إذا كان كل بني آدم خطاء ، فإن النصيحة والنقد البناء ، يصبحان أمرا واجبا وضروريا ، بناء على مبادئ وأسس يجب الالتزام بها ، وفي مقدمتها أن يكون من منح نفسه ، حق توجيه النقد للآخرين وإسداء النصح لهم ، مؤهلا لهذه الغاية ويتمتع لدى من يتحدث إليهم بالقبول والثقة. وأولى قواعد النقد البناء ، تسليط الضوء على المشكلة في مجملها ومن ثم اقتراح الحلول بهدف التصحيح وليس مجرد توجيه كلمات النقد ، والتي قد تصل في بعض الأحيان إلى التجريح ، فمن يبحث عن السلبيات ويغض النظر عن الإيجابيات ، يحتاج بالفعل إلى من يرشده ويعالجه ، خصوصا حين نجد في وسائل الإعلام ، أقلاما ، لا تنشغل إلا بالبحث عن السلبيات وتركيز الضوء عليها ، وكأن الأمر ليس سواها. وبلغة أخرى ، فإن النقد الحقيقي ، بمثابة عملية تقييم بناءة للتصرفات بكاملها ، تستهدف تصحيح الخطأ إن وجد ، ومواصلة النجاح في حال العمل المنضبط ، أما الانتقاد ، فهو مجرد تصيد متعمد للأخطاء ووضع الأمر في صياغة كاملة من السلبيات ، وإذا كان من الطبيعي عدم تطابق وجهات نظر بني البشر ، حيال التعامل مع المشكلات التي قد يتعرضون لها ، فإن ذلك لا يستدعي أبدا ، إطلاق سهام التشهير وتوزيعها في اتجاهات متعددة . إذ أنه وللأسف الشديد ، صرنا نرى من ينتقد ويصدر الأحكام بلا دليل ويعتمد في منطقه على معلومات غير دقيقة ، كأن ينقل الخبر من دون التأكد من مصداقيته أو يعتمد على مصادر مجهولة ، لا ثقة فيها ، ليصبح الأمر بمثابة الطعن بالنوايا والمقاصد ، والهروب بعيدا عن المعنى الرئيسي للمسألة المطروحة. في حين أن مواصفات النقد البنّاء ، العمل على وضع حلول للمشكلات والتركيز على الأفعال لا الأشخاص ، فضلا عن أنه يأتي من باب الحرص وليس البحث عن الأخطاء ، خاصة أن الطرح الموضوعي والمتوازن البعيد عن إبراز السلبيات ، يجعل احتمالات النصح أكثر قبولا من الآخرين ، ما يستدعي أن يكون الإطار العام هو النقد الإيجابي والبحث عن الحل قبل تعليق الجرس ، فلن ينصلح حال الأمم ، إلا عندما يتم وضع الأمور السلبية في إطار المعالجات وليس مجرد الانتقاد.
مشاركة :