التهاب الزائدة الدودية والحمل

  • 10/4/2015
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

لم يتوصل العلماء حتى هذه اللحظة إلى الوظيفة الفسيولوجية التي تقوم بها الزائدة الدودية الموجودة إلى الجانب الأيمن من البطن تتفرع من الأمعاء الغليظة ويصل طولها إلى ما يوازي إصبع الكف، كما لم يستطع العلم الحديث التنبؤ بمشكلاتها التي تقتحم على المريض حياته بصورة مفاجئة في صورة آلام شديدة تخرجه من حياته اليومية الاعتيادية إلى قسم الطواريء في المستشفى. في الأغلب يبادر الأطباء إلى استئصال الزائدة حفاظاً على حياة المريض قبل انفجارها، حيث تنفجر في مدى زمني لا يزيد على 6 ساعات من بدء التهابها، ما يعني صعوبة الجراحة المنتظرة لاستئصالها، ففي الحالات العادية لا تحتاج الزائدة الملتهبة إلى أكثر من 20 دقيقة لإزالتها إذا لم تنفجر، أما إذا انفجرت فيحتاج تنظيف تجويف البطن من آثار الانفجار إلى ما يزيد على 8 ساعات للتأكد من تطهير كل الأحشاء منعاً لظهور التهاب جديد في تجويف البطن. وتعتبر التهاب الزائدة الدودية حالة شائعة، يصاب حوالي 7٪ من الناس بالتهاب الزائدة الدودية في مرحلة ما من حياتهم، وتشيع هذه الحالة عند الرجال أكثر من النساء، وعادة ما تحدث عند الأشخاص ما بين عمر 10 و 20 سنة، وربط بعض الأطباء الحالة بتناول المريض - قبل أيام من حدوث الالتهاب - بعض أنواع الفواكه مثل الجوافة المحتوية على البذور الصلبة، وكذلك التين الشوكي الذي يحتوي على بذور لها الخاصية ذاتها أيضاً، إذ تخترق هذه البذور الغشاء الذي يغلق بوابة الزائدة ما يسمح بدخول الفضلات إليها، وبما أنه مكان مغلق لا يسمح بعودة الفضلات مرة أخرى إلى الأمعاء الغليظة، فتتوالد البكتيريا والعفن بداخل الزائدة ما يفضي إلى التهابها وظهور الأعراض. وتعتبر أكثر المؤشرات شيوعاً الشعور بألم في منتصف البطن تماماً خلف السرة، ينتقل بعد مدة وجيزة إلى الجانب الأيمن من البطن مع ارتفاع وتيرته وحدته، حيث يزداد مع السعال أو العطس، يستطيع الطبيب تشخيصه من خلال الفحص السريري بالضغط المتدرج على موقع الزائدة ثم الإفلات المفاجىء، حيث تصيب حركة الإفلات المريض بألم شديد، كما تستطيع الفحوص الإشعاعية والتحاليل إثبات وجود التهاب في الزائدة. ولكن هل يشكل التهاب الزائدة تحدياً للطبيب إذا كانت المريضة حاملاً؟ الإجابة لا بد أن تكون بنعم، حيث يفرض الحمل واقعاً جديداً على التصميم الداخلي - إن صح التعبير - للبطن، فمع انتفاخ الرحم وإزاحته للعديد من محتويات البطن إلى الجهة العلوية يتغير موقع الزائدة الدودية نسبياً، وتنزاح ضمن المكونات الداخلية إلى أعلى يمين البطن، ويصبح تشخيص الالتهاب متداخلاً مع العديد من التشخيصات الأخرى التي ربما تحتاج إلى مهارة الطبيب وخبرته. وتعتبر حالات التهاب الزائدة الدودية من الحالات قليلة الحدوث خلال الحمل، ولكن لا يجب على الطبيب إغفال ذلك الاحتمال، وبصفة عامة بصرف النظر عمّا إذا كانت المريضة حاملاً من عدمه، فإن فلسفة الأطباء تعتمد على الشك الذي يحمي المريض، بمعنى أن الشخص العادي عندما يشكو من ألم في البطن فإن الطبيب يضع التهاب الزائدة على طاولة الاحتمالات إلى أن تظهر براءتها لاحقاً من خلال الفحوص الإكلينيكية والإشعاعية، وربما يلجأ الجراح إلى غرفة العمليات ليطلع بنفسه على الوضع من خلال جرح في البطن، وحتى إن ظهر سبب آخر للألم، فإن الاحتمالية تكون لصالح المريض، لأن اللجوء للجراحة في 100 حالة يترتب عليها اكتشاف إصابة حالة واحدة منها بالتهاب الزائدة خير- في عرف الطب - من السماح لمريض واحد بمغادرة قسم الطواريء إلى منزله، ثم يكتشف فيما بعد معاناته من التهاب الزائدة. وتلعب التغيرات التشريحية التي تطرأ على جسم المرأة أثناء الحمل دوراً في حجب أعراض المرض وعلاماته حيث تؤدي ضخامة الرحم إلى إزاحة بعض أحشاء البطن عن مكانها الطبيعي