على الرغم من مرور آلاف السنين على وجود ذلك المعلم شمال سوريا، إلا أن العلم لن ييأس من اكتشافه وبحث تفاصيله وأسراره. فقد اعتقد علماء آثار وباحثون أن تلة خصصت للدفن في منطقة "تل البنات" التابعة إدارياً لمحافظة حلب شمال سوريا، ربما تكون أقدم نصب تذكاري معروف للحرب في العالم. في التفاصيل، أشار تقرير نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، اليوم الجمعة، إلى أن تلة "النصب الأبيض" الموجودة في "تل البنات"، كانت بمثابة تكريم لقتلى الحرب في الألفية الثالثة قبل الميلاد، مشيراً إلى أن الباحثين اعتقدوا سابقاً أنها مقبرة جماعية قديمة لمقاتلين أعداء. أول نصب تذكاري منظم للحرب بالعالم وأوضح العاملون على التقرير أن الترتيب الممنهج للقتلى على التلة يلفت إلى أنها كانت على الأرجح نصبا تذكاريا لجيش الدولة الذي استخدم العربات في المعركة، وأن القتلى المدفونين عشوائياً في المكان يمكن أن يكونوا من أعداء تلك الدولة. فيما أشارت مؤلفة التقرير الرئيسية آن بورتر، الباحثة في جامعة تورنتو الكندية، إلى أن القدماء كانوا يكرمون قتلاهم في المعارك على غرار ما تفعله الدول الحديثة اليوم، لافتة إلى عدم وجود أدلة دامغة تؤكد ما إذا كان القتلى المدفونون في الموقع المذكور هم من أصحاب الدولة أم أعدائها. وأضافت: "نحن لا نعرف ما إذا كانوا هم المنتصرين أو الخاسرين في تلك المعركة، بل نعلم أنهم أخذوا جثث الموتى من مكان آخر، ربما بعد فترة طويلة من الحدث، ودفنوها في كومة ضخمة كانت مرئية لأميال حولها". إلى ذلك، أشار التقرير إلى أن مثل هذا الاكتشاف يمثل أول نصب تذكاري منظم معروف للحرب في أي مكان في العالم. أرض خصبة للأبحاث الأثرية ويشير إلى أن بناء هذا النصب يعدّ مشروعاً كبيراً جداً وضخماً بالنسبة لذلك الوقت، ويبعث رسالة إلى المجتمعات المجاورة. كما أنه يلفت الأنظار إلى أهمية المواقع الأثرية الأخرى في شمال ووسط سوريا، حيث يمكن أن تكون تلك المناطق أرضاً خصبة للبحث الأثري. يشار إلى أن مواقع مماثلة كثيرة تنتشر في جميع أنحاء سوريا وتحتاج إلى أبحاث لمعرفة تفاصيلها.
مشاركة :