منذ بدأ الغرب يفكر في الانتقام من الشرق المسلم، حتى تعددت خططه للقضاء على ما يعتقد أنه حماس أمة يدفعها إلى أن تحتل لها مكانة في هذا العالم، وتحمل إليه دينًا اعتقدت أنه خير الأديان، وأن اقتناع البشرية خير لهم، فكان الصدام من أول عهد للإسلام بدولة في المدينة، وكانت الحروب الصليبية حصاد انتقام دام قرونًا ولا يزال يطلع في فلتات الألسنة، وفي دراسات تعدها عصبة الاستشراق في الغرب، كلها تنفث حقدًا، وعانت شعوبنا الشرقية المسلمة من استعمار بشع همه الحصول على ثروات أوطاننا، وفتح الأبواب للتنصير في ديارنا، ولما حصل لنا من تجهيل وإفقار، واليوم أطل علينا مخطط قيل زورًا أن شعوبنا هي من قامت به ثورة على الاستبداد، وطلبًا للحرية والديمقراطية، والحياة الأفضل، ولكن ما انقشعت الغمة إلا بعد أحداث جسام لا يعقل أحد أنها إنما حدثت من أجل هذا، بل صاحبها القتل والتدمير، وإطلاق السجناء الجنائيين من القتلة ومهربي المخدرات، وأصبحت الأوطان ساحة حرب نتائجها مزيد من الضعف والتخلف، ورأينا من يتحدث عن ربيع العرب كما أسماه من خططوا له في الغرب ودربوا شبابًا بزعمهم على التغيير، فكانت النتائج من السوء بمكان، وها هي شعوبنا التي زعموا أنها ثارت، تعاني بعضها يتفتت إلى كنتونات عرقية ودينية تتناحر وتتقاتل، وأخرى تعاني اقتصاديًا وسياسيًا، ولا أمل في أن تعود على الأقل إلى ما كانت عليه من قبل رغم سوء الكثير منه، إلا أن حياة الناس فيه آمنة، يطلبون لقمة العيش وإن صعبت، وفرّ الكثيرون من أوطانهم يبحثون عن المكان الآمن ولقمة العيش المغموسة بالألم، ورأينا البحر يبتلع الكثيرين منهم، وإذا استقر بهم المقام في الغرب وخلت منهم أوطانهم أمكن تقسيمها كما يشاء من خططوا لذلك، فلا تعود الأوطان التي كنا نعرف، وإنما دول لا تستطيع العيش في ساحة دولية يفرض القوي فيها ما يريد على الضعيف، فها نحن عصبة نحيط بدولة زرعت بين دولنا رغمًا عنها، وأعطيت بلدًا بعد أن أخرج منه سكانه وأصبحوا لاجئين في دول كثيرة، ولا يمكنهم العودة إليه أبدًا، ومن يحمي هذا الكيان هم اليوم الذين يستقبلون منا المهاجرين إليهم، والذين حتمًا لن يعودوا إلى أوطانهم، التي تعد اليوم لقوم آخرين يرضون أن تكون أقاليمها دولًا، وها نحن ننتظر منذ أكثر من إحدى عشرة سنة منذ احتل العراق أن يعود إليه شعبه من منافيه الاختيارية حينًا وما أجبر عليه الكثيرون نجاة بأنفسهم أن يقتلوا، وتشتت الشعب العراقي بكل مكوناته، وإنما أتاه الغربيون وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية بزعم أن يخلصوه من الاستبداد، فخلصوه من أمنه وأمانه، ووحدة أرضه وسكانه، وكذا صنعوا بأفغانستان واليوم سوريا وليبيا، ولا نضمن أن تلحق دول أخرى بذلك، ولعل اليمن كان سيلحق بهم لولا التدخل العربي الذي أوقف مخططًا شبيهًا بما مرّ بالدول الأخرى، فالتقسيم الطائفي لم تعرفه أوطاننا والمحاصصة الطائفية في المناصب لم تكن إلا في لبنان والتجربة أثبتت فشلها، فإن تنقل إلى غيره فهي خطة تدمير وتفتيت، وهي ما سعى له الغرب أولًا بعد سقوط الخلافة العثمانية وتوزيع تركة الرجل المريض كما زعموا أوخطة سايكس بيكو، التي جزأت وطننا العربي إلى دول عدة لم تستطع أن تتحد منها اثنتان إلا وفرق بينهما، وسيبقى الحال على هذا، ما لم نتخذ نحن كأمة زمام المبادرة ونهتم بدولنا وشعوبنا وننهض بها حتى نستطيع أن نمنع أي تدخل أجنبي في دولنا، فهل نفعل؟! هوما أرجو، والله ولي التوفيق. alshareef_a2005@yahoo.com
مشاركة :