب، إذ يُمنع كل من سبق ومارس عهدتين برلمانيتين من الترشح. وتم إقرار نمط انتخابي يعتمد على القائمة المفتوحة التي تسمح للناخب بترتيب المرشحين داخل القائمة الواحدة حسب رغبته، بخلاف المغلقة التي كانت تفرض عليه اختيار القائمة كما هي، وفق ترتيب الحزب من دون إمكانية التصرف فيه. وقال الصحافي رياض بوخدشة، مرشح عن قائمة مستقلة (محافظة ميلة/شرق)، إنّ فكرة الترشح تشكلت من منطلق موقعه كصحافي متابع لتطورات الأوضاع في الجزائر وكنقابي في المجلس الوطني للصحافيين. ويقول بوخدشة إنّ "رسالته الأولى هي أن الصحافي هو أولى الناس بمراكز المسؤولية والقرار، ومن أكثر نخب المجتمع اطلاعا وقربا من قضايا المجتمع وما يأمله المواطن. وثانيا، ما تعانيه مهنة الصحافة من فوضى عارمة وفشل كل السياسات السابقة في تبني الانشغالات الحقيقية للصحافيين". واعتبر أنّ "البرلمانات والنواب السابقين، مع الأسف، لم يوفوا قطاع الصحافة والصحافيين حقهم من الاهتمام في النشاط التشريعي والبرلماني". وأشار إلى أنّه "طوال السنوات العشرين الماضية، لم توجد مرافعة برلمانية واحدة تناولت بجدية وتركيز مشكلات القطاع، والكل في البرلمان يستعمل الصحافيين فقط لخدمة مصالحه ولم يفكر في معاناتهم الاجتماعية". وأوضح بوخدشة أنّ "الصحافي، الذي ظل حلقة وصل بين المواطن ودولته، لن يبخل أبدا بالتزاماته عندما يتولى مسؤولية نيابية خدمة للمجتمع والقضايا الحقيقية". وفسّر إقبال الصحافيين على الترشح، بالقول "إنّهم أقرب فئات المجتمع واطلاعا على مستوى البرلمان السابق، وما انطوى عليه من ضعف في التمثيل النيابي، إضافة إلى الوعي الذي بدأ ينتشر وسط العائلة الإعلامية الجزائرية بأن مستقبلها يجب أن تصنعه بيدها". ورأى أن "إقبال الإعلاميين على الترشح عززه إتاحة الفرصة أمام القوائم الانتخابية المستقلة للمشاركة في الانتخابات". ووفق بوخدشة فإن "القوائم المستقلة عرضت على الصحافيين فرصة الترشح، كما فعلت الأحزاب ذلك، فيما شكّل صحافيون آخرون قوائم لوحدهم". وعزا الصحافي في التلفزيون الرسمي عبدالعالي مزغيش ترشحه إلى نظام الانتخابات الجديد، "إذ على الرغم من النقائص (في النظام)، فهو مشجع للكفاءات على الترشح". وقال مزغيش إنّ "إسقاط فكرة رأس القائمة الانتخابية هو من شجعه، ثم ضرورة العمل على ترقية محافظة مسقط رأسه أولاد جلال بالجنوب". وأردف "كانت رغبتي، وأنا شاب، أن أخدم ولايتي وشعبها قبل أن أصير كهلا". وحول موجة ترشح الإعلاميين، أوضح أنّ "الصحافيين هم الأقرب إلى انشغالات الناس، والأقرب أيضا من مصادر القرار". وحسب مزغيش فإن "الصحافيين هم الشّطّار بين فئات المرشحين، إضافة إلى المحامين وناشطي الجمعيات". وأشار إلى أنّ "الصحافي الذي يحتك بالمسؤولين والمواطنين يرغب في الترشح لتوسيع دائرة اهتماماته وتقوية نفسه لمحاربة أي مخالفات إدارية ومالية يطلع عليها". وكتب الصحافي محمد مسلم عن ترشحه على صفحته في فيسبوك قائلا "بعد تفكير طويل يعود إلى تشريعيات 2012، قررت هذه المرة دخول سباق الانتخابات النيابية المقبلة". وأضاف مسلم "على الرغم من بعض العروض الحزبية، فضلت الترشح في قائمة مستقلة (حرة) حتى أكون متحررا من أي وصاية". وكانت أحزاب "جبهة القوى الاشتراكية" (معارض)، و"العمال" (يسار)، و"التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" (علماني)، قد أعلنت عدم مشاركتها في الانتخابات بدعوى أن الظروف غير مهيأة لإجرائها. وفي 28 أبريل الماضي شرعت سلطة الانتخابات في دراسة ملفات المرشحين في عملية انتهت منتصف ليل الأحد الماضي. ومطلع مارس الماضي أصدر الرئيس عبدالمجيد تبون مرسوما بحل المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان)، والدعوة إلى انتخابات مبكرة.
مشاركة :