بعدما أرجئت لمدة عام بسبب تداعيات فيروس «كورونا»، تستعد منافسات كأس أوروبا لكرة القدم للانطلاق يوم 11 يونيو (حزيران) الحالي، وتستمر على مدار شهر كامل، في 11 مدينة موزعة على 11 دولة أوروبية، بعد إقصاء مدينتي بلباو الإسبانية ودبلن الآيرلندية. وانتقلت المباريات التي كانت مقررة في بلباو إلى مدينة مضيفة جديدة في إسبانيا أيضاً وهي إشبيلية، فيما توزعت المباريات التي كانت مقررة في دبلن بين مدينتين كانتا مدرجتين أصلاً على لائحة المدن المضيفة، وهما سان بطرسبورغ ولندن. وتعهدت المدن التي بقيت على لائحة المدن المضيفة بأن تسمح بحضور المشجعين في المدرجات لكن بنسب متفاوتة تتراوح بين 25 و100 في المائة من سعة ملاعبها. وتنطلق البطولة من «الملعب الأولمبي» في العاصمة الإيطالية روما يوم الجمعة 11 يونيو الحالي على أن تختتم بالمباراة النهائية على ملعب «ويمبلي» في لندن. وسيسمح بدخول الجماهير والتنقل إلى ملاعب المدن المستضيفة وفقاً للقواعد المتبعة لتجنب تفشي وباء «كوفيد19». ومن أجل تخفيف الضغوط عن المنتخبات المشاركة؛ قرّر «الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا)» السماح لكل منتخب بضمّ 26 لاعباً رسمياً بدلاً من 23 كما جرت العادة، خشية استبعاد أي من عناصرها إذا تعرض للإصابة بالفيروس، وبالتالي الاضطرار إلى الحجر الصحي. وسيسمح «يويفا» أيضاً باستمرار قاعدة التبديلات الخمسة لكل فريق خلال مباريات البطولة من أجل ضمان السلاسة والاستمرار في البطولة في ضوء وباء «كوفيد19». ومع بدء العد التنازلي للمنافسات الأكثر إثارة بالقارة العجوز والتي تترقبها الجماهير حول المعمورة، نستعرض في حلقات متتالية المجموعات المتنافسة، وحظوظها، وأبرز نجومها. وبعد المجموعة الأولى نلقي الضوء اليوم على منتخبات المجموعة الثانية التي تضم بلجيكا متصدرة التصنيف العالمي، والدنمارك، وروسيا، بجانب فنلندا مفاجأة التصفيات. المجوعة الثانية بلجيكا تتطلع لحصد أول لقب كبير تأمل بلجيكا أن تقتنص هذه المرة الفرصة للفوز بأول لقب كبير في تاريخها وتأكيد جدارتها بتصدر التصنيف العالمي للمنتخبات. ويحظى المنتخب البلجيكي بقيادة مدربه الإسباني روبرتو مارتينيز بمجموعة رائعة من المواهب أثبتت براعتها في مختلف الدوريات الكبرى، مثل روميلو لوكاكو الذي اختير أفضل لاعب في الدوري الإيطالي بعد التتويج مع إنتر ميلان بطلاً للدوري، وكيفن دي بروين صانع الألعاب وقائد مانشستر سيتي بطل الدوري الإنجليزي، وجناح ريال مدريد إيدن هازارد وزميله الحارس العملاق تيبو كورتوا... وغيرهم من النجوم العالميين القادرين على تهديد أي منافس. لكن المنتخب البلجيكي تلقى ضربة بإصابة دي بروين بكسر في الأنف وآخر في تجويف العين خلال الخسارة صفر - 1 أمام تشيلسي في نهائي دوري أبطال أوروبا السبت الماضي، ولم تحسم بعد قدرته على اللحاق بالتشكيلة في معسكر الإعداد. وشكك المدرب مارتينيز في إمكانية لحاق دي بروين بالجولة الأولى لكأس أوروبا عندما تبدأ بلجيكا مشوارها بمواجهة روسيا يوم 12 يونيو الحالي، لكنه سيظل في القائمة ولن يستبعد. وأوضح مارتينيز أن دي بروين (29 عاماً) «سيخضع لسلسلة فحوص بالمستشفى، لكننا