مع تلك النقلة من كونك موظفًا إلى مدير يتغير كل شيء، وثمة تبعات جمة لهذه النقلة، وما تعامل المدير بذكاء إلا أحد هذه التبعات، لا شك طبعًا أن الذكاء والحنكة مطلوبان للموظف والمدير على حد سواء، لكنهما للمدير أوجب. وذلك لأن المدير يتعامل مع العديد من الأطراف: موظفين، وقادة آخرين، ولفيف من أصحاب المصلحة أحيانًا، إننا إذًا أمام شخص واحد ولكن بمهام متعددة، والحق أن تعامل المدير بذكاء شرط نجاحه في هذه المهام. ولكي تدرك أهمية تعامل المدير بذكاء تخيل أن هناك موظفًا مقصرًا في أداء عمله أو أن أحد أفراد الفريق لا يكف عن بث وتصدير الطاقة السلبية، فالتعامل بعصبية هنا ليس مفيدًا، كما أنه قد لا تكون من صلاحية المدير إقالة هذا الموظف، ومن ثم لن يكون قادرًا على الضغط على الزناد، وليس أمامه سوى التعامل الذكي. دائمًا ما يضرب المدراء الجدد أخماسًا في أسداس، فبعضهم غير قادر على استيعاب دوره الجديد، ولا على استيعاب تلك النقلة التي حدثت له من موظف إلى مدير، وهذا الخلل يظهر عادة عند بداية تولي المسؤولية وكذلك عند مواجهة المواقف الصعبة. لكن المهارة والتمرس في الأمر قد يكونان هما السبيل الوحيد إلى النجاح في الأمر. اقرأ أيضًا: استخدام التحليل النفسي في إدارة الموارد البشرية تعامل المدير بذكاء ما زلنا إلى الآن لم نتوغل في عمق المسألة موضع النظر؛ لذا سنحاول في « رواد الأعمال » رسم بعض الطرق أو وضع بعض الإرشادات التي تعزز من تعامل المدير بذكاء، وذلك على النحو التالي.. الإنصات لا نجد أهم من الإنصات في تعامل المدير بذكاء، أغلب المدراء يتكلمون دون أن ينصتوا لأحد، وهم دائمًا يمتطون صهوة الحديث، ولا يتركون لأحد فرصة للقول ولا للنقاش. هؤلاء القوم أشد خطرًا على المؤسسة من الموظف المتقاعس. لكن المدير المحنك يدرك أن الإنصات أهم من الكلام؛ فمن شأنه (أي الإنصات) أن يعينه على الفهم الأفضل للموضوع/ أو الموقف الصعب الذي هو بصدده. والإنصات يساعد المدير كذلك على فهم وجهة النظر الأخرى على الأقل، إن لم نقل التعاطف معها وفهم دوافع أصحابها. ولك أن تعلم أن مجرد الإنصات _حتى دون اتخاذ قرار أو إجراء ما_ قد ينقذ الموقف ويوصلك إلى شاطئ الأمان؛ لذا كان تعامل المدير بذكاء مرهونًا بمدى قدرته على الإنصات للآخرين. اقرأ أيضًا: فشل إدارة الموارد البشرية.. 6 علامات تحذيرية ملاحظات سلوكية واضحة إذا كنت مسؤولًا عن بعض الموظفين فلزامًا عليك أن تواجه بعض النقص والتقصير الحادث منهم، وعادة ما يكون هذا المحك الذي يبغضه كثير من المدراء ولا يحبون المواجهة فيه، لكن إحدى آيات تعامل المدير بذكاء أن يكون واضحًا بشأن نشاطات موظفيه. ولذلك تراه يقدم ملاحظات سلوكية واضحة وصريحة لهذا الموظف المقصر أو ذاك، وإنما اعتبرنا هذا التصرف ذكيًا لأمرين: الأول أنه يقلل دفاعية الشخص المقصر، والأمر الثاني أنه يمنحه المعلومات المحددة التي عليه اتباعها إن هو أراد التحسين من نفسه وتطوير أدائه. اقرأ أيضًا: كورونا.. وإدارة الموارد البشرية الاتساق إنما ينبني تعامل المدير بذكاء أيضًا على مدى كونه متسقًا؛ فمن خلال ذلك يقطع الطريق على المشكلات التي قد تأتيه من جراء عدم الاتساق هذا. وبعيدًا عن أن الاتساق ذو بعد أخلاقي من جهة ما، فإنه يقضي بألا يقول المدير إلا ما يفعل ولا يفعل إلا ما يقول. فلا يجب عليه _على سبيل المثال_ أن يضع قاعدة ما ثم يكون هو نفسه أول من يخالفها أو ينتهكها. والاتساق مهم من ناحية أخرى وهو أنه يعزز من ثقة الموظفين في المدراء؛ فالمؤكد أن الموظفين لا يثقون في مدير يخالف كل ما يقول، كما أن المدير المتسق أكثر قدرة على التعامل مع المواقف الصعبة من غيره؛ لذلك اعتبرنا الاتساق إحدى دلائل تعامل المدير بذكاء. اقرأ أيضًا: العنصر البشري أساس النجاح.. كيف تكسب ولاء الموظفين؟ وعلى كل حال فإن تعامل المدير بذكاء موضوعٌ شامل ولا يمكن الإحاطة به في مقال واحد، وإنما أردنا بالأمثلة التي ذكرناها الإشارة لا الإحاطة. اقرأ أيضًا: شريك النجاح.. خدعة استغلال المواهب توقعات إدارة الموارد البشرية.. مهارة لا بد منها مدير الموارد البشرية.. خيار مهني محتمل