وبعدها عن جدار البطن ما يحول دون ظهور علامات المرض بنفس الوضوح الذي يشاهدها فيه الطبيب خارج أوقات الحمل، كما أن ارتفاع تعداد كرات الدم البيضاء الفيزيولوجي أثناء الحمل يلتبس بالارتفاع المرضي الذي يرافق الحالات الالتهابية ما ينعكس على دقة التشخيص وينجم الألم البطني الحاد عن التهاب الغشاء البروتيني المحيط بالأحشاء الداخلية في البطن ويغلف جدار البطن الداخلي ويحدث هذا الالتهاب بسبب التغير الكيميائي الناتج عن عصارة كل من المعدة والبنكرياس، وكذلك الدم والبول وربما ينتج عن سبب جرثومي بسبب انثقاب الأمعاء أو انفجار خراج أو الناتج عن توسع بعض الأعضاء مثل المبيض والكبد والطحال بسبب نزيف أو التهاب جرثومي أو فيروسي، أو فقر الدم الموضعي الناتج عن احتشاء أحد أحشاء البطن أو انسداد الأمعاء. نسبة حدوث التهاب بالزائدة أثناء مدة الحمل قليلة لا تتعدى 0.4% ، وعلى الرغم من ذلك إلا أنها أكثر العمليات الجراحية شيوعاً خلال الحمل، التأخير في إجراء الجراحة يؤثر بالسلب في الأم وجنينها، لكن هناك بعض الملاحظات التي يجب الانتباه إليها واستشارة الطبيب منها الشعور بالغثيان والقيء وفقدان الشهية وارتفاع في درجة الحرارة لذا يوصى بإجراء أشعة تلفزيونية على البطن، للاطمئنان على حالة الأم والجنين، ولتشخيص التهاب الزائدة الدودية، مع ملاحظة أن حدوث الإجهاض وفقدان الجنين بسبب الزائدة الدودية لا يتعدى 2% ولكن في حالة حدوث انفجار لها تزيد النسبة إلى 20%، ويفضل إجراء منظار استكشافي ويتبعه استئصال الزائدة أو اللجوء إلى الجراحة منذ البداية. يمكن للالتهاب الظهور في أي وقت من أوقات الحمل وبعد الولادة وينجم عن انسداد الزائدة الدودية ما يؤدي إلى توسعها وتوترها وانفجارها، يتجلى الالتهاب الزائد بألم حاد في منطقة السرة حيث لا يلبث أن يستقر في منطقة الزائدة الدودية نظراً لأن مكانها يرتفع كما سبق شرحه مع تقدم الحمل مسايراً لضخامة الرحم إلى أن تستقر في ربع البطن الأيمن العلوي. الغثيان والتقيؤ عرضان ملازمان لالتهاب الزائدة، ونظراً لأنهما عرضان شائعان في الثلث الأول من الحمل فترافقهما بالألم يجب أن يوجه الانتباه إلى التهاب الزائدة، إذا كانت الزائدة خلفية ومجاورة للحالب يؤدي التهابها إلى ظهور تقيح في البول من دون أن ترافقه علامات جرثومية، ونظراً لتمدد جدار البطن الأمامي أثناء الحمل وابتعاد الزائدة الدودية عنه بسبب الرحم المتضخم فإن مؤشرات التهاب الزائدة الدودية السريرية لا تكون واضحة. تجرى الجراحة بشكل شائع كجراحة ثقب المفتاح (تنظير البطن)، وتتألف من ثلاثة جروح صغيرة، كما توجد الطريقة التقليدية وهي الجراحة المفتوحة (جرح كبير وحيد فوق منطقة الزائدة) عادة إذا كانت الزائدة انفجرت. ارتفاع عدد كريات الدم البيضاء المصاحبة لالتهاب الزائدة ليس ذا أهمية تشخيصية نظراً لارتفاعه الطبيعي أيضاً أثناء الحمل، إن انفجار الزائدة الدودية أثناء الحمل في غاية الخطورة لأن رحم الحامل يدفع بالغشاء الدهني الذي يحصر الالتهاب عادة بعيداً عن الزائدة المنفجرة ما يؤدي إلى انتشار الصديد في جميع أنحاء البطن مؤدياً إلى التهاب الغشاء البروتوني العام الذي يهدد حياة المريضة، ومعالجة التهاب الزائدة الدودية أثناء الحمل دائماً يكون جراحياً وفي حال الالتباس في التشخيص فإجراء العمل الجراحي خير من الإحجام عنه وتعطى المضادات الحيوية المناسبة كما ينصح بإعطاء مثبطات المخاض. وعلى الرغم من وجود التهاب مزمن للزائدة الدودية، أي يتكرر عدة مرات على مدى زمني كبير ربما يصل إلى عدة سنوات، إلا أن الأطباء يفضلون اعتبار كل ألم في منطقة الزائدة خطر على الأم والجنين معاً، ويتم التعامل معه بمنتهى الجدية على الرغم من الصعوبات التي ترافق تخدير الحامل لإجراء جراحة الاستئصال، إذ يشكل المخدر خطراً على الجنين يحتاج إلى أن يأخذ طبيب ذلك الأمر على محمل الجد.

مشاركة :