محظوظون جداً بأن الكسور لا تحتاج لجراحة». وفي خطوة مفاجئة؛ قرر مارتينيز الاستعانة مجدداً بالنجم الفرنسي السابق تييري هنري في جهازه الفني قبل انطلاق كأس أوروبا. وكان هنري، (43 عاماً) ضمن الجهاز الفني لبلجيكا بين عامي 2016 و2018، حين أحرزت المركز الثالث في مونديال 2018، في أفضل نتيجة في تاريخ مشاركاتها العالمية. وسيهتمّ هنري بملف مهاجمي المنتخب لوكاكو وميتشي باتشواي وكريستيان بنتيكي. وتبدو بلجيكا المرشحة الكبرى لتصدر المجموعة الثانية بفريق يجمع بين الخبرة والشباب، لكن السمة المميزة هي الموهبة الكبيرة في كل الخطوط. ومن أصحاب الخبرة القائد يان فيرتونن، البالغ عمره 34 عاماً، والذي خاض 126 مباراة دولية، ولاعب الوسط أكسل فيتسل (110 مباريات دولية) ومهاجم نابولي دريس ميرتنز (96 مباراة دولية)، فيما يعد يوري تيلمانس (24 عاماً) صاحب هدف فوز ليستر سيتي بكأس الاتحاد الإنجليزي، من عناصر الشباب الذين ينتظرهم مستقبل كبير دولياً. وانتصرت بلجيكا في جميع المباريات العشر خلال تصفيات البطولة وأحرز لاعبوها 40 هدفاً، ليصبح أقوى خط هجوم بين فرق البطولة. وتملك بلجيكا دافعاً إضافياً بعد خسارتها المريرة في قبل نهائي كأس العالم قبل 3 أعوام؛ إذ شعرت بأنها فرطت في فرصة كتابة المجد واكتفت بالمركز الثالث. وقال مارتينيز: «كان أحد الأهداف بعد كأس العالم هو التطور وتكوين تشكيلة أكبر والاعتماد على أكثر من لاعب في كل مركز». روسيا تطمح للدور الثاني تبدو فرص روسيا ضئيلة للمنافسة على اللقب، لكنها تحلم ببلوغ أدوار خروج المغلوب في مجموعة يبدو أن بلجيكا والدنمارك الأقرب لحصد بطاقتيها الأوليين. وما زالت روسيا تحاول سد الفراغ الذي تركه اعتزال الحارس الأيقونة إيغور أكينفييف بتشكيلة تفتقر للعمق الهجومي. وقال ستانيسلاف تشيرتشيسوف؛ مدرب روسيا: «نعرف منافسينا ونقاط قوتهم، وهدفنا الاستعداد قدر المستطاع. مجموعتنا بداخلها 3 عقبات هي بلجيكا وفنلندا والدنمارك». وتذيلت روسيا مجموعتها في بطولة أوروبا 2016 في فرنسا عندما وقعت اشتباكات عنيفة بين جماهيرها ومشجعي إنجلترا في مدينة مرسيليا لتغطي على المستويات الباهتة للفريقين. ولم تفز روسيا في آخر 5 مباريات لها ببطولة أوروبا، وكان انتصارها الأخير 4 - 1 على جمهورية التشيك في نسخة 2012 التي لم تتخط فيها أيضاً دور المجموعات. وتعافت روسيا من إخفاق 2016 بالوصول إلى دور الثمانية في كأس العالم 2018 التي استضافتها في إنجاز هو الأبرز في عصر ما بعد الاتحاد السوفياتي، لكن اعتزال لاعبين بارزين والإصابات أثرا على التشكيلة الحالية. ومنذ اعتزل أكينفييف دولياً بعد كأس العالم 2018 لم يظهر أي حارس آخر بأداء مقنع لخلافته. وستعتمد روسيا بقوة على المهاجم أرتيم جيوبا ولاعب الوسط المهاجم ألكسندر غولوفين نجم موناكو والذي تألق أيضاً في كأس العالم الأخيرة. في المقابل؛ يتميز العملاق جيوبا، الذي ساعد زينيت سان بطرسبرغ في تحقيق لقب الدوري المحلي للمرة الثالثة على التوالي هذا الشهر، في ألعاب الهواء التي يبرع فيها. ويخوض المهاجم فارع الطول والضخم البطولة الأوروبية وهو يدرك أن مهمة تسجيل الأهداف الروسية تقع على عاتقه، وقال