مرّ عام كامل على اتفاقية وقف إطلاق النار التي أنهت الاعتداء غير المسبوق الذي شنته إسرائيل على غزة على مدى أسبوع. وقد أطلق بمناسبة حلول الذكرى الأولى تحالف دولي مؤلف من 35 منظمة غير حكومية دعوة جديدة لإنهاء الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة. وقد حصدت العريضة التي أطلقتها منظمة آفاز العالمية عبر موقعها الإلكتروني بعنوان: يا قادة العالم: ارفعوا الحصار عن غزة ما يزيد على 538 ألف توقيع حتى اليوم. وفي حين أقرت الوكالات الدور الذي تؤديه الفصائل السياسية الفلسطينية ، فقد اعتبرت أن الحصار الإسرائيلي يشكل العقبة الأولية التي تعترض عملية إعادة الإعمار. وأشارت إلى ذلك في أحد بياناتها بالقول: على هذا النحو، يمكن أن تستغرق إعادة إعمار غزة 17 عاماً. إلا أن جدلية الأمن عينها ليست عذراً واهياً لصرف الانتباه عن جوهر المسألة. فرضت إسرائيل قيوداً على حرية تحرك الفلسطينيين في قطاع غزة منذ مطلع التسعينيات، إلا أن شروط الحصار الأعنف تم فرضها عقب الفوز الانتخابي الساحق الذي حققته حركة حماس عام 2006 والهزيمة التي ألحقتها بقوات تنظيم فتح عقب الصراعات العنيفة بين الطرفين عام 2007. كان الهدف آنذاك واضحاً، ولم يكن يرتبط بمسألة الأمن، بل ووفقاً لما صرح به أحد مسؤولي مجلس الأمن القومي الإسرائيلي في ذلك الوقت، حيث قال إن الهدف كان القضاء على الموقع الاقتصادي لحماس في غزة وشراء الوقت لزيادة دعم حركة فتح. وكشف مخبر دبلوماسي أميركي عام 2008، وفق وثائق ويكيليكس كيف أكد مسؤولون إسرائيليون في عدد من المناسبات نيتهم إبقاء الاقتصاد الغزاوي على حافة الانهيار من دون الدفع إلى القضاء عليه تماماً. وبقيت العناصر الأساسية وراء الحصار الإسرائيلي قائمةً حتى صيف 2010، حيث سعت إسرائيل عقب الهجوم الدموي على أسطول الحرية لغزة إلى امتصاص الغضب الدولي بتخفيف بعض الإجراءات. إلا أنها أبقت على السياسات العقابية الرئيسية، لا سيما تلك المتعلقة بما يطلق عليه الإسرائيليون تسمية سياسة الفصل التي تمنع تبادل السلع وانتقال الأشخاص بين القطاع والضفة الغربية. وليس المبرر الأمني لحصار غزة سوى خرافة يتم الترويج لها على نطاق واسع. وخلافاً لما يعتقد البعض، لا يشكل الانسحاب الأحادي للمستوطنين الإسرائيليين وإعادة نشر القوات المسلحة كما في 2005 في عملية تعرف بـفك الارتباط نهاية لموقع إسرائيل كطرف محتل. ويعتبر العنصر الرئيسي، بموجب القانون الدولي، لاختبار مدى الاحتلال مدى ممارسة الدولة سيطرة فاعلة على منطقة محددة. وقد استعادت إسرائيل، منذ العام 2005 السيطرة على خمسة من أصل ستة معابر برية لغزة، وأحكمت سطوتها على المجال الجوي ومصادر المياه. كما فرضت إسرائيل منطقة عازلة أطول امتداداً ممنوعة التجاوز تحت طائلة القتل على طول الجدار العازل داخل غزة، ومنحت قواتها حق الدخول الروتيني إلى القطاع لـضرورات عسكرية. كما أنه وبموجب القانون الدولي أيضاً، يشكل قطاع غزة جزءاً من كيان إقليمي موحد يضم الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس. لم ولن يتمكن ما يعرف بـفك الارتباط الإسرائيلي من تغيير واقع حال الأراضي الفلسطينية المحتلة.
مشاركة :