تودع محافظة الفيوم، اليوم الأربعاء، جثمان الراحلة أيفيلين بوريه السويسرية، مؤسسة مدرسة صناعة الخزف والفخار بقرية تونس الريفية التابعة لمركز يوسف الصديق عن عمر يناهز الـ86 عاما،إذ تميزت الراحلة بحبها الشديد للقرية التي اختارتها إيفليلين لتكون مستقرها بعد أن تركتت بلدها الأم سويسرا في ستينيات القرن الماضي. وعشقت السويسرية مصر حيث قطنت بها نحو نصف قرن وتزوجت أيفيلين من الشاعر الغنائي الراحل سيد حجاب وأنجبت منه ولدا وابنة ما بين العقد الثالث والرابع من عمرهما، حيث قدمت إلى قرية تونس في رحلة معه إلى الفيوم، قبل 45 عاما، وتعلقت بالطبيعة الساحرة وبساطة أهل القرية وقررت الاستقرار فيها، حتى قامت ببناء منزل من الطوب اللبن كمثل باقي منازل القرية وقتئذن على مساحة واسعة وأوصت بدفنها في حديقته حال رحيلها، لعشقها وراحتها في هذه القرية ومنزلها البسيط. ومع استقرارها في قرية تونس وعشقها لطبيعة وبساطة أهل القرية وأطفالها الصغار، استوحت "إيفيلين" فكرة مشروعها من لهو الأطفال بالطين مشكلين مجسمات للحيوانات الحصان والحمار وبعض الطيور والجرار الزراعي وتجسيد فرن الطين التي تقمن بتسوية سيدات القرية للخبز والطعام، فتلاقى هذا مع دراستها لكلية الفنون التطبيقية بسويسرا وهوايتها، فقررت فتح مدرسة لتعليم الصغار من أبناء وبنات القرية صناعة الفخار والخزف، وأسمتها "جمعية بتاح لتدريب أولاد الحضر والريف على أعمال الخزف"، واستقطبت اغلب أطفال القرية وقامت بتعلميهم حتى أصبحوا من رواد وأصحاب ورش مهمة لفن وصناعة الخزف والفخار وتعرض أعمالهم بأغلب معارض دول العالم. ومنذ ستينيات القرن الماضي تحولت القرية تدريجيا إلى أنامل ذهبية حيث بدأ أطفال القرية يترددون على "مدرسة إيفيلين" ليتعلموا فيها صناعة الفخار، التي لم تكن معروفة هناك آنذاك، ما أصبحت معه قرية تونس الفقيرة والمجهولة مزارًا سياحيًا عالميا وأهم قرية بمصر يتردد عليها جميع جنسيات العالم والوزراء والسفراء والمحافظين، ومعرضًا للفنون اليدوية، لتتكرك خلفها إرثا يظل يحمل اسمها حتى أمد بعيد لما قدمته لهذه القرية.
مشاركة :