ابتلى العراق بميليشيات طائفية مسلحة تنفذ أجندة خارجية خبيثة انضوت تحت ما يسمى بـ "الحشد الشعبي" أفتى المرجع الشيعي علي السيستاني (الإيراني الأصل) بإنشائها بدواعي محاربة "داعش"، وظفتها إيران وحشرتها تحت إمرة "الحرس الثوري" في فرض هيمنتها على العراق والعبث بأمنه ومقدراته. أضحت ميليشيا "الحشد الشعبي"، المحصنة بفتوى "كفائية"، عبئا على العراق، ومصدرا للفوضى والخراب والدمار، وواجهة عسكرية منبوذة لـ "احتلال إيراني" بغيض، تأتمر بأوامر قائد ما يسمى بـ "فيلق القدس" إسماعيل قاءاني. ذهل العالم وهو يرى قطيعا من هذا "الحشد" عبر وسائل الإعلام يفرض سيطرته العسكرية على بغداد، وهو يتجه صوب المقرات السيادية بالمنطقة الخضراء في حركة استعراضية متمردة على كل قانون سيادي يحفظ هيبة دولة. حركة استعراضية دافعها إطلاق سراح مجرم ارتكب أبشع الجرائم ضد الشعب العراقي، يقود إحدى قطعان "الحشد"، أمر القائد الأعلى للقوات المسلحة باعتقاله والتحقيق في جرائمه عبر المؤسسة القضائية وفق إجراء قانوني. "حشد" يتحمل المرجع الديني علي السيستاني مسؤولية إنشائه، فيتحمل منطقيا مسؤولية سلوكياته المنحرفة، وعبثه بأمن العراق وانتزاع سيادته لصالح إيران تنفيذا لسياستها التوسعية، وهو المسؤول وحده عن إعلان حله بإسقاط فتوى "الجهاد الكفائي" الذي انتهت مبرراته في ظل جيش يمتلك أحدث القدرات في حماية البلاد. سيادة العراق بحل ميليشيا "الحشد الشعبي" الساعية لسرقة الدولة، والتحكم بمفاصلها، وتحويلها إلى ولاية إيرانية، مطلب يدفع من أجله الشعب العراقي كبرى التضحيات، وما على "مرجعية علي السيستاني" إلا التجاوب مع الإرادة الشعبية الحرة، وإنقاذ البلاد من شر هذه الفئة الباغية. رد فعل سيادي سريع اتخذه رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، غير آبه بتهديد ميليشيات منحرفة وضغوطات إيرانية عبر وكلائها المتنفذين، واضعا هيبة الدولة فوق كل اعتبار، وهو يصدر أوامره العاجلة للقوات المسلحة بإرجاع قطعان "الحشد الموالي لولاية الفقيه" إلى جحورها، وتطهير بغداد من دنسها، وفرض هيبة القانون الذي لا يعلو عليه أحد، وأناط المهمة لـ "اللواء الأول قوات خاصة" في بسط الأمن وردع المتمردين على مبادئ الدستور، مؤكدا أن الميليشيات ليست قوة قاهرة لا يقوى أحد على لجمها، لكنها لم تجد من يجابهها فيما سبق. حركة جريئة نفذها مصطفى الكاظمي، لم تكن مجرد حركة عسكرية عابرة، هي نقطة تحول جوهري في كبح جماح ميليشيات لا تحترم سيادة أو قانون، ورسالة لا لبس فيها إلى إيران بالكف عن اندفاعها في تحريك أذرعها التي ستجد قوة وطنية في مجابهتها. مكامن قوة يحتفظ بها القائد الأعلى للقوات المسلحة مصطفى الكاظمي، أضحى قادرا على استخدامها في هذا التوقيت الدقيق، مستندا على إرادة الشعب العراقي المنتفض ضد هيمنة الفساد الإيراني وميليشياته الإجرامية، وصلاحيات دستورية تمنحه القدرة على تجريد جميع الفصائل المسلحة من وجودها، فالتشريع الدستوري لا يمنحها شرعية البقاء، أو التمثيل في العملية السياسية التي تشترط أول ما تشترط الولاء للوطن وحصر السلاح بيد الدولة دفاعا عن سيادتها المطلقة.
مشاركة :