ألمانيا تعترف بارتكاب إبادة في ناميبيا في عهد الاستعمار

  • 5/29/2021
  • 01:00
  • 8
  • 0
  • 0
news-picture

برلين‭-(‬أ‭ ‬ف‭ ‬ب‭): ‬اعترفت‭ ‬ألمانيا‭ ‬أمس‭ ‬الجمعة‭ ‬بأنّها‭ ‬ارتكبت‭ ‬‮«‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬‭ ‬بحق‭ ‬شعبي‭ ‬الهيريرو‭ ‬والناما‭ ‬خلال‭ ‬استعمارها‭ ‬ناميبيا‭ ‬وستدفع‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭ ‬كمساعدات‭ ‬تنموية‭ ‬لهذا‭ ‬البلد،‭ ‬في‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬أولى‮»‬‭ ‬نحو‭ ‬المصالحة‭ ‬لكن‭ ‬اعتبرها‭ ‬ناشطون‭ ‬في‭ ‬قضية‭ ‬الاتنيتين‭ ‬غير‭ ‬كافية‭. ‬وقال‭ ‬وزير‭ ‬الخارجية‭ ‬الألماني‭ ‬هايكو‭ ‬ماس‭ ‬في‭ ‬بيان‭ ‬‮«‬اعتبارا‭ ‬من‭ ‬اليوم‭ ‬سنصنّف‭ ‬رسميا‭ ‬هذه‭ ‬الحوادث‭ ‬بما‭ ‬هي‭ ‬عليه‭ ‬في‭ ‬منظور‭ ‬اليوم‭: ‬إبادة‭ ‬جماعية‮»‬‭. ‬ وقتل‭ ‬المستعمرون‭ ‬الألمان‭ ‬عشرات‭ ‬الآلاف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬شعبي‭ ‬الهيريرو‭ ‬والناما‭ ‬في‭ ‬مذابح‭ ‬ارتكبت‭ ‬بين‭ ‬1904‭ ‬و1908،‭ ‬واعتبرها‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬المؤرّخين‭ ‬أول‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬في‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬ورحّب‭ ‬ماس‭ ‬في‭ ‬بيانه‭ ‬بتوصّل‭ ‬ألمانيا‭ ‬وناميبيا‭ ‬إلى‭ ‬اتفاق‭ ‬مصالحة،‭ ‬لم‭ ‬يُعلن‭ ‬بعد‭ ‬عن‭ ‬كل‭ ‬تفاصيله،‭ ‬وجاء‭ ‬بعد‭ ‬مفاوضات‭ ‬شاقّة‭ ‬استمرّت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬خمس‭ ‬سنوات‭ ‬وتمحورت‭ ‬حول‭ ‬الأحداث‭ ‬التي‭ ‬جرت‭ ‬إبّان‭ ‬الاحتلال‭ ‬الألماني‭ ‬للبلد‭ ‬الإفريقي‭ ‬الذي‭ ‬استعمرته‭ ‬ألمانيا‭ ‬من‭ ‬1884‭ ‬إلى‭ ‬1915‭. ‬ وقال‭ ‬ألفريدو‭ ‬هنغاري‭ ‬الناطق‭ ‬باسم‭ ‬الرئيس‭ ‬الناميبي‭ ‬حاج‭ ‬غينغوب‭ ‬لوكالة‭ ‬فرانس‭ ‬برس‭ ‬إن‭ ‬هذا‭ ‬الاعتراف‭ ‬‮«‬خطوة‭ ‬في‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‮»‬‭ ‬وهو‭ ‬‮«‬أساس‭ ‬الخطوة‭ ‬الثانية‭ ‬وهي‭ ‬الاعتذار‭ ‬ثم‭ ‬التعويضات‮»‬‭. ‬وفي‭ ‬بيانه‭ ‬قال‭ ‬الوزير‭ ‬الألماني‭ ‬إنّه‭ ‬‮«‬في‭ ‬ضوء‭ ‬المسؤولية‭ ‬التاريخية‭ ‬والأخلاقية‭ ‬لألمانيا،‭ ‬سنطلب‭ ‬الصفح‭ ‬من‭ ‬ناميبيا‭ ‬ومن‭ ‬أحفاد‭ ‬الضحايا‮»‬‭ ‬على‭ ‬‮«‬الفظائع‮»‬‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬في‭ ‬حقّهم‭. ‬ في‭ ‬المقابل،‭ ‬تحرص‭ ‬برلين‭ ‬على‭ ‬عدم‭ ‬استخدام‭ ‬مصطلح‭ ‬تعويضات‭. ‬ليس‭ ‬لدى‭ ‬اتفاقية‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬لمنع‭ ‬جريمة‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬والمعاقبة‭ ‬عليها‭ ‬التي‭ ‬تمت‭ ‬صياغتها‭ ‬عام‭ ‬1948‭ ‬بعد‭ ‬الهولوكوست،‭ ‬أثر‭ ‬رجعي‭. ‬وتعتبر‭ ‬ألمانيا‭ ‬إذاً‭ ‬أن‭ ‬اعترافها‭ ‬بالإبادة‭ ‬الجماعية‭ ‬لا‭ ‬يفتح‭ ‬المجال‭ ‬لأي‭ ‬‮«‬طلب‭ ‬قانوني‭ ‬بتعويض‮»‬‭. ‬وأضاف‭ ‬الوزير‭ ‬أنّه‭ ‬في‭ ‬‮«‬بادرة‭ ‬اعتراف‭ ‬بالمعاناة‭ ‬الهائلة‭ ‬التي‭ ‬لحقت‭ ‬بالضحايا‮»‬‭ ‬فإنّ‭ ‬ألمانيا‭ ‬ستدعم‭ ‬‮«‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬والتنمية‮»‬‭ ‬في‭ ‬ناميبيا‭ ‬عبر‭ ‬برنامج‭ ‬مالي‭ ‬قيمته‭ ‬1‭.‬1‭ ‬مليار‭ ‬يورو‭. ‬ ومن‭ ‬المفترض‭ ‬أن‭ ‬يستفيد‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬الذي‭ ‬سيُدفع‭ ‬على‭ ‬مدى‭ ‬ثلاثين‭ ‬عاماً،‭ ‬أحفاد‭ ‬هذين‭ ‬الشعبين،‭ ‬خصوصاً‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬مشاريع‭ ‬للتنمية‭ ‬العقارية‭ ‬والزراعية‭. ‬واعتبرت‭ ‬جمعية‭ ‬‮«‬بوستكولونيال‮»‬‭ ‬أن‭ ‬برلين‭ ‬لم‭ ‬تعترف‭ ‬‮«‬بأي‭ ‬واجب‭ ‬تعويض‮»‬‭ ‬لكنها‭ ‬تقدّم‭ ‬هذا‭ ‬المبلغ‭ ‬‮«‬كمساعدة‭ ‬طوعية‮»‬‭ ‬لناميبيا‭. ‬وأشارت‭ ‬الجمعية‭ ‬إلى‭ ‬أن‭ ‬الاتفاق‭ ‬الذي‭ ‬لم‭ ‬يشارك‭ ‬فيه‭ ‬بشكل‭ ‬كافٍ‭ ‬ممثلو‭ ‬الاتنيتين،‭ ‬من‭ ‬شأنه‭ ‬أن‭ ‬يثير‭ ‬‮«‬الإحباط‭ ‬والاستياء‮»‬‭ ‬بدلاً‭ ‬من‭ ‬‮«‬المصالحة‮»‬‭. ‬ وقال‭ ‬مسؤول‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الهيريرو‭ ‬في‭ ‬ناميبيا‭ ‬موتجيندي‭ ‬كاتجيوا‭ ‬لفرانس‭ ‬برس،‭ ‬‮«‬لن‭ ‬نقبل‭ ‬باتفاق‭ ‬أُبرم‭ ‬بين‭ ‬هاتين‭ ‬الحكومتين‮»‬‭. ‬وينبغي‭ ‬أن‭ ‬تتمّ‭ ‬المصادقة‭ ‬على‭ ‬النصّ‭ ‬من‭ ‬جانب‭ ‬برلماني‭ ‬البلدين‭. ‬ولسنوات‭ ‬طويلة‭ ‬سمّمت‭ ‬الجرائم‭ ‬التي‭ ‬ارتكبت‭ ‬خلال‭ ‬فترة‭ ‬الاستعمار‭ ‬الألماني‭ ‬لناميبيا‭ ‬العلاقات‭ ‬بين‭ ‬البلدين‭. ‬ واعترضت‭ ‬ألمانيا‭ ‬مرارا‭ ‬على‭ ‬هذه‭ ‬المطالب‭ ‬مشيرة‭ ‬إلى‭ ‬ملايين‭ ‬اليورو‭ ‬التي‭ ‬قدمت‭ ‬كمساعدات‭ ‬للتنمية‭ ‬لناميبيا‭ ‬منذ‭ ‬استقلالها‭ ‬في‭ ‬1990‭. ‬ تمثل‭ ‬قبائل‭ ‬الهيريرو‭ ‬حوالي‭ ‬7‭ ‬بالمئة‭ ‬من‭ ‬سكان‭ ‬ناميبيا‭ ‬حاليا‭ ‬في‭ ‬مقابل‭ ‬40‭ ‬بالمئة‭ ‬في‭ ‬مطلع‭ ‬القرن‭ ‬العشرين‭. ‬وقد‭ ‬حرموا‭ ‬من‭ ‬أراضيهم‭ ‬وماشيتهم‭ ‬وتمردوا‭ ‬في‭ ‬1904‭ ‬على‭ ‬المستعمرين‭ ‬الألمان،‭ ‬ما‭ ‬أسفر‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬مئة‭ ‬من‭ ‬هؤلاء‭ ‬المستعمرين‭. ‬وعهدت‭ ‬برلين‭ ‬بمهمة‭ ‬إخماد‭ ‬التمرّد‭ ‬إلى‭ ‬الجنرال‭ ‬الألماني‭ ‬لوتار‭ ‬فون‭ ‬تروتا‭ ‬الذي‭ ‬أمر‭ ‬بإبادة‭ ‬المتمرّدين‭. ‬وبعد‭ ‬سنة‭ ‬واحدة‭ ‬تمرّد‭ ‬شعب‭ ‬الناما‭ ‬ولقي‭ ‬المصير‭ ‬نفسه‭. ‬وأسفرت‭ ‬هذه‭ ‬المذابح‭ ‬بين‭ ‬1904‭ ‬و1908‭ ‬عن‭ ‬مقتل‭ ‬ما‭ ‬لا‭ ‬يقلّ‭ ‬عن‭ ‬ستين‭ ‬ألفاً‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬شعب‭ ‬الهيريرو‭ ‬وحوالى‭ ‬عشرة‭ ‬آلاف‭ ‬من‭ ‬أبناء‭ ‬شعب‭ ‬الناما‭. ‬ واستخدمت‭ ‬القوات‭ ‬الاستعمارية‭ ‬الألمانية‭ ‬لإخماد‭ ‬هذا‭ ‬التمرّد‭ ‬تقنيات‭ ‬إبادة‭ ‬جماعية‭ ‬شملت‭ ‬ارتكاب‭ ‬مذابح‭ ‬جماعية‭ ‬والنفي‭ ‬في‭ ‬الصحراء‭ ‬حيث‭ ‬قضى‭ ‬آلاف‭ ‬الرجال‭ ‬والنساء‭ ‬والأطفال‭ ‬عطشاً‭ ‬وإقامة‭ ‬معسكرات‭ ‬اعتقال‭ ‬أشهرها‭ ‬معسكر‭ ‬‮«‬جزيرة‭ ‬القرش‮»‬‭. ‬وأرسلت‭ ‬عظام‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬جماجم‭ ‬ضحايا‭ ‬إلى‭ ‬ألمانيا‭ ‬لإجراء‭ ‬تجارب‭ ‬علمية‭ ‬عنصرية‭. ‬وكان‭ ‬الطبيب‭ ‬أوجين‭ ‬فيشر‭ ‬الذي‭ ‬خدم‭ ‬في‭ ‬‮«‬جزيرة‭ ‬القرش‮»‬‭ ‬وأثرت‭ ‬مؤلفاته‭ ‬على‭ ‬أدولف‭ ‬هتلر،‭ ‬يسعى‭ ‬إلى‭ ‬إثبات‭ ‬‮«‬تفوق‭ ‬العرق‭ ‬الأبيض‮»‬‭. ‬

مشاركة :