بعد أيام من صعوده منصة التتويج أثناء تسلم الميداليات مع فريق سان بطرسبرغ ومرتدياً زي شخصية «ديدبول» تقديراً لشخصية البطل الخارق من قصص «مارفل» الهزلية: «هذا (ديدبول). يمكنه فعل أي شيء، وأفضل ما يبرع فيه هو تجديد قواه. هذا أنا». وتهيمن على مسيرة جيوبا، الذي كانت أهدافه حاسمة في بلوغ روسيا أدوار خروج المهزوم في كأس العالم 2018 لأول مرة في تاريخها، فكرة التجديد الدائم، وهذا هو ما تنتظره منه جماهير بلاده في بطولة كأس أوروبا المقبلة. الدنمارك: الحلم بتكرار «معجزة 92» في كل مرة تقترب فيها بطولة أوروبا؛ يُطرح السؤال نفسه: هل يمكن للدنمارك أن تكرر معجزة 1992 عندما شاركت بدلاً من يوغوسلافيا في اللحظات الأخيرة وصدمت عالم كرة القدم بالفوز باللقب في السويد. ويقول كاسبر يولماند؛ مدرب الدنمارك: «إن هذا الإنجاز هو مصدر إلهام عظيم لنا، وعندما فازت اليونان باللقب بعد ذلك (في 2004)، أظهر ذلك أن الأمر ممكن حتى بالنسبة للدول الصغيرة. فريق 1992 يبقي الأحلام قائمة، ونعتقد أنه من الممكن فعلاً القيام بأشياء رائعة». لكن في ذلك الوقت كانت تشارك 8 فرق فقط في النهائيات في منافسة يكون ثمن ارتكاب أي خطأ فيها باهظاً. وستستفيد تشكيلة المدرب يولماند من النظام الجديد للبطولة التي باتت تضم 24 منتخباً؛ مما يمنحها مزيداً من الفرص للتأهل إلى أدوار خروج المغلوب. وكان من المقرر أن يتولى يولماند المسؤولية خلفاً للمدرب أجه هاريده بعد نهاية البطولة، لكن تأجيل المسابقة العام الماضي بسبب وباء فيروس «كورونا» عجل بتوليه المنصب حيث يستعد لخوض أول مباراتين بالبطولة بين جماهير بلاده في كوبنهاغن. وسيكون مفتاح نجاح الدنمارك هو أداء 3 لاعبين كبار يشكلون العمود الفقري للفريق؛ هم: حارس المرمى كاسبر شمايكل، والمدافع سيمون كير، وصانع اللعب كريستيان إريكسن. ويخوض شمايكل البطولة بعد موسم ناجح شهد فوز ليستر سيتي بكأس الاتحاد الإنجليزي، ويرجع الفضل في ذلك إلى حد كبير إلى إنقاذه فرصتين مؤكدتين ليحافظ على فوز فريقه 1 - صفر على تشيلسي في النهائي باستاد «ويمبلي». وأمام شمايكل يلعب كير (32 عاماً) دوراً بوصفه مدافعاً قوياً في مسيرة تنقل فيها بين العديد من الأندية الأوروبية إلى أن أصبح إحدى ركائز ميلان الإيطالي. وفي الهجوم؛ يقع العبء الإبداعي مرة أخرى على إريكسن، الذي يمكن القول إنه في أفضل حالاته على الإطلاق بعد فوزه بالدوري الإيطالي مع إنتر ميلان. وكافح إريكسن لاعب توتنهام السابق للتأقلم مع الحياة في إيطاليا بعد انضمامه إلى إنتر في يناير (كانون الثاني) 2020. وبذل جهداً كبيراً ليدخل تشكيلة المدرب أنطونيو كونتي بالقرب من نهاية الموسم. ولا يوجد شك في قدرة إريكسن على التمرير، وكانت تسديداته الرائعة لا تقدر بثمن بالنسبة للدنمارك منذ ظهوره الدولي الأول ضد النمسا في مارس (آذار) 2010. وفي وجود مواهب هجومية مثل مايكل دامسغارد وآندرياس سكوف أولسن، وروبرت سكوف. بالإضافة إلى يوسف بولسن ويوناس فيند، سيكون لدى الدنمارك حضور هجومي أكبر مما كان في السابق. لكن هل يمكنها تكرار «معجزة 1992»؟ ربما يكون أمراً مستبعداً؛ غير أنه لن يمنع الدنماركيين من الحلم.
مشاركة :