جدة الشرق أوضح الدكتور عبد الله دحلان رئيس مجلس أمناء جامعة الأعمال والتكنولوجيا، أن الحكومة السعودية تسعى حثيثاً لتنفيذ خطتها التصحيحية لأوضاع العمالة غير النظامية العاملة في المملكة، وهي الخطة التي ثار الجدل بشأنها، حيث رأى البعض أن عملية التصحيح تلك قد ينتج عنها أثاراً سلبية نظراً لما قد يحدثه تصحيح أوضاع تلك العمالة من تسريح لتلك العمالة ومن ثم التأثير على هيكل عرض العمالة وخاصة في القطاع الخاص. وتابع: إلا أن البعض الأخر رأى أن ذلك قد لا يكون صحيح كلياً؛ فتصحيح أوضاع تلك العمالة قد يوفر للسوق السعودي المزيد من الوظائف والأعمال التي يمتهنها بها السعوديين، ومن ثم تتقلص معدلات البطالة وتزيد معدلات التشغيل، من ناحية أخرى؛ فإن ترحيل العمالة غير الشرعية سيحفظ للمملكة السعودية كمية كبيرة من رأس المال كان يتم تحويلها للخارج، وعوضاً عن ذلك، سيتم الدفع بتلك الأموال كرواتب للعمال السعوديين الجدد وهو ما يسمح بزيادة معدلات الادخار والإنفاق الداخلي، دافعاً الاقتصاد السعودي إلى النمو بفعل حركة السوق الداخلية. جاء ذلك، في ورقة عمل قدمها امس بعنوان ( تأثير القرارات من ناحية قطاع الأعمال) في منتدى جدة للموارد البشرية، مشيراً إلى أن مؤشرات البيانات والإحصائيات الصادرة عن البنك الدولي في تقرير الهجرات والتحويلات المالية لعام 2011 إلى أن السعودية تقع في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة من حيث معدلات التحويلات المالية الصادرة بواقع 28 مليار دولار، وفي وضوء الإقبال الشديد من العمالة الوافدة للعمل في السعودية؛ فإن تلك القيمة من التوقع لها أن تزيد بنسب عالية خلال الأعوام القادمةخاصة، إذا ما أخذ في الاعتبار أن العمالة الوافدة غالباً ما تتجه للعمل في القطاع الخاص (تستحوذ العمالة الوافدة على 90% من إجمالي العمالة في القطاع الخاص) نظراً لعدم إقبال العمالة السعودية للعمل به نظراً لتدني أجوره مقارنة بالقطاع العام، فضلاً عن أن العمالة الوافدة لديها الاستعداد للعمل تحت أي ظرف، وهي الميزة التي قد يفتقد لها العامل السعودي. كل تلك الأسباب دفعت معدلات البطالة إلى الزيادة بشكل مطرد، خاصة بين فئات الشباب والخريجين، حيث وصلت نسبة البطالة حيث ارتفع إجمالي المتعطلين (الذكور والإناث) في عام ٢٠١٢ بنسبة ٢٫٨%، بواقع ١٧ ألف متعطلًا ليبلغ ٦٠٣ ألف متعطلًا مقابل ٥٨٦ في عام ٢٠١١ حسب إحصائيات مكتب الإحصاءات العامة والمعلومات. وأضاف الدحلان: حسب تقرير صندوق النقد الدولي عن الوضع الاقتصادي للمملكة السعودية؛ فإن معدل التحويلات من العمالة الأجنبية في المملكة خلال الفترة من 2000 إلى 2010 قدر بحوالي 67 مليار ريال سعودي سنوياً، أي ما مقداره 6.2% من إجمالي الناتج المحلي، من ناحية أخرى، فإن المملكة السعودية تعاني من ظاهرة الاقتصاد الخفي، التي تعني سوق العمالة غير الشرعية التي يعتقد البعض أن يصل حجمها لأكثر من 330 مليار ريال في العام الحالي. ولقد ساهم برنامج التصحيح عن تسريح ما يقارب من مليون عامل، في ظل توقع بتسريح ضعفهم خلال العام القادم. وبنظره فاحصة، يلاحظ أن حجم التحويلات النقدية للمليون عامل الذين تم تسريحهم تبلغ 36 مليار ريال سعودي، ذلك إذا أخذ في الاعتبار أن كل مقيم من هؤلاء العمال يصرف من دخله 25% داخل المملكة، في حين يقوم بتحويل الباقي وقدره 75% إلى موطنه الأصلي. وإذا ما تم إحلال العمالة السعودية محل تلك التي تم تسريحها، فإن ذلك يعني أن الدولة سوف ترفع من نسب التشغيل لديها في مقابل تقليص نسب البطالة من ناحية، ومع تطبيق الحد الأدنى لأجور العمالة السعودية فإن إجمالي المبالغ سيتضاعف وبالتالي سيزداد نسب الإنفاق على جميع السلع والخدمات التي يقدمها القطاعين العام أو الخاص من ناحية أخرى. وواصل: من هنا، فإن القول بوجود أثر سلبي لتسريح العمالة على القطاع الخاص قد تكون مقولة لا تجد لها من المنطق ما تستند عليه. وعلى الرغم من أن القطاع الخاص، والمجتمع السعودي ككل، قد يستشعران بشكل سلبي غياب العمالة غير الشرعية نظراً لتوقف الأنشطة التي كانوا تداوم على العمل بها، إلا أن ذلك الأثر السلبي لن يستمر طويلاً مع إحلال العمالة السعودية محل تلك التي تم تسريحها. وعليه؛ فيمكن القول بأن تسريح العمالة غير الشرعية داخل المملكة وإن كان له أثر سلبي يتمثل في توقف الأنشطة التي تقوم بها تلك العمالة، إلا أن ذلك الأثر السلبي سيزول في المدى القصير، بل أن الدولة والقطاع الخاص والمجتمع ككل سوف يشهدون أثاراً إيجابية على المدى البعيد تتمثل في زيادة معدلات التشغيل وتقليص نسب البطالة وزيادة معدلات تراكم رأس المال الوطني وتطوير الأنشطة الاقتصادية مدفوعة بتطور هامش الطلب المحلي.
مشاركة :