التصعيد الأخير بين إسرائيل وحماس أعاد مصر إلى دائرة الضوء وعززت أهميتها في إدارة الصراع في الشرق الأوسط، لكن ملف حقوق الإنسان سيبقى حاضراً في علاقتها بالإدارة الأمريكية الجديدة. الرئيس الألماني عبد الفتاح السيسي كانت التحركات التي قامت بها مصر من أجل التوسط في هدنة في قطاع غزة هذا الشهر سبباً في الدفع بها إلى دائرة الأضواء، مما دفع بواشنطن إلى استئناف تعاونها مع القاهرة على أعلى المستويات، رغم خلافات حول ملف حقوق الإنسان مع إدارة الرئيس الجديد جو بايدن. الجهود الأخيرة منحت للقاهرة اعترافاً جديداً بدورها الإقليمي، مما سيساعدها حتما في الحصول على دعم للتوصل إلى اتفاق لتشغيل سد النهضة الإثيوبي الذي تراه مصر تهديداً رئيسياً لإمداداتها من مياه النيل. ورغم أن القاهرة توسطت خلال جولات العنف السابقة بين إسرائيل والفلسطينيين من خلال علاقاتها مع الجانبين، يقول محللون ودبلوماسيون إن جهودها اليوم كانت أكثر وضوحاً وبروزاً مما كانت عليه في السنوات الماضية. ومع صمود التهدئة التي بدأت قبل أسبوع بين إسرائيل وحركة حماس المسيطرة على قطاع، انطلقت جولات دبلوماسية مكوكية بين تل أبيب والقاهرة، أحدثها زيارة وزير الخارجية الإسرائيلي غابي أشكينازي اليوم الأحد في أول زيارة لوزير خارجية اسرائيل لمصر منذ 13 عاماً. قابلتها زيارات متعددة من الجانب المصري إلى القطاع، كزيارة رئيس المخابرات المصرية عباس كامل اليوم الأحد إلى غزة. "جهود أكثر نشاطاً" وحسب تصريحات نقلتها وكالة رويترز عن مسؤول من حركة حماس لم تسميه، فقد "كانت هناك جهود أكثر نشاطاً من جانب مصر والرئيس (عبد الفتاح) السيسي. كان ذلك واضحا طوال الحرب التي دامت 11 يوماً". يأتي ذلك رغم أن جذور حماس ممتدة إلى جماعة الإخوان المسلمين المحظورة والتي تستهدفها حملة قمع شديدة في مصر، إلا أن ذلك لا يمنع الأخيرة من مواصلة خط "براغماتي للغاية" في تعاملها مع الفصيل الفلسطيني، وفق ما قاله ذات المصدر لرويترز. ويرى المراقبون أن مصر تولي في الوقت الراهن أهمية شديدة لاستئناف الاتصال مع الإدارة الأمريكية، بعد صمت مطبق، لم يتحدث فيه بايدن منذ تنصيبه في يناير/ كانون الثاني الماضي سوى مرتين مع الرئيس السيسي، كانت خلال خمسة أيام. لكن محللين يقولون إن استئناف التواصل حول الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سيبقى محدوداً نظراً "للعجز الحالي" في أفق عملية السلام. وهو ما عبّر عنه نبيل فهمي وزير الخارجية المصري السابق بإشارته إلى أن "هذا الوضع هو في الغالب إدارة للصراع أكثر منه حل له"، مضيفاً أنه "في الوقت الحالي لا توجد قضايا تتعلق بعملية سلام جادة". ملف حقوق الإنسان ولا يبدو في الوقت الراهن أن مصر التي تتلقى نحو 1.3 مليار دولار مساعدات عسكرية أمريكية سنوياً، سيشفع لها دور الوسيط الفعّال بين حماس والإسرائيليين في طمس الانتقادات القوية المتعلقة بسجلها في مجال حقوق الإنسان. ووزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بدوره، سارع بعد زيارته إلى القاهرة الأسبوع الماضي إلى التذكير بقضية حقوق الإنسان وكيف أنها ستظل "مطروحة بقوة على جدول الأعمال". حفصة حلاوة الباحثة غير المقيمة بمعهد الشرق الأوسط، تعتبر أن مصر تعلمت كيف تتخطى العثرات في علاقاتها مع واشنطن، و"بعد أن أثبتت دورها في موضوع غزة فإنها كسبت مساحة تتيح لها التقاط الأنفاس فيما يتعلق بسجل حقوق الانسان". كما أشارت الباحثة إلى أن القاهرة أصبحت فاعلا "يتحلى بالصبر" في مجال السياسة الخارجية، وهذا "نابع من اعتقاد راسخ في قلب المؤسسة أن مصر أكبر من أن تفشل". كما أن القاهرة "تنطلق من قناعة بأن الولايات المتحدة وحلفاء آخرين يدركون ذلك جيدا". و.ب (رويترز)
مشاركة :