قال مصطفى كمال، باحث مساعد - مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن تراجع المردود الشعبي لسياسات حركة النهضة في تونس الا انها لا تزال رقم صعب في موازين القوي السياسية التونسية، اذ كشف الاستطلاع الأحدث لمؤسسة "سيغما كونساي" تدهور شعبية حركة النهضة الإخوانية في تونس، ونزول حزب الكرامة الإخواني إلى الحضيض في نوايا تصويت المستجوبين. وحل ترتيب حركة النهضة ثانيا (18%)، في نوايا التصويت بفارق كبير، بعد حزب الدستوري الحر، (38%). وأشار، إلى أن هذا الانخفاض نتيجة عدد من السياسات التي بدأت انتهاجها مع تولي الرئيس قيس سعيد مهامه الرئاسية، فعلي الرغم من دعم النهضة للرئيس قيس سعيد في مواجهة حليف النهضة الحالي نبيل القروي، الا ان الامر تغير بسبب الصراع على النفوذ والاختصاصات حيث تصاعَد الصراع بين حركة النهضة والرئيس قيس سعيّد بداية من العام الماضي 2020، حيث نشب نزاع بين الرئيس سعيّد ورئيس حركة النهضة راشد الغنوشي حول صلاحيات الغنوشي بوصفه رئيسًا للبرلمان، إذ أصدر الغنوشي بيانات تتعلق بمواقف تونس من القضايا الخارجية، وهي مِنْ صُلْب مهام رئيس الجمهورية وفقًا للدستور التونسي، وخاصة المواقف التي أطلقها الغنوشي فيما يتعلق بالصراع في ليبيا حينذاك، محاولًا استعمال موقعه في البرلمان لدعم الإسلاميين في طرابلس الغرب، وقد حسم سعيّد النزاع بأن أعلن في خطاب رسمي له بأن "تونس لديها رئيس واحد في الداخل والخارخ"، بعدها تعمَّقت نزاعات الصلاحيات بين الرئيس سعيّد ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، كما رفض سعيّد التوقيع على قانون المحكمة الدستورية التي تحاول النهضة تكريسها كسلاح في مواجهة الرئيس أو حتى الذهاب في مسار عزله عن السلطة، ليأتي إعلان سعيّد نفسه قائدًا للقوات المسلحة المدنية ليزيد من حدة الصراع بين الطرفين، إذ وصفت حركة النهضة هذه الخطوة بالتسلُّطية. كذلك تشهد تونس صراعا سياسيا بشأن التعديل الحكومي بين الرئيس قيس سعيد، ورئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، المدعوم من حركة النهضة وحزب قلب تونس، اللذين يسيطران على مجلس النواب. وأضاف كمال في تصريحات لـ"البوابة"، أن جذور الصراع تعود إلى نزعة الهيمنة التي تدير بها حركة النهضة الشأن السياسي منذ أكثر من عشر سنوات، لكنها وجدت رئيسًا من خارج الطبقة السياسية التقليدية لا يقبل المساواة أو الحلول التوافقية، ويسعى إلى تغيير نظام الحكم الذي كرَّسته وتريد له البقاء للمحافظة على مصالحها السياسية. وعلى الرغم من صعوبة توقُّع المسارات المحتملة لتطور الصراع بين الطرفين، إلا أنه يمكن حصْر هذه المسارات في إمكانية التوصل إلى تسوية، سواء عن طريق آلية الحوار الوطني المدعوم من المركزية النقابية القوية أو من خلال تسوية ثنائية، أو التصعيد عبر استعمال كل طرفٍ لصلاحياته الدستورية، فيما يبدو خيار التسوية أو الذهاب نحو حوار وطني يُفضي إلى انتخابات مبكرة الأكثر واقعية في ظل ما تعيشه البلاد من أزمات اقتصادية وسياسية وصحية حادة. مسارين الصراع وتابع: أن المسار الأول، إحياء مبادرة الحوار الوطني، التي طرحها الاتحاد العام التونسي للشغل في بداية العام الحالي، والتي قبلها الرئيس سعيّد وبقية الأحزاب السياسية لبحث عن حلول جذرية لنزاع الصلاحيات وللحسم في قضية رئاسة الحكومة، إذ لا يزال الرئيس يرفض إقرار التعديل الوزاري الذي أجراه هشام المشيشي بدعم من حركة النهضة في 16 يناير الماضي. وإذ يبدو هذا السيناريو بعيدًا في سياق تصاعُد الصراع إلا أنه يبقى متوقعًا، خاصة وأن مثل هذه المبادرة هي التي حسمت الخلافات بين حركة النهضة والمعارضة في عام 2013، في أعقاب اغتيال النائب محمد البراهمي. وأوضح، أن المسار الثاني، التوصُّل إلى تسوية ثنائية بين حركة النهضة والرئيس قيس سعيّد من خلال تخلي النهضة عن حكومة هشام المشيشي، وفي هذه سيكون للرئيس قيس سعيّد أحقية أن يختار من جديد الشخصية الأقدر لرئاسة الحكومة، وفق ما ينص عليه الفصل 98 من الدستور التونسي. ويبدو أن جناحًا داخل حركة النهضة يسعى إلى السير في هذا السيناريو، حيث كشف القيادي في الحركة العجمي الوريمي عن مشاورات تجريها الحركة مع أطراف سياسية أخرى من أجل تسوية سياسية لإنهاء الخلاف القائم، ودعا القيادي في النهضة، عماد الحمامي، إلى تقديم تنازلات وتحكيم لغة العقل والحوار، مشيرًا إلى تأييده تخلي الحركة عن رئيس الحكومة هشام المشيشي. وقال كمال، أن هذه المسارات قد تكون جزء من الحل، فالحلول يجب أن تكون جذرية وليست ترقيعية أو ظرفية مبنية على مصالح سياسية لأي حزب أو طرف. الإشكالية الأساسية تكمن في توزيع الصلاحيات بين الرئاسة والبرلمان وفقا لدستور ٢٠١٤ الذي يجب تغييره، وأن النظام السياسي الحالي فشل في إدارة البلاد، ولم يحقق أي استقرار سياسي وبالتالي أدى إلى أزمة اقتصادية واجتماعية عميقة، إذا أردنا أن نشرع في الحل يجب أن نشرع في تغيير المنظومة السياسية والتشريعية بدءا من الدستور إلى القانون الانتخابي وكل القوانين المتدخلة في الحياة السياسية، وبذلك نضمن مشهد سياسي نقى من الشوائب، يمكن للشعب التونسي أن يفرض فيه رأيه وأن يختار أي طرف بناء على برنامج واضح. النظام السياسي البرلماني أو شبه البرلماني أثبت أنه لا يتماشى مع التونسيين أو مع الواقع التونسي، وبالتالي نحن في الحزب الدستوري الحر نقترح تغيير النظام السياسي.
مشاركة :